سنة جديدة سعيدة
الحياة تتحرك بسرعة ثابتة، والأيام تمضي بنمط قدره الله، فالصغير يكبر، والبعيد يدنوا، والأحلام مع الأيام تقترب أو تبتعد، والتفاصيل تتغير، فلا شيء يبقى على حاله، وهذه هي سنة الحياة وذلك ديدنها، مهما يحدث فلا شيء يمكن أن يوقف عجلة الزمن أبدا، هو يمضي سواء كنا نحب ذلك أو لا، لا يعبأ لرغباتنا ومهما تشبثنا به بقوة، فلا جدوى!!
الأيام تمضي، بين الأمس واليم والغد تدور رحى الحياة، وما جعل التأريخ إلا ليعلمنا مقدار ما يذهب من الوقت، لنتخذ منه علامة تحدد لنا إطار الأحداث وموقعها على خريطة الزمن، لذا لا ينبغي أبدا أن تجعل التواريخ الفاصلة تمر بك مرور الكرام، لا تتركها تمر دون تعلم وتأمل وتدقيق في تفاصيلها، واستفادة من دروسها وعبرها.
وهنا دعوة ملحة للاحتفال ببداية العام الجديد، واستقباله بترتيب الأوراق وتدبر الماضي واستشراف المستقبل، فهكذا يستقبل الأذكياء والواعين والإيجابيين أيامهم، ويحتفون بسنواتهم.
على عكس ما توحي به كلمة احتفال من الصخب والازدحام والتكاليف المبالغ فيها، فإن للاحتفال بالسنة الجديدة الذي أعنيه هنا ملامح مختلفة تماما، ومتطلبات مختلفة كذلك، ومذاق جديد.
متطلبات الاحتفال
قدوم عام جديد ه أمر مهم، نقطة فاصلة للأحداث، فنحن نؤرخ لذكرياتنا ونخطط لمستقبلنا مستندين إلى البدايات، والنهايات، وتغير ترقيم السنوات، لذا سوف نقدم فكرة للاحتفال بالسنة الجديدة بطريقة راقية ونافعة ولا تخل من المتعة.
لا يتطلب الاحتفال بالعام المقبل سوى قراراً جريئا بأخذ عطلة ليوم واحد، واختيار مكان رائع هادئ بين أحضان الخضرة الهواء الطلق أو حتى مكانا صاخبا المهم أن يكون من الأماكن التي تستطيع أن تجد فيه نفسك وتستجمع أفكارك وتمارس التأمل.
يمكنك أن تقرر قضاء هذا اليوم وحدك أو أن تخلو بنفسك ونفسك فقط! ويمكنك إذا شئت أن تصطحب معك شخصا هو أقرب الناس إليك، شخص لا تتورع من إطلاعه على دواخل نفسك، وخلجات روحك، شخص تشعر وأنت تتحدث إليه أنك تتحدث إلى نفسك.
انوي قضاء يوم مختلف خارج حدود العادة والروتين الذي تسير عليه لمدة عام كامل، فلا ذهاب للعمل ولا تواصل مع أي شخص بالهاتف أو الانترنت أو غيره، خذ وجبة مختلفة ومشروبا خاصا مما تفضله!
أخرج الطفل الذي بداخلك واترك له المساحة للعبث واللعب والحمق، ثم التقط أنفاسك، واصمت … نعم اصمت وكف عن الثرثرة وكف عن التفكير أيضا واسترخي تماما.. لدقائق.
ثم استدع ذكرياتك لعام 2018، استرجع شريط حياتك في هذا العام، وكل ما مر بك من مواقف!
راجع دفتر الأصدقاء والأحباب والمعارف، انظر من بقي معك، ومن خرج من حياتك، ومن مر بك مرور الكرام! انظر أيهم أحدث جرحا وأيهم زرع في عامك السابق فرحا؟ وأيهم ترك أثرا لا يمحى، وأيهما ظهر واختفى في صمت؟!!
راجع نجاحاتك وانجازاتك، ومر مرورا سريعا بمحطات الإخفاق والوجع التي توقفت فيها لأيام أو أسابيع أو حتى أشهر في عامك المنصرم!
راجع لحظات السعادة والفرح وتحقق الأهداف، جدد الفرحة في قلبك واستعد تلك المشاهد التي ابتسمت فيها برضا ورقصت الفرحة في أعماقك، ووجدت لذة الإنجاز.
راجع أخطائك وخطاياك وانظر كم كانت مسافة البعد بينك وبين الله، ذكر نفسك بما كان من تقصير أو جور، أو ظلم لنفسك أو غيرك، ازجر نفسك على معصيتك وذنوبك واستغفر الله عما مضي واعزم على اللاعودة.
وبعد هذه المراجعة السريعة، تحرر من كل ما علق بنفسك من مشاعر الندم أو الحسرة أو الذنب، وحدث نفسك بكل ما تتمناه وترجو حصوله في العام المقبل، استعرض أهدافك وعش لحظات الإنجاز والمسها وكأن الله قد من عليك بها وأصبحت حقيقة واقعة أمام عينيك، اشكر الله على ما كان واستغفره وادع أن يكون عامك القادم حافلا بالخير والنعم والنجاحات والإنجازات.
كن متفائلا وجدد اليقين بداخلك أن الغد يحمل لك كل خير، يأخذك إلى حيث أحلامك الغالية، بإذن الله. اقلب صفحة العام الماضي بكل ما مر، افتح صفحة العام الجديد واستهلها، باسم الله واطلب العون منه، وأحسن الظن به وثق أن الله لا يخيب رجاء عبد أودعه أمنياته وثقته أبدأ…جدد نشاطك واستأنف عملك!.