العلاج المناعي في مقاومة السرطان طريقة جديدة وخطوة كبيرة في مجال الطب، فهل لنا ببعض التوضيح عن هذا المجال؟
بالحديث باستفاضة عن علاج السرطان (Cancer) وآخر الاكتشافات، فأوضح “بروفيسور د. أولريش كايلهوتس” (رئيس مركز العلاج الشامل للسرطان بمستشفى شاريتيه في برلين بألمانيا) أن المبدأ هو أن الخلايا السرطانية تحتوي على معلومات جينية يتعرف عليها جهاز المناعة كجسمٍ غريب، لكن هذه الخلايا قادرة على تجاوز جهاز المناعة.
ولحسن الحظ هناك ما نسميه بالخلايا الميتة وهذه الخلايا يتم التقائها بالخلايا الجزعية التي تنقلها بدورها إلى جهاز المناعة الذي تقوم خلاياه بتفعيلها لتكون قادرة على مقاومة الخلايا السرطانية.
هذا يعني أن الخلية السرطانية تبدو مختلفة عن الخلايا العادية فيمكن للجهاز المناعي استشعارها حيث أن طفرات الخلايا السرطانية تؤدي إلى تكوين بروتينات غريبة وهو ما يستطيع جهاز المناعة التعرف عليه.
وحول إذا كان هذا يعني أن جهاز المناعة يقضي على الورم السرطاني عند بداية نشأته، قال أنه إذا تكونت طفراتٌ كثيرة بشكلٍ مبكر حينها من الممكن لجهاز المناعة مقاومتها لكن هذا لا ينطبق على جميع مرضى السرطان.
كيف يساعد العلاج المناعي في ذلك؟
أوضح “بروفيسور د. كايلهوتس” أن العامل الحاسم هو أنه تم إدراك قدرة جهاز المناعة على حماية الإنسان من أمراض المناعة الذاتية.
أي أن أمراض المناعة الذاتية هي عبارة عن صراع الجسد مع نفسه ضد الخلايا السرطانية، ويؤدي هذا الصراع إلى التهابات في الأمعاء والرئة والجلد وأنواع من الحساسية، وهنا يكون لجهاز المناعة القدرة على مقاومة كل هذه الأعراض.
وأضاف “بروفيسور د. أولريش كايلهوتس” أن الجديد هنا هو قلب الجهاز رأساً على عقب، حيث يتم وقف العمل التقليدي لجهاز المناعة وتنشيطه أو تحفيزه، ويتم تجريده من فاعليته في مقاومة الأمراض المتعلقة بالأجسام المضادة، وبالتالي يتم إعطاء جهاز المناعة توجيهات للقضاء على الخلايا السرطانية التي تعمل على حماية نفسها.
أي أن الجهاز المناعي لا يُقاوم المرض السرطاني بل يُعطل الجهاز المناعي ليُتيح للجسم مقاومة الخلايا ذاتياً.
وأضاف أن الآن أصبح بإمكاننا التعرف على الطريقة الأفضل والأنجح التي تجتمع فيها طريقة العلاج لدى المرضى الذين يحملون الخلايا المُصابة بالطفرات والتي لم يُحقق العلاج الكيميائي ٢٠٪ في مقاومتها.
بينما وصلت النسبة الآن إلى ٧٠٪ وبشكلٍ دائم، وكذلك في حالات الأورام السرطانية الأخرى نشهد تطوراً ملحوظاً علماً بأننا مازلنا في بداية الدراسة.
وحول صعوبة تحديد الأطباء ما إذا تم القضاء التام على الخلايا السرطانية أم لا، مع كون نسبة التجاوب في علاج سرطان الجلد تبلغ ٧٠٪ فهل نسبة الشفاء ٧٠٪ أيضاً، أوضح، أن مصطلح الشفاء لا يُفضل استخدامه في هذه المرحلة.
حيث يمكننا رؤية مؤشرات تدل على أن علاج السرطان طويل المدى بدأ يتحقق لكن ما لا نعرفه هو إلى متى سيستمر وما إذا كان ذلك بدايةً للشفاء أم أن المرض سيشتد بعد خمسة أو عشرة أو خمسة عشر سنة.
