هل دائماً الوجع في الصدر شيء خطير؟
يقول الدكتور رامي الايراني “استشاري الأمراض الداخلية والصدر”، بالطبع لا، لكن قد يكون خطيرا. نحن نتحدث الآن عن ألم، ونتحدث عن هذا الألم في الجانب الأيمن. أولا، الألم هو نعمة، وهو نقمة. نعمة؛ لأنّه عبارة عن شخص يطرق الباب، أو ينادينا؛ ليطلب منّا أن ننتبه إلى أمرٍ ما. ونقمة؛ لأن الألم ينغّص الحياة. فالألم بحد ذاته ليس هو الخصم. الخصم هو ما الذي أحدث الألم. فإذا، الألم في الجهة اليمني يعني أن هناك شيء في الجهة اليمنى به خلل، أو به شيء غير معتاد. والألم هذا لا بد أن ينبهنا إلى أن نبحث عن هذا الشيء غير المعتاد. أعتقد أنّه لكي نعرف أسباب آلام الجهة اليمنى، علينا أن نتذكّر ما يوجد في الجهة اليمنى ولا يوجد في الجهة اليسرى. يمكننا أن نبدأ بالترتيب من الأعلى إلى الأسفل مثلا، فتجد الفقرات الرقبيّة، ثم أعصاب الحسّ من الكتف ومن الصدر إلى الفقرات الصدريّة أو الرقبيّة. فالأعصاب تنقل الحسّ من المحيط إلى المركز. ومع أي أمر يسبّب آلام في العضلات أو العظام، سيُشعَر به، حيث تنقل الأعصاب الإحساس بالألم. الآن في الطب، موضوع الـ Stress نبقيه دائما في الأخِر. يعني، مثلا نتكلم عن 10 أو 15 سبب، ثم نجعل السبب 15 أو 16، Stress، أو التوتّر أو الشدّة. في آلام الجهة اليمنى من الصدر، يبدو أن الشدّة شائعة، وربّما تكون على رأس القائمة. إذا أول سبب هو الشدّة أو التوتّر، أقصد الشدّة النفسية أو التوتر. يلي ذلك أي شيء يرهق العضلات؛ لأنّه يوجد في هذه المنطقة عضلات، وبها واحدة من أكبر العضلات في الجسم، وهي العضلة الصدريّة الكبيرة. هذه العضلة تنشأ من القصّ وتتجّه – مثل المثلّث – إلى الجزء العلوي من الذراع، ولها علاقة بحركة الذراع، كتقريب وإبعاد الذراع، ورفعه مثل ما في المصافحة أو مثل ما في لعبة التنس أو غير ذلك. فعند لعب التنس، أو عند إزاحة شيء، أو عند المصافحة المتكرّرة، قد يحدث ألم، وهنا الألم عضلي. أعرف الألم العضلي ببساطة، بأنّه له علاقة بالحركة، يعني له علاقة بالحركة وليس بالجهد. مثلا، ألم القلب عند صعود السلّم، هذا ألم قلبي. أمّا الألم العضلي يكون إذا حركت هذه العضلة. فإذا، سبب الـ Stress جعلناه كسبب رئيسي للأسباب العضلية؛ لأنّه بالطبع يوجد هنا أعصاب. هذه الأعصاب قد تنضغط وهي تخرج من مخارجها بين الفقرات الرقبيّة، وأيضا هذه الأعصاب قد تُصاب بأمراض، مثل الأمراض الفيروسيّة كحزام النّار، وهذه فيروسات تصيب العصب. إذا، الـ Stress من الأسباب العضليّة، التي لها علاقة بالفقرات والأعصاب. ننتقل إلى الرئة، إذا أدخلنا شيء مؤلم كدبّوس إلى الرئة، غلاف الرئة هو الذي يشعر بهذا الألم، أمّا الرئة نفسها فلا تشعر بالألم. لذا، فغلاف الرئة هام جدّا، حيث أنّه غنيٌّ بالأجزاء التي تتحسّس الآلام. لذلك، يوجد غلافان للرئة على شكل وريقات، غلاف متصل بها وغلاف خارجي. إذا دخل هواء أو ماء، فعند دخولهما، يحدث ألم، وقد يكون التهابا أو ردّا خارجيّا بسبب دخول هواء، أو قد يكون انصبابا مائيّا، فكلّ هذا يُحْدِث ألما. إذا زادت كميّة السائل وبعدت الوريقات المغلّفة عن بعضها للرئة يزول الألم. في مرحلة الشفاء، عندما تقترب الوريقتان من بعضهما مرة أخرى، يعود الألم مؤقتا. بعض الناس نخبرهم أن الألم الذي يشعرون به، هو ألم مرحلة الشفاء. فإذا من أسباب الألم: Stress، أعصاب، عضلات، عظام، غلاف الرئة – وليس الرئة -، خاصة عند وجود انصباب سائل أو غاز. نحن نتكلّم حتى الآن في نفس المنطقة.
