يُفترض أننا من أكثر المجتمعات الإسلامية تطبيقا للسلوكيات والأخلاقيات والواجبات الإسلامية لدرجة جعلت الكثير منا يرفع سقف النوافل إلى مرتبة الفروض الدينية الملزمة، ورغم ذلك، لا يزال بعضنا بعيدا عن التسامح الذي يميز ديننا الحنيف.
عندما فُجع أهالي الرياض قبل نحو أسبوع بوفاة خمسه فتيات وإصابة أخريات في حادث انقلاب سيارة واصطدامها بكثب رملي وقع في منطقة الثمامة الصحراوية، تهافت البعض لنشر خبر الحادث لا من باب التأثر لوفاة فتيات يافعات في مقتبل أعمارهن وفي أوج أحلامهن، ولا تعاطفا مع أسرهن التي أقل ما يمكن أن يقال حيال ما أصابهم أنه فاجعة.
تسابق البعض لنشر الخبر ولتزوير تفاصيله وتشويه حقيقته لأن قائدة المركبة التي انقلبت بالفتيات كانت امرأة في مجتمع تُرفض فيه قيادة المرأة رغم عدم وجود تحريم شرعي واضح لقيادتها.
بعض المنتديات الإلكترونية التي نوقش فيها موضوع الحادث، كشفت برأيي عن تدني إنسانية البعض وعن أفكار قبيحة ومشوهة لا تمثل الدين الحق ولا تمت للأخلاق بأي شكل من الأشكال، فخطؤوا الفتيات وحملوهن ذنب الحادث لأنهن قبلن أن يركبن سيارة تقودها امرأة!
الحادث قدر الله ﷻ أنه سيقع، سواء أكان قائد المركبة رجلا أم كانت امرأة، فقيادة المرأة للمركبة في المناطق النائية وبعيدا عن المدن الرسمية هو منظر مألوف، شاء من شاء وأبى من أبى!
وما حدث للفتيات، رحم الله من توفيت منهن وشفى من أصيبت، ليس إلا حادثا مأساويا ومؤلما كأي حادث يذهب ضحيته شباب وفتيات في مقتبل العمر، فالحدث لم يمس حرمة أحد ولم ينتهك فيه أي محظور شرعي، فرفقا بعائلاتهن التي ما زالت وستظل تئن من وطأة الفقد، واذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم، فتلك شيم الإسلام وأخلاق المسلمين.
بقلم: أثير النشمي