لماذا يساعد العلاج المناعي بعض المرضى وليس جميعهم؟ ولماذا يقضي على بعض الأورام دون غيرها؟
أوضح “بروفيسور د. كايلهوتس” أنه لم يتم التوصل بعد لمعرفة إجابة عن هذا التساؤل، نحن نعرف الأورام التي تُلحق الضرر بالجسم وهي الخلايا السرطانية التي تحمل جزيئات PD-L1 ، وكلما زادت سماكة ما يُسمى بـ “عناقيد التميز” كلما ارتفعت نسبة مقاومتها لعمل جهاز المناعة.
أما الخلايا السرطانية التي لا تعمل بهذه الطريقة فمن الصعب الوصول إليها ومواجهتها، لكن البحوث تسعى لتحديد المزيد من هذه الجزيئات.
هل العلاج المناعي له مضاعفات جانبية
أوضح “بروفيسور د. كايلهوتس” أن بالطبع توجد مضاعفات جانبية، فإذا قمنا بتحييد مقاومة جهاز المناعة فسوف تكون هناك أمراض مناعة ذاتية تتمثل في التهابات في الأمعاء أو الرئة أو الجلد أو الغدد الصماء.
لكن على الجانب الآخر نحن نعرف كيف نتعامل مع هذه الأعراض والتخلص منها وهي في مهدها دون التأثير على عملية مقاومة الخلايا السرطانية.
علاج السرطان بالكيماوي
للعلاج الكيميائي أعراضٌ جانبية مثل: (الغثيان وفقدان الوزن)، فلماذا يحدث ذلك؟
أوضح “بروفيسور د. أولريش كايلهوتس” أن العلاج الكيميائي هو عبارة عن استخدام سموم للقضاء على الخلايا المتنامية، فالخلايا السرطانية تتكاثر بسرعةٍ نسبية وهناك سمومٌ تقضي عليها.
لكن الخلايا العادية تنمو أيضاً ومنها (الشعر) الذي يتساقط كونه تأثر بنمو الدم الذي تأثر جراء ذلك، وهناك أيضاً أعضاءٌ حساسة مثل (الجهاز الهضمي) الذي يتأثر بكل ما هو غريب مما يتسبب بالغثيان.
طرق جديدة واعدة من أجل علاج السرطان
أكد “بروفيسور د. كايلهوتس” أن أول ما علينا فعله هو عدم التفكير في التخلي عن العلاج الكيميائي فهو لا يزال العلاج الأساسي الذي يمكنه التغلب على العديد من أمراض السرطان وإطالة فترة التعافي.
إلى جانب ذلك هناك إمكانية لتطوير أنواع العلاج الجزيئي، فالمواد الأولى هنا ضد الطفرات التي تعمل على إثارة الخلية السرطانية وتكاثرها، لكن هذا النظام للأسف متنوع جداً بشكلٍ يتطلب توفر مئات الأدوية للوقوف ضد جميع هذه الطفرات، وفي هذا المجال مازال العلماء في بداية الطريق نسبياً.
وعن كيفية تحديد نوع العلاج الذي يناسب حالة المريض، أوضح “بروفيسور د. أولريش كايلهوتس” أن هناك علاج أساسي، ولكن إذا لم يُجدي هذا العلاج نفعاً فلابد من إجراء تحليلات تفصيلية خاصة بالطفرات لنرى ما إذا كان للخلايا السرطانية تفاعل معين ومواصفات معينة أي إذا كان لديها طفرات يمكن مواجهتها بالأدوية، لكن هذا لا يتم اكتشافه دائماً لأن لدى كثير من الأورام طفرات تعمل على تعطيل البروتينات وتدميرها ولا يمكن تطوير أدوية ضد ذلك.
