مما لا شك فيه أن كل إنسان يفكر في النجاح والوصول لأهداف معينة في المستقبل يجب عليه أن يكون على أتم الاستعداد والتخطيط لهذا المستقبل، والدراسة الجيدة للهدف والتنبؤ بجميع الصعوبات التي من الممكن أن تواجهه أثناء سعيه لتحقيق الهدف.
ولذلك يجب أن يحاول الإنسان دائمًا تنمية وتطوير ذاته من خلال القراءة والمعرفة، ومن خلال اكتساب المهارات الجديدة والتعلم من تجارب الحياة، وبذلك يكون إنسان ناجح في مستقبله قادر على تخطي جميع عقبات ومشاكل الحياة ومواجهتها بسهولة.
ما هو استشراف المستقبل وما هي أهدافه؟
يقول الدكتور “شافع نيادي”، مدرب التنمية البشرية والعلاقات الأسرية، أن استشراف المستقبل هي عملية بناء المناهج والأساليب والقيام بعدة إجراءات، وذلك لمحاولة فهم التطورات التي سوف تحدث في المستقبل. وذلك من أجل الاستعداد الدقيق لتلك التطورات المستقبلية.
ومما لا شك فيه أن استشراف المستقبل يعتبر أمر لا بد منه، وذلك لأنه يُمَكِن الإنسان من مواجهة التحديات والصعاب التي تواجهه في مستقبله والتعامل معها بسهولة، بالإضافة إلى سرعة التجاوب مع هذه المشاكل والصعوبات وسرعة اتخاذ القرارات المناسبة. ومما سبق نستنتج أن الشخصية المستشرفة هي الشخصية الإيجابية التي تصنع الفرص من خلال دراساته الخاصة ومن خلال تخطيطاته.
ومن الجدير بالذكر أنه عند استشراف المستقبل يختفي عنصر المفاجأة من حياة الإنسان، وذلك لأنه قام بالتخطيط المسبق لحياته وبالتالي يستطيع تفادي هذه المفاجأة. كما أضاف د. “شافع” أنه من خلال استشراف المستقبل يمكن الاستفادة من المعطيات والفرص المتاحة، إضافة لذلك فإن استشراف المستقبل يساعد الإنسان لأن يصبح شخصية مبدعة ومبتكرة بأقل التكلفة، إضافة إلى الدقة في اتخاذ القرارات وتجنب السرعة والعشوائية.
كيف يساعد استشراف المستقبل في تنمية الذات؟
يؤكد د. “نيادي”، أن الشخص الغير قادر على رسم خطوات مستقبله سوف ينخرط في هموم الحاضر، وينحصر في ألم الماضي، ويصبح رهينة للتأخر في الحياة.
لذلك يجب على الإنسان أن ينشغل دائمًا في تطوير ذاته من خلال فهم نقاط القوة والضعف لديه، وتنمية مهاراته حتى يستطيع التعامل مع التحديات في الحياة واستثمار الفرص، وبالتالي تطوير الذات والتغلب على نقاط الضعف. ولذلك يساعد استشراف المستقبل في تطوير الذات واستثمار الفرص الموجودة.
وأضاف الدكتور أن من يصنع النجاحات والإبداعات والابتكارات هم مستشرفوا المستقبل، بينما الإنسان الذي يعيش بعشوائية وبدون تخطيط أو تنظيم دائمًا ما يعيش في ألم الماضي، أما الإنسان الناجح يجعل استشراف المستقبل أسلوب للنجاح.
وكما يقول د. “شافع”، أن إدارة الحياة تحتاج إلى قدرات ووقت وخطة، وعليه فإن الخطة تتطلب استشراف للمستقبل، أما القدرات فهي موجودة داخل كل إنسان وتحتاج أيضًا إلى تطوير بالعلم والمعرفة والتدريب.
مما لا شك فيه أن استشراف المستقبل لتطوير الذات يجب أن يبدأ من داخل الإنسان نفسه؛ فيجب أولًا على الإنسان أن يقوم باحترام ذاته وتقديرها، كما يجب ألا يستهين بالقدرات الموجودة لديه، وأن يقوم دائمًا بالبحث عن أفضل الوسائل التي تساعده في تطوير ذاته.
وتابع الدكتور: الشخص الغير واثق من نفسه ومن قدراته يعتبر شخص ميت على قيد الحياة. ولذلك يجب على الإنسان دائمًا أن يكون على وعي ودراية بحقوقه وواجباته، سواء داخل الأسرة أو داخل المجتمع أو في بيئة العمل.
أردف د. “نيادي” أن الإنسان يجب عليه دائمًا أن يقوم بتقييم ذاته في هذه المجالات:
- المجال الديني.
- المجال الاجتماعي.
- المجالي الأسري.
