قد يتسبب اتخاذ القرارات في العلاقات الزوجية في بعض المشاكل بين الزوجين وهذه المشاكل قد تشكل أيضاً تغيير حقيقي لحياة كل منهما إما من خوف أو من فشل أو من تجربة سابقة سلبية.
من الضروري أن يكون هنالك مشاركة بين الزوجين في اتخاذ القرارات التي تخص الأسرة بشكل عام والأبناء بشكل خاص، ولكن على الرغم من ذلك يجب أن يدرك كلا الزوجين أن هناك بعض القرارات التي تخص كل منهما على حدة ولا يحق للطرف الآخر أن يتدخل في اتخاذها.
ما هي أهمية اتخاذ القرارات الصائبة بين الزوجين؟
يقول الدكتور جاسم أحمد الزعابي ” مستشار إرشاد أسري ” أن هناك قرارات تؤخذ على حدة وقرارات أخرى تؤخذ على مستوى الجماعة، كما أن هناك قرارات تؤخذ على مستوى الزوج والزوجة وأخرى تؤخذ على مستوى الزوج والزوجة والأبناء.
هذه القرارات لابد من أن يكون لها تفنيد أو تنظيم معين حيث أنه ليس كل قرار لابد لنا من أن نجمع له الآراء من مجموعة أو فئة معينة من الناس، وعلى النقيض هناك قرارات أخرى لابد لها أن تؤخذ على مستوى الجماعة إلخ إلخ…، لذلك إذا كان القرار ضمن القرارات المغلقة ويخص الحياة الزوجية فليس هناك ما يمنع الزوج من مشاركة زوجته في اتخاذه، ومثال على ذلك قرار بناء منزل جديد أو قرار صيانة البيت أو تغيير الأثاث أو ما شابه ذلك من مثل هذه القرارات.
تختلف القرارات باختلاف أهميتها حيث هناك قرار زواج الابن أو البنت وقرار آخر يخص إرسال الابن للدراسة سواء كانت داخل البلد أو خارجها، ومثل هذه القرارات تحتاج نوع من التأني والاستعانة بأهل الخبرة كما أنها تحتاج تقديم وتأخير ودراسة كافية لنحدد ما إذا كانت الدراسة تصلح للابن في الداخل أم في الخارج، لذلك فإن اتخاذ القرار الصائب له بنود ومحاور معينة يجب اتباعها قبل أخذ القرار حتى لا يندم الإنسان على اتخاذ مثل هذه القرارات لأن هناك بعض القرارات التي قد تؤخذ وتتسبب في ندم صاحبها على اتخاذها فيما بعد بسبب صعوبة الرجعة فيها مرة أخرى أو بسبب أنها قد تكلف صاحبها كثيراً للرجوع فيها.
تابع ” الزعابي “: هناك قرارات إدارية تخص المديرين وماهية القرارات التي يعطونها للموظفين حيث أن القرار الإداري العام له 4 خصال اثنين من هذه الخصال داخل المؤسسة الإدارية وخصلتين خارج هذه المؤسسة، فإذا أدرك المدير هذه الخصال أصبح لديه القدرة على إصدار هذا القرار فيما هو أنفع وأصلح للمؤسسة وليس فيما هو مضر ومفسد لهذه المؤسسة مثل قرارات التأديب للموظفين على سبيل المثال.
لا يوجد هنالك شيء يدعم القرار كالمشاورة لأهل الرأي والقرار حيث يقول الناظم:” شاور إن نابك نائبة يوماً… وإن كنت من أهل المشورات ” فالعين تبصر ما دنى ونأى … ولا تبصر إلا بمرآةِ ” فمهما بلغ الإنسان من العلم والمكانة والمنزلة يظل ضعيف بذاته قوي بإخوانه، لذلك نرى الرسول صلى الله عليه وسلم يوحَى إليه من الله عز وجل وعلى الرغم من ذلك أمره الله تعالى بمشاورة الصحابة رضوان الله عليهم لأن قضية الاستعانة بأهل الرأي والعلم والخبرة يعطيك قرار سديد وصائب وسليم ويترتب عليه إيجابيات عديدة لصاحبه وللغير حيث أنه عند مشاورة الطرف الآخر في أمر ما فإنك تعطيه حينئذ الثقة خاصةً إذا كان هذا الشخص الذي يستشيرنا أكبر منا ويشعر الشخص المشار حينئذ أنه محل تقدير، ولا يعني ذلك أن هذا الشخص لا يفهم أو أنه غير قادر على اتخاذ القرار الصائب وهذا ما يفسر لنا أن المدير يريد بهذه المشورة أو هذه الآراء التي يجمعها أن يتخذ القرار السليم والصائب.
