تتجه العديد من الدول لفكرة إلغاء الواجبات المنزلية للطلاب وآخرها إعلان الإمارات عن مبادرة ” الوقت الأمثل ” التي تتمحور حول إلغاء الواجبات المنزلية وزيادة مدة الحصة الدراسية إلى ٩٠ دقيقة بدلاً من ٤٠ دقيقة وهو ما تراه الإمارات وغيرها من الدول ذو أثر إيجابي في إثراء الطفل معرفياً ونفسياً من خلال الأنشطة التي تُقدَّم إليه أثناء الحصة الدراسية المكثفة، فما هو دور الواجبات المنزلية على صحة الطالب؟ وكيف يؤثر إلغاؤها عليه؟
مبادرة إلغاء الواجبات المنزلية للطلاب
ترى الدكتورة أسماء نزار إدلبي ” استشارية علم النفس السلوكي المعرفي ” أن الإمارات هي من أوائل الدول العربية التي أخذت أو تمسكت بتطبيق مبادرة إلغاء الواجبات المنزلية للطلاب، ولكن عالمياً هناك بعض الدول التي تطبق هذه المبادرة قبيل الإمارات من بينها:
- فنلندا التي تأخذ المرتبة الأولى عالمياً في تطبيق هذه المبادرة.
- ولاية فيرجينيا بأميركا حيث تطبق فيها بعض المدارس هذه المبادرة.
- أستراليا التي طبقت بالفعل هذه المبادرة وظهر أثرها الإيجابي ليس فقط على الطالب وإنما أيضاً على المُعلم والأهل.
الجوانب الإيجابية لإلغاء الواجبات المنزلية للطلاب
هناك بعض الجوانب الإيجابية لتطبيق إلغاء الواجبات المنزلية للطلاب من بينها:
- إراحة الطالب من حمل بعض الكتب الثقيلة على ظهره لأنه يضطر لكتابة الواجب المنزلي على دفتر أو كرّاس، وهذا يأخذ وقتاً طويلاً منه مقارنةً بأن الطالب يُنهك في المدرسة لمدة طويلة حيث يذهب الطالب للمدرسة في تمام الساعة ٦ صباحاً ليعود بعدها إلى المنزل في الساعة الثالثة عصراً أي ما يقرب من ١٠ ساعات.
- إتاحة الفرصة للطالب أن يستغل أوقاته في تعلم المهارات المنزلية والحياتية التي تعتبر أولى الجوانب والأركان الأساسية التي تسقي شخصية الطفل، كما أنها تدعمه بما يُسمى بالنمو الوجداني والنفسي ونمو الشخصية وغرس المهارات المختلفة.
- تجنب الأهل للعبء القائم عليهم، لأن هناك ما يشبه الحرب بين الأمهات والأطفال نتيجة تلك الواجبات المنزلية التي يتطلب على الطالب القيام بها وإنهائها.
- عدم تعرض الطلاب للضغط والتوتر النفسي نتيجة زيادة هرمون الكورتيزون في جسمه مما يتسبب في زيادة السُّمنة لدى هؤلاء الطلاب بسبب أعمال روتينية يقومون بها في واجباتهم المنزلية المعتادة دون جدوى.
متى يمكن للمعلم إعطاء الواجبات المنزلية للطالب دون أن تؤثر عليه سلباً؟
في الواقع العربي يعتبر دمج الساعة الدراسية لتصبح ٩٠ دقيقة بدلاً من ٤٠ دقيقة فقط مفيد نوعاً ما لأن هذا النظام يعتمد على جعل الخمس دقائق الأولى منها عبارة عن نشاط ذهني للطالب أو كسر للجليد، و ٥٠ دقيقة من الحصة الدراسية هي مخصصة للمعرفة والدرس، و٣٥ دقيقة منها مخصصة للنشاط، وهنا يقوم الطالب بعمل النشاط ولكن داخل المدرسة بدلاً من أن يقوم به في المنزل.
مضيفةً: ينقسم الآباء إلى عدة أقسام، أولهم من يستطيع التدريس لأطفاله في المنزل ليتكسبوا منهم المعرفة، حتى أن بعض الآباء قد يتخصصون في بعض من هذه المواد المدرسية، حيث أن الأم على سبيل المثال قد تكون متخصصة في العلوم، اللغة العربية والإنجليزية، ومن ثم يسهل عليها تعليم أو تدريس هذه المواد الدراسية لأطفالها منزلياً.
على الجانب الآخر، هناك بعض الآباء الذين قد لا يستطيعون مساعدة أبنائهم معرفياً داخل المنزل وإنما يمكنهم مساعدتهم مادياً ليجلبوا لهم المدرسين ليبقى ذلك عبئاً إضافياً على الأسرة.
على الرغم من ذلك، هناك بعض الأهالي غير القادرين معرفياً ولا مادياً لمساعدة أبنائهم الطلاب مما لا يعود بالنفع الأمثل على هؤلاء الطلاب، هذا فضلاً عن الفروق الفردية بين الطلاب والتي لا تُراعَى حين يأخذ كافة أبناء الصف الدراسي واجب منزلي موحد، لذلك يمكننا القول بأن الواجب المنزلي له فوائده الخاصة ولكن تلك الفوائد تعتبر محددة مقابل أضرار جمة.
بدائل الواجبات المدرسية المنزلية
من خلال التعلم عن طريق اللعب والتعلم الحياتي يمكن لطلابنا أن يكتسبوا العديد من المهارات الحياتية، لذلك فإن طلابنا بحاجة دائماً إلى أنشطة لا مدرسية أو لا أكاديمية مثل:
- تعلم العزف.
- البستنة.
- تعلم فنون الطبخ.
- تعلم الذهاب لبيئة مجتمعية معينة للاستفادة منها.
- تعلم القراءة والكتابة من خلال القصص المختلفة.
إلى جانب ذلك، يمكن للطالب تعلم الكتابة ليس فقط عن طريق الدفتر المنزلي أو الورقة وإنما يمكنه الكتابة على التابلت أو سبورة لوحية الكترونية، كما يمكنه التعلم عبر هذه الطرق الكتابة بطريقة غير تقليدية من خلال القلم.
هل زيادة الحصة الدراسية إلى ٩٠ دقيقة يشتت ذهن الطالب؟
فعلياً يعتبر وقت تركيز الأطفال الصغار مساوي لتركيزهم + ٢، فإذا كان لدينا طفل عمره ٥ سنوات فإن تركيزه سيكون ٧ دقائق فقط.
فضلاً عن ذلك، يجب أن يكون للمعلم القدرة على التعرف على معدل النمو المعرفي للطفل وفترة تركيزه، وبالتالي فإن المعلم يستوجب عليه عمل كسر للجليد وكسر للحركة وعمل نشاط يقوم به الطفل حتى يعيد به شحنه مرة أخرى ويزداد تركيزه معه.
وختاماً، يجب على الأهل ضرورة التواصل مع أبنائهم دون أن نفتقد لهذا الجو الأسري الرائع، والابتعاد قليلاً عن العالم الافتراضي الذي نعيش فيه دون أن يقتصر هذا التواصل بين الطالب والأهل على كتابة الدروس وإعطاء الأوامر المنزلية ساحبين بهذه الطرق رصيدنا العاطفي بيننا وبين أبنائنا.