هو: مُحَمَّدُ بنُ مُسْلِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ ابْنِ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بنِ الحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ بنِ كِلابِ بْنِ مُرَّةَ بنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيِّ بنِ غَالِبِ الإِمَامُ العَلَمُ حَافِظُ زَمَانِهِ، أَبُو بَكْرِ القُرَشِيُّ الزُّهْرِيُّ، المَدَنِيُّ، نَزِيلُ الشَّامِ، يرجع نسبه إلى بني زهرة بن كلاب عالم من علماء الحجاز والشام، جمع الكثير من العلوم، أشهرها: علم القرآن والسنة وأنساب العرب واشتهر بقوة ذاكرته وجودة حفظه.
مولده: ولد ابن شهاب الزهري في آخر ولاية الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنه) وذلك في عام ثمان وخمسين للهجرة، وهو ذات العام الذي توفيت فيه أم المؤمنين عائشة (رضي الله عنها).
شيوخه: روى عن عدد من صحابة رسول الله ﷺ، منهم: سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ، أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ، مَحْمُودِ بن الربيع (رضي الله عنهم)، كما أنه عايش كبار التابعين فروى عن: عروة بن الزبير، سعيد بن المسيب، عَلْقَمَةَ بنِ وَقَاصٍ، كَثِيرِ بنِ العَبَّاسِ، أَبِي أُمَامَةَ بنِ سَهْلِ، عَلِيُّ بنِ الحُسَيْنِ، عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، أَبِي إِدْرِيسَ الخَوْلَانِي، قَبِيْصَةَ بنِ ذُؤَيْبٍ، عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ، سَالِمِ بنِ عَبْدِ اللهِ، مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ، وغيرهم، حتى أصبح أحد أكابر الفقهاء والمحدثين والأعلام التابعين بالمدينة.
تلامذته: روى عنه: عَمْرُو بنُ دِينَارٍ، عَمْرُو ابنُ شُعَيْبٍ، قَتَادَةُ بنُ دِعَامَةَ، زَيْدُ بنُ أَسْلَمَ، طَائِفَةٌ مِنْ أَقْرَانِهِ، مَنْصُورُ بنُ الْمُعْتَمِرِ، أَيُّوبُ السَّخْتِيَانِيُّ، يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ، صَالِحُ بنُ كَيْسَانَ، عُقَيْلُ بنُ خَالِدٍ، مُحَمَّدُ بنُ الوَلِيدِ الزُّبَيْدِيُّ، مُحَمَّدُ بنُ أَبِي حَفْصَةَ، ابْنُ جُرَيْجٍ، وغيرهم من كبار أهل العلم.
منزلته العلمية: هو أول من قام بتدوين الحديث النبوي الشريف؛ حيث إن كتب الحديث الستة تزخر بالكثير من أحاديثه المسندة، وكان يحفظ ألفين ومائتي حديث نصفها مسند، وقد عرف عنه أنه كان يسير في المدينة والصحف والألواح معه؛ ليكتب كل ما يسمع من أحاديث؛ فعن أبي الزناد كنا نطوف مع الزهري ومعه الألواح والصحف ويكتب كل ما يسمع، وقد رحل الزهري إلى الشام وعاش فيها، والتقى بالخليفة عبد الملك بن مروان الذي أبدى إعجابه بعلمه الوافر، وبعد وفاة الخليفة عبد الملك ظل الزهري ملازما للخلفاء الأمويين الذين حكموا الشام من أمثال الوليد بن عبد الملك، وعمر ابن عبد العزيز الذي قال عنه عليكم بابن شهاب فإنكم لا تجدون أحدًا أعلم بالسنة الماضية منه.
وقد تولى ابن شهاب العديد من المناصب في عهد الخلافة الأموية؛ حيث أسند إليه يزيد منصب القاضي في عهده، كما أسند إليه الخليفة هشام بن عبد الملك منصب تعليم أولاده، وقد أثنى عليه الكثير من العلماء، وفضلوه على علماء عصره المشهورين فقد قال عنه الصحابي الجليل أنس بن مالك (رضي الله عنه): ما أدركت فقيها محدثًا غير واحد، فقيل له: من هو؟ فقال: ابن شهاب الزهري، وقد قال عنه الشافعي: لولا الزهري لذهبت السنن من المدينة.
وفاته: توفي الزهري بعد حياة حافلة بالكثير من الإنجازات العلمية؛ وذلك في عام مائة وأربع وعشرين للهجرة، في شهر رمضان، وهو ابن اثنتين وسبعين عاما.