العلم بالنسبة لأي دولة هو رمز وطني وشعار يشتمل على بعض الدلالات الثقافية والتاريخية للدولة، حيث يمر العلم ببعض التغيرات والتي غالباً ما ترتبط بأحداث تاريخية وقومية فارقة في حياة الدول والشعوب، ولعل التعرف على هذا الارتباط الوثيق من شأنه أن يعزز اعتزاز أبناء الوطن بوطنهم ويعمق انتمائهم إليه ومعرفتهم بتاريخه وحضارته.
ومن ثم يمكننا القول أن ارتباط تاريخ الدولة وثقافتها بالعلم يبدو واضحاً من خلال الأمور التالية:
- تغيير عناصر وألوان العلم مع تغيير الأحداث والمراحل التاريخية.
- كل عنصر في تكوين العَلَم له دلالة ثقافية أو خلفية تاريخية معينة.
- يمثل العلم إشارات موجزة ومختصرة للحقب التاريخية التي تمر بها الدول.
علم مصر «كمثال» على ارتباط تصميم العلم بالتغيرات التاريخية
لم يكن علم جمهورية مصر العربية على ما هو عليه الآن من حيث الألوان أو التصميم، بل شهد عدة تغيرات وتطورات كلا منها يحاكي تغيراً تاريخياً أو سياسياً هاماً وفارقاً، ابتداءً من عام ١٨٠٥م حيث تم اعتماد أول علم مصري في عهد محمد على باشا.
مر العلم المصري بإحدى عشر مرحلة من التطوير والتغيير الذي يلائم التغيرات السياسية التي توالت، وقد اتخذت تلك التغيرات صوراً كثيرة من أبرزها ما يلي:
- كان العلم أحمر وفي منتصفه ثلاثة أهلة، وأمام كل هلال نجمة، وكانت ترمز للقارات الثلاث أوروبا وآسيا وأفريقيا والتي حققت مصر فيها العديد من الانتصارات الحربية في عهد إبراهيم باشا.
- كما كان هناك علم خاص بالدولة العثمانية وعلم خاص بمصر.
- في فترة ثورة ١٩١٩م اتخذ العلم المصري اللون الأخضر وكان في منتصفه رمز الهلال والصليب، وقد كانت تلك الإشارة ترمز إلى الوحدة بين المصريين، وتؤكد شعار الدين لله والوطن للجميع.
- بعد أن أصبحت مص مملكة مستقلة تغير العلم فأصبح أخضر اللون للإشارة إلى خضرة الدلتا والوادي، وفي منتصفه هلال يضم ثلاث نجمات، حيث يشير الهلال إلى ديانة معظم سكان مصر وهو الإسلام.
- مع انتهاء الملكية وظهور حركة الضباط الأحرار وثورة ٢٣ يوليو شهد العلم المصري تغييراً جذرياً في ألوانه وشعاره.
- تغير العلم من اللون الأخضر إلى ثلاثة ألوان وهي الأحمر والأبيض والأسود، والذي يشير كل منها إلى معنى معين.
توسط العلم رمز النسر العريض وهو شعار الدولة، وفي قلبه دائرة خضراء تضم هلال وثلاثة نجوم.
- لم يتوقف استعمال العلم الأخضر ذي الهلال والنجوم الثلاث بعد ولكنه ظل فترة من الوقت.
- تغير لون وتصميم العلم أيضاً مع تحول مصر الى الجمهورية العربية المتحدة بعد الوحدة مع سوريا، فأصبحت المساحة البيضاء من العلم تضم نجمتين باللون الأخضر ترمزان إلى مصر وسوريا بدلاً من شعار النسر.
- وأخيراً جاءت المرحلة الأخيرة التي تتخذ فيها العلم المصري الشكل الذي هو عليه الآن بألوانه الحالية يتوسطها رمز النسر الخالي، وقد حدث ذلك بعد تولي الرئيس محمد حسني مبارك رئاسة مصر بأربع سنوات، وحتى الآن لم يتم تغيير العلم.
وباتباع مراحل تطور العلم المصري وتعاملها يتبين لنا أن كل تغيير قد طرأ عليه كان له سند تاريخي وإشارة إلى حدث معين، لذا فكأن العلم بتطويره يحكي قصة تاريخية كثيرة الفصول والمحطات في تاريخ الدولة.
وفي الختام؛ يمكننا القول من الضروري جداً أن يتعلم أولادنا تقديس الرموز الوطنية واحترامها، وتقدير الشعارات الخاصة بها والإحاطة بمعلومات كافية عنها وعلى رأسها علم الدولة وما يرمز إليه بألوانه، مما يغرس فيهم قيم الولاء والانتماء ومحبة الأوطان والعمل على النهوض بها على كافة المستويات.