حين أدرك العالم تقصيره في تقدير حقوق الأمهات، جعل لهن يوما يحتفل فيه بهن ويعلي من قدرهن ويمنحهن بعض ما يليق بهن من أوسمة التكريم، والاعتراف بالجميل، ومن ثم جرى طقس تقوم به معظم الجهات التي تحتفل بعيد الأم، وهو اختيار أم مثالية وتكريمها وشكرها على عطائها وتكليل مسيرتها بهدية أو جائزة تقدير غالية.
وجميعنا يعلم أن أمهاتنا تستحق التكريم بأغلى ما في الدنيا وتستحق المكافأة بكل ما يسعدها ويشعرها بتقدير عطائها وتذكر فضلها، ولكن ترى من هي الأم المثالية؟ وما هي مواصفاتها ومعايير وصفها بهذا الوصف؟ هنا سيكون مقالنا منصبًا على أهم المواصفات التي يجب أن تتصف بها الأم لكي يطلق عليها “أمًا مثالية”، والمعايير الانسانية والدينية التي تحكم هذا الوصف.
ولكن قبل أن ننخرط في الحديث عن تلك النقطة، يجب أن ننوه أن الأمومة في حد ذاتها تشريف وتكليف إلهي، فكل أم مهما كان وضعها أو مهما حدث منها من تقصير أو خطأ في حق أبنائها فهي على الرأس والعين وأمومتها تاج تفخر به وتعتز به أيما فخر. ويجب علينا أن نكوم الأم في دائماً ليس في عيد الأم فقط بل طول حياتها.
كيف تكون الأم مثالية؟
معاير المثالية تختلف من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخرى، ولكننا هنا سنذكر معايير المثالية التي تقرها الإنسانية ويقرها ديننا الحنيف.
كل زوجة صالحة: صلاح الزوجة شرط في صلاح الأمومة، فالزوجة التقية النقية الحافظة للعهد والغيب، التي تعلم حدود ما أحل الله لها وما حرم عليها، هي غالبا مشروع أم مثالية، قادرة على إعداد جيلٍ صالحٍ يعرف ما له وما عليه، ويلتزم حدود الله، ويخافه، فلا يستهتر في مسئولية ولا يزيغ عن أمانة كلف بها.
كل أم ذات خلق: الأم ذات الخلق القويم والطبع السليم، التي نشأت على الصدق والأمانة، وتميزت بحسن العشرة ولين الجانب، وسلامة القلب وصفائه ونقائه من الأحقاد والأمراض التي تشوه السلوك، تستحق بجدارة أن توصف بالمثالية، شريطة أن تنقل رسالتا لأبنائها، وترويهم من نبع خلقها ونقائها ومبادئها السوية.
كل أم متحملة للمسئولية: الأم التي تعي جيدًا ما تعنيه الأمومة وما تتطلبه من مسئوليات وواجبات، وتعلم أنها بأمومتها هذه تحمل على عاتقها أمانة عظيمة، وأنها ستسأل عنها بين يدي الله عز جل، فهي تستطيع أن تكون أمًا مثاليةً، لأن من تفهم جيدًا قول النبي –صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته، فالزوجة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها)، وتستوعب أن أبنائها بعض رعيتها، فتقوم على تربيتهم وتعليمهم ما يقيهم ويلات الحياة والممات، وينجيهم من زلات الحياة وغضب المولى عز جل، فهي أم مثالية وبجدارة.
كل أم تتق الله في نفسها: وتقوى الله في نفسها تعني أن تجعل من نفسها نموذجًا طيبًا وقدوةً حسنةً لأبنائها، في خلقها وقولها وفعلها وعبادتها وعلاقتها بأبنائها وزوجها، وعلاقتها مع الله، فمتى حفظت الأم حدود الله وسارت في الحياة على منهجه، واقترفت ما يرتضيه وتجنبت ما يغضبه، كانت مثلًا صالحًا.
الأم الواعية المثقفة: الأم الواعية المثقفة التي تفهم متطلبات النجاح وتحدياته، وتعرف كيف تسلح أبنائها بالدين والخلق الكريم، والمعرفة، وتثقل خبراتهم في الحياة بالمعرفة والاطلاع وتعينهم على مواكبة العصر بكل ما يحتاجونه من المهارات، هي أم مثالية.
- الأم التي تغرس في أبنائها قيم النجاح والتميز والتطلع للأفضل على كل المستويات هي أم مثالية.
- الأم التي تقف جنبًا إلى جنب مع أبنائها في مسيرتهم العلمية والحياتية، وتراقب نجاحاتهم وإخفاقاتهم، وتعلمهم ما ينفعهم في دينهم ودنياهم
- الأم التي تغرس في أبنائها قيم الصبر والكفاح والمثابرة على رحلة الحياة، أم مثالية.
- الأم التي تعلم أبنائها الاعتماد على النفس، وتعلمهم مبدأ الإتقان والمراقبة لله والإخلاص في القول والعمل،، هي أم مثالية.
- الأم التي تعلم أبنائها حب الله والوطن، وحب الناس وتسقيهم قيم الكرم والعطاء والمساعدة للغير، والاستغناء بالله عن الآخرين، والأم التي تستطيع أن تنقل خبراتها لأبنائها ليفهموا الحياة وتحدياتها، ويستعدوا بقوة وشجاعة لتحمل مسئولياتها، هي أم مثالية.
واقرأ لك: يوم عيد الأم بكل تفاصيله
وأخيرًا: كل أم تتق الله وتنشد الأفضل لأبنائها وتبذل كل ما في طاقتها دون تقصير أو استهتار، وتطلب من الله العون والمدد والهداية والصلاح هي أم مثالية، وتسحق منا التكريم، وأن ننحني لها شكرًا تقديرًا.