هل الهواء الذي نتنفّسه قد يكون سببا في هذه ألم الرئة؟
تابع “د. رامي”، لا، هذا لا يؤلم. الذي يؤلم هو غلاف الرئة. نحن نتحدّث الآن عن الرئة نفسها وغلافها، ونتحدث عن الأعصاب والعضلة الكبيرة التي تغطّي الرئة، ولكن لا ننسى أنّ للرئة جيرانا، جيرانٌ من كل جهة. فالكبد يكون على امتداد الحافّة السفليّة للرئة. فإذا تضخّم الكبد تضخّما سريعا، تسبّب في تمدّد محفظة الكبد، ويحدث التهاب الكبد، أو احتقان الكبد؛ بسبب أسباب قلبيّة على سبيل المثال. وهذا يؤدّي أيضا إلى آلام تمتدّ على امتداد الحافّة الضلعيّة اليمنى. هناك أيضاً عضو صغير أسفل الكبد، وهو المرارة، التي تكون صغيرة، وهي عبارة عن حويصل، أو مخزن يخزّن الإفرازات الصفراوية الأتية من الكبد. يوجد كذلك الحجاب الحاجز، الذي يكون في الأساس قريبا جدّا أو متلاصقا مع الكبد والصدر. الحجاب الحاجز عندما يتشكّل ونحن في مرحلة الجنين داخل بطن الأم، يكون الإنسان في حالة انعطاف. فعندما يبدأ الحجاب الحاجز بالتشكّل، يأخذ عصبه من الأعصاب الرقبيّة، فيأخذ خصوصا العصب الثالث والرابع والخامس، وبشكل رئيسي العصب الرابع. عندما نكبر، يتمدّد العصب بعدها. فهذا العصب الطويل يأخذ حسّ الحجاب، لكن لا ينقله مباشرة إلى الظهر، وإلى المنطقة الموافقة، وإنّما ينقله إلى منطقة علويّة. إذا، حسّ الحجاب الحاجز ينتقل إلى منطقة الرقبة. لذلك، ألم المرارة يكون تحت الحافّة الضلعيّة اليمنى، لكن المريض يشعر به على لوح الكتف الأيمن وعلى رقبته اليمنى بالأعلى؛ لأنّ العصب نشأ في مرحلة الجنين، ثمّ تمطّط وأصبح في الجهة العلويّة. إذا، فمثل أنّ هناك أسباب عضليّة عصبية هيكلية بالأعلى، صار هناك أسباب من مجاورات الرئة، كالكبد إذا تمدّد بسرعة، والمرارة. ننتقل الآن إلى القلب، والّذي له غلاف أو غشاء يسمّى الغلاف التأموري، وهو يشبه الغشاء المغلّف للرئة. هذا الغلاف قد يُصاب بالتهاب، وخاصة فيروسي، وعندها يُحدث ألما في الجهة اليمنى من القلب. نؤكّد أيضا على أنّ معظمنا يستعمل اليد اليمني في الجهد، مثل الفكّ بالمفك، وحمل الأشياء، فيحدث Stress أو عبء، ليس فقط على العضلة الصدرية الكبيرة، ولكن قد يكون العبء على اتّصال القصّ الضلعي، أي الأضلاع التي تتّصل بالقص. فحركة الأضلاع مع القصّ في وَسَط الصدر حركة حرّة، و Range الحركة فيه يكون أكبر من غيره، ممّا جعل الأضلاع، الثاني والثالث والرابع والخامس واتصالاتهم، قد تلتهب أو تُصاب بالإنهاك. فقد يأتيك المريض ويقول عندي وجع في الصدر أو Hard Attack. فإذا كان الجو باردا، ولا يستطيع الخروج للكشف، وجاءك يقول لك أنّ عنده وجع شديد بصدره، ما عليك إلّا أن تضغط في مكان الصدر. فإذا ضغطتَّ، وتراجع بألم، تعرف بأنّه ليس Hard Attack؛ لأنّ الـ Hard Attack أو الآلام الحشويّة في الصدر لا يزيد ألمها بالضغط الخارجي. الأحشاء البطنيّة هي التي يزيد ألمها بالضغط عليها. فالزايدة إذا ضغطتّ عليها يزيد ألمها، وكذلك المرارة. لكن الصدر، لوجود غلاف عضلي عظمي ضلعي به مع أربطة وغضاريف، هناك ما يحول دون أن يزيد الألم الحشوي بالضغط. فإذا ضغطتّ في مكان الصدر وتألّم المريض، تعرف أنّ هذا المريض قام بمجهود كبير.
متى لا بد أن يخاف المريض ولا بد له من زيارة المريض ؟
أردف الطبيب، إذا كان الأمر غير مبرَّر، فعند ذلك لا بد أن يخاف. يعني مثلا إذا لم يقم بأي جهد، ولا يوجد سبب للألم، فلم يقم بجهد يبرِّر وجود الألم، ولم يتعرّض لبرد، ولم يلعب رياضة مثل التنس، أو لم ينهك عضلة الصدر، فلا يوجد سبب. فعند الضغط على عضلة الصدر عندئذٍ ووُجد وجع، فنعرف أّنّ هذا بسبب المرارة. وإذا كان الألم مع كل زفير وشهيق، فهذا يكون بسبب أغلفة الرئة. وإذا كان الألم يحدث مع حركة العُنُق، فيكون بسبب العُنُق. في النهاية، أمر جيد أن نستشير الطبيب، الطبيب العام تحديدا. وأؤكّد دائماً كلّما خرجت في الإعلام بالأردن، بأنّه لا بد أن يكون الطبيب العام نقطة الاتّصال الأولى مع المريض وليس الطبيب المختصّ أو الاستشاري. يعتقد النّاس أنّ الأفضل هو الذهاب إلى الطبيب الاستشاري من البداية، ولكن الأفضل هو الذهاب إلى الطبيب العام أولا. ودور الطبيب العام مهم جدّأ؛ لأنّه يوجهك هل هذا شيءٌ بسيط، أو أنّه يستحقّ استقصائياتٍ أكثر.