دول الخليج العربية تتقارب من جهة أنها تواجه مشكلة بطالة في شبابها، لكن لكل دولة طريقتها في التعامل مع المشكلة، ومن اللافت سعي بعض الدول إلى حل المشكلة من جذرها، وذلك بالاعتماد على التوعية المبكرة، فقد قامت دولة الإمارات العربية بالعمل على عقد دورات توعية لأولياء الأمور من الآباء، وغالبهم من الموظفين، لكن الدورة ركزت على تثقيف الآباء بالأعمال المهنية لهدف مساعدة الأبناء على الانخراط فيها.
تثقيف الآباء بالعمل المهني أمر مهم، فالتحولات التي مرت بها المجتمعات الخليجية في العقود الماضية ومنها المملكة أفرزت نمطا ثقافيا خلفته الطفرات الاقتصادية التي واكبت مجتمعات صغيرة الحجم حينها، فتشكل مفهوم سلبي حول العمل المهني، وأصبحت الوظائف الحكومية بالدرجة الأولى خاصة المتعلقة بالجوانب الإدارية هي المفضلة، كما أن التعليم الجامعي تحول إلى ضرورة في هذه المجتمعات، وبات المجتمع ينظر إليه على أنه ضرورة، دون الأخذ في الاعتبار أن التحصيل الجامعي جزء كبير منه تعليم ثقافي، أي أنه لا علاقة له بالتوظيف مثلما هو الحال اليوم؛ الأمر الذي أوجد خلطا بين التعليم وسوق العمل.
المبادرات تجاه أولياء الأمور تسعى إلى تغيير كثير من المفاهيم عن العمل المهني، وتخطو باتجاه أن تعيد الأسرة الخليجية نظرتها إلى العمل المهني، وأن تضفي على هذه النظرة صورة إيجابية بدلا من السلبية التي ترافقت مع كثير من العوائق الاجتماعية على من يعمل في المجال المهني؛ ما شكل مع مرور الأعوام عوائق في وجه من يريد العمل، وأسهمت في تحديد خطوط معينة للتوظيف زادت من العبء على الحكومات، كما أنها أفسحت المجال لاعتماد هذه المجتمعات على العمالة الوافدة على حساب العمالة المحلية، مشكلة بذلك حالة من البطالة غير المبررة التي تتعدى أخطارها إلى جوانب نفسية وأمنية، إلى جانب النزف الاقتصادي المستمر.
بقلم: منيف الصفوقي