نقرأ الآن أن علماء أمريكيين استطاعوا التوصل إلى إعادة برمجة للخلايا السرطانية بحيث تتحول الخلية السرطانية إلى خلية طبيعية، فما صحة هذه المعلومات؟
أكد “بروفيسور د. كايلهوتس” أن هذا يصح في حال التعامل مع الطفرات السرطانية البسيطة فهذا الأمر ليس جديداً، فقد اكتُشف ذلك في الثمانينات من القرن الماضي عبر تحييد هذه الخلايا ومحاصرتها بجينات أخرى.
هذه العملية تستطيع في أنابيب الاختبار القضاء على ٨٠ – ٩٠٪ من الخلايا السرطانية، وهذا غير مُجدٍ لأن حتى مع نسبة شفاء تصل إلى ٩٩٪ يظل هناك احتمال أن تنتشر الخلايا السرطانية في الجسم خلال بضعة أسابيع، وبالتالي يفشل العمل.
العلاج الواعد المُبشر بالخير
أوضح “بروفيسور د. أولريش كايلهوتس” أنه لن تكون هناك طريقة واعدة للعلاج بل سيكون هناك نوع من أنوع علاجية مختلفة، لقد استخدمنا في السابق ثلاثة أنواع من العلاج وهما: (العمليات الجراحية – العلاج الإشعاعي – العلاج الكيميائي).
أما اليوم فلدينا خمسة أنواع من العلاج من بينها “العلاج الجزيئي الهادف”.
الأمر الحاسم هو التوفيق الصحيح بين المريض وتوليفة العلاج فهذه الطريقة ستُتيح في المستقبل فرصة علاج عدد من أنواع السرطان ورفع نسبة حالة الشفاء.
هل مرض السرطان قابل للعلاج؟
أكد “بروفيسور د. أولريش كايلهوتس” أن مرض السرطان غير قابل للعلاج كما لا يمكن أيضاً علاج التهابات مماثلة، هناك العديد من الحالات المرضي لكن لا يزال لدينا الأمل في التوصل إلى بعض أنواع الأمراض السرطانية.
بعض هذه الأمراض يمكن علاجها اليوم كتلك التي تُصيب الأطفال، فبشكلٍ عام غدت حالات الشفاء في ازدياد.
ويضاف إلى ذلك إمكانية تحويل وترويض أنواع من السرطان، أي لا يمكن الشفاء منه ولكنه يتحول إلى مرض مزمن يستطيع المريض التعايش معه.
هل يفيد الطب البديل في علاج السرطان ؟
يجيب الدكتور «عارف سويفي» أخصائي أورام وجراحة المسالك البولية (على قناة DW عربية)، لا شك أن بعض العلاجات التكميلية تفيد مرضى السرطان استكمالا للعلاج الطبي سواء كان جراحي أو إشعاعي أو كيماوي ولكنها في حد ذاتها بدون علاج طبي فائدتها قليلة.
كما أن هناك كثير من العلاجات التكميلية تؤثر سلبيا على المريض فعلي سبيل المثال إذا تناول المريض أعشاب مثل المستل فقد تسبب في انخفاض أو ارتفاع ضغطه لذلك يجب استشارة الطبيب المختص بها.
هل هناك أنواع سرطانات معينة تفيد بها العلاجات التكميلية عن غيرها؟
نعم، مثل سرطان الرئة وسرطان الشعب الهوائية يفيد معه كثيرا الطب البديل مثل أخذ فيتامين A,C كما أن سرطان البروستاتا يفيد معه تناول الكثير من المواد الحمراء الموجودة في الطماطم أو عدم تناول اللحوم الحمراء وممارسة الرياضة والإكثار من النباتات والأسماك البحرية وهناك السرطانات المتعلقة بالهرمونات تفيد معها الإكثار من الزيوت العطرية مثل النعناع والليمون وتناول الخبز الأسمر والمكسرات.
ومع ذلك هناك حالات متأخرة من السرطانات يكثر الناس من استخدام الطب البديل ويبتعدوا عن العلاج الطبي لعدم وجود أمل وهذا خطأ كبير. كما أن العلاج بالطب البديل لا يطيل العمر حيث أنه متعلق بالعلاج السيكولوجي والعلاج الاجتماعي والتمارين الرياضية وتأهيل المريض وبذلك يحسن من نوعية الحياة فقط.