كثيرا ما قال لي حسين: «الوقت هو أنت، إذا ذهبت ساعة، ذهب جزء منك». طموحه بأن يكمل دراسته ليعود من أمريكا إلى وطنه ويرد بعض الجميل لهذا الوطن.
سافر حسين وهو يسمع ويقرأ عن النظام الأمريكي، وعن احترام النظام واحترام الآخر والجدية في العمل، كان يسمع كلاما لو لمْ يره على أرض الواقع لما كان يحلم بتصديقه. وصل إلى واشنطن واستراح فيها يومين ليكمل إجراءات الملحقية وما يتعلق بها ثم سافر إلى مقر دراسته في ولاية «ألاباما» التي تذكر حسين بأحد القرى النائية في مملكتنا الحبيبة .!
بدأ حسين دراسته في المعهد لتحسين لغته بداية قوية، وصوّب كل أحاسيسه وقدراته على اللغة فقط كما يقول «الوقت هو أنت».
وبعد أسبوعين بدأت آثار هذه القرية «المتمدينة» تؤثر عليه من جهة، والملحقية الثقافية من جهة أخرى، فلا المدينة تساعد لجوّها النائم ومعهدها المصاب بفقر الدم، ولا تعاملات الملحقية واختراعات البنود والشروط للنقل والتغيير.
حسين خرج من السعودية على تخصص «طب» من وزارة التعليم العالي، وتخصصه المسجل في الملحقية «إدارة مالية»، وقبوله الجامعي على تخصص «إدارة أعمال».. سبحان الله ثلاثة في واحد!. وكل هذه التخبطات والحركات اللاشعورية واللاإرادية من الوزارة والملحقية، المتهم الأول فيها حسين، وغيره بريء منها براءة الذئب من دم يوسف.!
لأنه كان لزاما على حسين أن يدقق في أوراقه ويتابع المسؤولين ويكون مشرفا عاما متطوعا عليهم لكي لا يخطئ هو في اتهام الآخرين فيما يقع منه من أخطاء؛ لأنه «لا تزر وازرة وزر أخرى».
وما زال حسين بعد مرور شهرين من سلسلة الأحداث الدرامية والرومانسية والمرعبة يمضي نصف يومه في الاتصالات والمراسلات يبحث عن نفسه وسط هذه الأوراق، والرد «امسك سرى وخلك نظامي».
وكم من حسين غيره يعاني مثل معاناة صديقنا، ذهب الكثير من وقتهم في إجراءات روتينية من اختراعات السيدة «الملحقية»، حرسها الله وأطال عمرها.
بقلم: عبدالسلام العقل