ربما يعتقد البعض أنه لا يمكنه العيش بلا أصدقاء والبعض الآخر يرى أن حياته أفضل من دونهم.
هو قرار فردي وشخصي يمكننا من خلاله العمل على تطور علاقة الصداقة بالأشخاص الآخرين أو أننا نرى أن وجود الأصدقاء في حياة الزوجين من الأساس هو ما يكون سبباً في خراب البيت إن جاز التعبير، فماذا عن وجود الأصدقاء في حياة الزوجين حين يصبح القرار ثنائياً؟ وما هو دور الأصدقاء في هدم أو بناء حياة الزوجين؟ وأين تكمن الخطوط الحمراء في تلك العلاقة؟
ما هو رأي الشريك في وجود الأصدقاء في حياته؟
ترى الدكتورة كارن إيليا ” الأخصائية في علم النفس العيادي ” أن الزوجين المختلفين من حيث البيئة والمكان الذي أتى منه كليهما قد يكونا مختلفين في القناعات الشخصية التي يختلف فيها كلاهما عن الآخر حيث أن هناك شخص بطبيعة حاله لا يمكنه العيش منفرداً وإنما هو بحاجة دائماً إلى وجود الأصدقاء في حياته، لذلك فإن مثل هؤلاء الأشخاص لديهم أصدقاء حميمين في حياتهم بينما يمكن أن يكون الشريك في نفس الوقت لديه شريك واحد فقط يثق فيه ويحكي له ما يعكر عليه صفوه، ولكن حين يكون الشريك مع شريكه في بيت واحد فإن قرار دخول الأصدقاء إلى حياتهما لابد من أن يؤخذ بشكل معتدل.
على سبيل المثال، إذا كنت تشعر بالضيق من وجود أصدقاء كُثر لشريكك من حولك فإنه لا ينبغي عليك أن تمنع شريكك من ارتباطه بهؤلاء الأصدقاء لأن ذلك يشبه إزاحة جزء كبير من انطباعه وشخصيته، ولكن عندما لا نستطيع تقبُّل هؤلاء الأصدقاء لا محالة فإن الشريك يمكنه أن يقوم ببعض المساومة باتجاهنا وذلك عبر الحديث والحوار حول الأصدقاء وحول أسباب رفضنا لوجودهم في حياتنا، ومن ثم يصل الشريكين بهذه الطريقة إلى الحل الوسطي لعلاج مشكلة وجود الأصدقاء في حياتهما منذ بداية العلاقة الزوجية والتي غالباً ما نعتبرها أمر صحي بالنسبة للكثير منا في هذه الأيام.
ما هي إيجابيات وجود الأصدقاء في حياة الشريكين أو الزوجين؟
يعتبر وجود الأصدقاء سيف ذو حدين في حياة الأشخاص أو الأزواج، لذلك عند أخذ القرار بدخول الأصدقاء في حياتنا ثم على شركائنا في الحياة لابد من أن نكون على قدر كبير من النضج الكافي لمعرفة حجم تدخل هؤلاء الأصدقاء في حياتنا والأمور الخاصة بنا وما هي المساحة التي يمكنهم الدخول فيها إلى حياتنا وهذا يتطلب وعي كافي من كلا الطرفين خاصةً وأن الطرفين حتى يمكنهم التطور والنجاح في هذه الحياة لابد لهم من وجود الناس والأصدقاء من حولهم بصورة دائمة لأن الإنسان لن ينموا ويكبر بدون البيئة المحيطة به، ولكن خيارك لهذه البيئة هو ما يحدد الاتجاه الذي تسير فيه، لذلك من الضروري انتقاء الأصدقاء المقربين منك بشكل خاص ومدى وجود هؤلاء الأشخاص في حياتك الخاصة ومدى السماح لهم بخرق خصوصيتك بينك وبين شريكك أو زوجك.
بالإضافة إلى ذلك، يرى الكثير من الناس إيجابية وجود الأصدقاء في حياة الزوجين وأن يظل الإنسان منفتحاً على غيره في هذا العالم بوجود هؤلاء الأصدقاء خاصةً من لنا علاقة قديمة طيبة معهم.