كيف يمكن للزوجين المساهمة في اتخاذ قرار صائب؟
يعتبر نصيب الأسد في قرارات الحياة الزوجية للزوج بحكم أن بيديه زمام الأمور والقوامة، كما أن التفكير لدى الرجل قد يكون أوسع وأشمل بحكم أن الرجل اجتماعي بدرجة أكبر من المرأة حيث تولد لديه الخبرة الكافية لاتخاذ القرارات الصائبة ويمكن له أن يعطي زوجته تلك الآراء السليمة.
على الرغم من ذلك، قد تختلف بعض الآراء عند الزوجين وذلك لاختلاف البيئة التي نشأ كليهما فيها ولكن هناك قناعات داخلية يجب فيها المرأة أن تدرك أن الرجل هو المسئول في النهاية عن قراراته ومسئول عن ما يقول ويتحتم كذلك على الزوج إعطاء المجال للزوجة لأخذ بعض القرارات أو المشاركة فيها بالمناقشة لأن أغلب المشاكل الزوجية تنشأ من اعتراض الزوجة على عدم مشاركة أو مشاورة الزوج لها قبل اتخاذ أي قرار يخص الأسرة برمتها خاصةً وأن الحياة الاجتماعية أصبحت الآن تؤسَّس على المشاركة، كما أصبحت المرأة الآن عاملة ومساندة للزوج ونعتبرها نصف المجتمع إن صح التعبير، وعلى الرغم من ذلك يرى ” الزعابي ” أنه على المرأة أن تدرك أنه ليس في كل صغيرة وكبيرة يمكن أن يكون هناك قرار مشترك بينها وبين الزوج لأن هناك بعض القرارات خاصة بالرجل وتحت مسئوليته فحسب، وهذه القرارات تختلف عن القرارات المشتركة التي يحق فيها للزوجة التدخل فيها.
على سبيل المثال، عند الحاجة لاتخاذ قرار الانتقال من منزل لمنزل آخر فيجب على الزوج ضرورة مشاورة زوجته والأبناء، لكن على الجانب الآخر هناك قرارات خاصة بالزوج لا يستوجب عليه فيها أن يشارك زوجته مثل قرار شراء سيارة خاصة للزوج ولكنه إن شاورها في مثل هذه القرارات الخاصة به فهذا يُعد من باب إحسانه لزوجته حيث مثل هذه القرارات تعتبر قرارات فردية.
على الجانب الآخر، هناك بعض القرارات الفردية التي تخص الزوجة كذلك وهي القرارات التي لا تضر بتاتاً بالزوج ولا يحق له أن يتدخل فيها ومثال على ذلك الزوجة الموظفة التي تريد أن تعطي والدها مبلغ معين من مالها الخاص براً به، وهنا لا يستوجب على الزوج أن يتدخل في مثل هذه القرارات وذلك عكس ما نراه في قضايا الأولاد التي لابد من أن يشترك فيها الزوج مع الزوجة عند اتخاذ أي قرار خاص بهم.
كيف يمكننا تعزيز زرع القرارات الصائبة في نفوس الأبناء؟
في الحقيقة تعتبر قضية زرع القرارات الصائبة في نفوس أبنائنا هي منظومة متكاملة وشاملة داخل الأسرة برمتها حيث تبدأ تلك القضية منذ الصغر حيث التربية السليمة والرشيدة للأبناء والتي تعتمد كذلك على مشاورتهم في الكثير من الأمور الأسرية وهذا يتطلب ضرورة كثرة عطاء الآباء لأبنائهم وليس كثرة المحاسبة لهم، لذلك فإننا نحن من نشكل أبنائنا بأيدينا لنقوم بتعليمهم كيفية حمل المسئولية قبل أن يتخذوا القرارات وهذا أمر هام للغاية لأن تعلم المسئولية وتحملها هو في حد ذاته قرار، ولنا أن نتخيل الشخص الذي لم يتحمل المسئولية في حياته ونتوقع منه أن يأخذ قرار ما صائب، ومن ثم فإن قضية اتخاذ القرار السليم يبدأ منذ الصغر، وعلى الآباء ضرورة ممارسة قضية اتخاذ القرارات أمام الأبناء بقولهم ” نحن قررنا “.
وختاماً، من الضروري أن يقترن القرار بالسبب الذي يُتخذ من أجله لأن اتخاذ قرار بدون سبب يعطينا عشوائية في الحياة ووضع مبهم أمام الأبناء وإنما عند ذكر سبب اتخاذ قرار بعينه سوف يؤدي ذلك إلى دعم هذا القرار ومثال على ذلك قرار شراء سيارة بعينها ونذكر أسباب شرائنا لها على وجه الخصوص والتي من بينها أنها سيارة مرتفعة تصلح للسير في البر وأنها فائقة الجودة فضلاً على أنها رخيصة الثمن.