- المجال الصحي.
- المجال الشخصي.
- المجال المالي.
- المجال المهني.
وفي حالة انعدام التقييم لهذه المجالات فإن الإنسان يظل ثابت في حياته ولا يحظى بأي تقدم أو تطوير للذات؛ فإدارة الذات تحتاج إلى عقل، قلب، ضمير، وإرادة، وكل إنسان على وجه الأرض يمتلك هذه العناصر، كما يستطيع معرفة قدراته من خلال تطوير الذات، ولكن بالطبع هناك بعض المعوقات التي تمنع الإنسان من تطوير ذاته مثل النفس الأمارة بالسوء؛ فهذه النفس دائمًا تميل إلى الخمول والكسل وعدم المبالاة، وإذا قام الإنسان بالإنصات إلى تلك النفس فإنها سوف تقوده إلى الهلاك.
كما يؤكد الدكتور أيضًا أن الكسل يعتبر عدو للإنسان وعائق في طريقه لتطوير الذات، كما أن الحيل النفسية أيضًا تعتبر عائق؛ فهي تحاول دائمًا التبرير حتى تمنع الإنسان من تطوير ذاته واستشراق المستقبل وتحقيق الطموح.
من المعروف أن كل إنسان له تاريخ ميلاد وتاريخ وفاة، ولكن يجب على الإنسان دائمًا أن يسأل نفسه عن التطورات والإنجازات التي قام بها في حياته خلال الفترة بين هاذين التاريخين، وأن يحاول التخلص من العقبات التي تواجهه في تطوير ذاته واستشراف مستقبله.
كما أضاف د. “نيادي” أن التسويف والتأجيل يعتبر أكبر عدو لتطوير الذات واستشراف المستقبل، كما يؤكد الدكتور مرة أخرى على أهمية الوقت؛ فإذا قام الإنسان باستثمار الوقت بطريقة صحيحة سوف يتمكن من التطوير وإنجاز الأهداف واستشراف المستقبل.
وعلى الجانب الآخر فإن مشاعر الفشل التي تسيطر على الإنسان تعتبر من العقبات في طريق تطوير الذات، ولكن الشعور بالفشل يعتبر أمر طبيعي؛ فالنجاح إذا كان أمر سهل لتمكن الجميع من تحقيقه، ولكن النقطة الأهم هي التعامل الصحيح مع هذا الفشل واستثماره.
الفرق بين التخطيط الاستراتيجي واستشراف المستقبل
أردف د. “نيادي”، أن هناك تخطيط استراتيجي، استشراف مستقبل، والسيناريوهات. وجميعها تبنى إلى المستقبل ووضع الخطط والتوقعات للمستقبل والتحديات والصعاب.
ولكن حتى يتمكن الإنسان من استشراف المستقبل فإنه يحتاج إلى التدريب والتطوير والقراءة، وقد يعتقد البعض أنه كلما زادت القراءة وزادت المعلومات في العقل فإن العقل سوف يضيق ويصبح غير قادر على تحمل جميع هذه المعلومات، ولكنه معتقد خاطئ فكلما زادت المعلومات كلما اتسع العقل وأصبح أكثر نضوجًا ووعيًا وزادت رغبته في تعلم المزيد.
كما يقول د. “شافع”، أن قانون الجهد المعكوس يعني أن كل إنسان لديه عقبات وخيال، وكلما تعارضت العقبات مع الخيال فإن الخيال هو الذي ينتصر في النهاية.
ولذلك يجب أن يقوم الإنسان دائمًا بتنمية خياله حتى يكون خيال إيجابي، وذلك عن طريق تنمية الخيال بالمعرفة والمعلومات.
والجدير بالذكر أن قانون الجذب هو أن كل ما تقوم بالتركيز عليه بصورة مستمر تحصل عليه في حياتك؛ ولذلك إذا قام الإنسان بالتركيز على نقاط ضعفه وعلى عجزه عن أداء المهام فإنه سوف يصبح فعليًا إنسان ضعيف وفاشل.
أما بالنسبة لقانون الإثبات فهو يتطلب الإثبات للعقل أن ما يفكر به صحيح وأنه على حق أو أن يثبت الإنسان لنفسه أنه على حق.
نصائح لتخطي عقبات تطوير الذات
ختامًا، ينصح د. “شافع” كل إنسان بالإكثار من القراءة وتطوير النفس في جميع مجالات الحياة المختلفة وهي؛ العلاقات الاجتماعية، المجال الديني، المجال الأسري، المجال المهني، المجال المالي، والمجال الصحي، والمجال الشخصي.
كما ينصح بالتخطيط الدائم للمستقبل في هذه المجالات، إضافة إلى الابتعاد عن النظرة التشاؤمية واستحقار الذات.