على الجانب الآخر، يرى البعض أن وجود أصدقاء مقربين بيننا وبين شركائنا الأزواج لهو بالأمر السلبي الذي قد يتسبب في وجود خلافات أسرية عائلية بين الأزواج وبعضهم البعض ومن ثم قد يُهدم بيت هذين الزوجين نتيجة وجود هذه النوعية من الأصدقاء التي تهدم ولا تبني، ومن هنا يكمن أهمية اختيار الشريكين للأصدقاء الذين يطلعون على أسرار حياتهما ويحفظون تلك الأسرار ولا يتسببون في أي ضرر يلحق بهذين الشريكين.
لماذا يعترض الكثير من الناس على وجود الأصدقاء في حياة شريكه؟
تابعت ” إليا “: قد ينتقد أحد الشريكين شريكه في نوعية الأصدقاء التي يقربها له ومن ثم قد يرى الشريك الآخر وجوب عدم تدخل شريكه في وجود أصدقاء له من عدمه.
يرفض أحد الشريكين وجود أصدقاء مقربون للعائلة نتيجة عدة أسباب منها:
- طبيعة شخصيته التي تجعله غيور بدرجة كبيرة على شريكه ويشك فيه غيره كثيراً ولا يثق في الآخرين، ومن ثم لا يحب الأقرباء منه ومن نوعية الأصدقاء.
- التعرض للاختبارات السابقة في الحياة من جهة الأصدقاء الذين خرَّبوا عليه حياته، وهذا يلعب دوراً كبيراً في مدى السماح للشريك بإدخال أصدقاء إلى حياة شريكه لأن هؤلاء الأصدقاء قد يكون لهم أثر سلبي سابق في حياة كلا الزوجين.
- عند الدخول في مرحلة ما من مراحل الخلاف والاختلاف بين الشريكين على وجود الأصدقاء في حياتهما من عدمه فإن ذلك الخلاف يكون نتيجة لأن هذا الشريك لا يرى هذا البُعد السلبي لوجود الصديق في حياته بينما يمكن أن يراه شريكه الآخر بصورة أكثر وضوحاً، لذلك فإن وجود الأصدقاء في العلاقة الثنائية بين الزوجين هو اختبار شخصي لا يمكن أن يكون اختبار عام نضع فيه الشروط الواجب توافرها في الشريك الذي يدخل حياة الزوجين في كل الثنائيات والعلاقات الزوجية على وجه الخصوص.
على الرغم من أن هناك عدة دراسات أمريكية تشير إلى أن 40% من أسباب طلاق أو انفصال الزوجين عن بعضهما البعض هي نتيجة وجود الأصدقاء في حياتهما خاصةً أصدقاء السوء إن صح التعبير ولكن ذلك قد يُبرر على أنه وُجد في بيئة معينة من بيئات أميركا.
على الجانب الآخر، يرى البعض أن تكوُّن الصداقات بين العائلات الزوجية ليست هي ما تسبب الطلاق بين الزوجين على عكس البيئة الأمريكية التي تتعلق كثيراً بطبيعة الصداقات والعلاقات بين الزوجين خاصةً وأن الشريكين قد يتعروا كلياً من الداخل أمام الأصدقاء، لذلك يُنصح بوضع خطوط حمراء بيننا وبين أصدقائنا حتى وإن زادت الثقة بيننا وبين هؤلاء الأصدقاء المقربين منا، كما يجب علينا أن نترك ديمومة لهذه العلاقة بيننا وبينهم حتى لا تُفتعل أزمة بيننا وبين شركائنا بوجود الأصدقاء الغير مرغوب فيهم أحياناً من أحد الزوجين.
وختاماً، إن الأصدقاء كما يصفهم البعض هم أشخاص جيدون في كل الأحوال ولكن الاختلاط الزائد بهم من تجاهنا هو ما يعتبر الشيء المخيف في هذه العلاقة، وهنا نعود بذكر أهمية الاختبار الشخصي للصديق والذي يحدد قرار الاختلاط به من عدمه كما أن الاعتدال هو سيد الموقف في كل شيء يختص بالعلاقات بين الأفراد خاصةً علاقة الصداقة، كما يجب أن يتفهم كلا الشريكين أن أصدقاء الزوج غير ملزمين بالنسبة للزوجة وأن أصدقاء الزوجة غير ملزمين للزوج بإقامة علاقة صداقة معهم خاصةً إذا لم يتوفر عامل الارتياح لهم في هذه العلاقة حيث أن لكل شخص معاييره الخاصة في اختيار الأصدقاء والتي على أساسها يقرر الإنسان مدى قرب هؤلاء الأصدقاء منه في حياته فيما بعد.