الله عز وجل جعل لنا فرصا متكافئة من الوقت وبين لنا كنوزها، فعرفنا الكتاب والسنة النبوية مواضع البركة، ومواطن مضاعفة الاجر، والاعمال المستحبة وكيف للمسلم أن يغتنم فضل تلك الأعمال ويستثمر فيها وقته، ومن أفضل الاوقات الزاخرة بالعطايا والهبات يوم الجمعة التي نعرف ثوابه العظيم، وشأنه الجليل، ولكن نظرا لنظام الحياة وروتينها الدائم وضغوطها واستسلامنا لها وسيرنا خلفها يضيع منا الكثير من الفوائد والمنافع ويمضي الوقت فيما لا يفيد.
ونحن نحتاج إلى تعديل طفيف في أولوياتنا وطريقة تنظيم أوقاتنا، بحيث يصبح تحصيل الأجر والمنفعة في الآخرة قبل الدنيا، وتصبغ غاية الاستفادة من الوقت مقدمة على غاية الاستمتاع المجرد بالوقت، ومن ثم فإننا سنحاول رصد بعض الأساليب والطرق في قضاء الوقت التي تأخذ منا ولا تعطي، والتي تقوت علينا الفرص الذهبية من استجابة دعاء أو استغفار أو طرق باب قد يفتح لنا فيفتح الله علينا فتحًا لا نشقى به أبدا.
أساليب خاطئة في التعامل مع يوم الجمعة
تخصيص يوم الجمعة للنوم والراحة
معظمنا يقضي أيام الأسبوع في دائرة لا تنتهي من العمل المتواصل، فمنا من يعمل عمل واحد ويعود للمنزل ليقوم ببعض التزاماته من شراء أغراض للمنزل أو قضاء مصالح أو القيام بواجبات اجتماعية أو غير ذلك، وبالكاد يستطيع الالتزام بالصلوات الخمس على وقتها، وحين يصل إلى المساء يكون قد استنزف طاقته فيغط في نوم عميق ليواصل غده بنشاط.
وبعضنا يمتهن عملا إضافيًا فوق عمله الأساسي ليوفر مستوى حياة أفضل لأسرته، فلا يكاد يقوى على أي مجاملات أو حتى واجبات اجتماعية، ولكن المؤسف في هذه الأنماط أنها دفعت أصحابها إلى تضييع يوم العبادة والطاعة يوم الجمعة وعيدها، ودفعتهم إلى استثماره في شيء واحد وهو النوم لساعات متأخرة من النهار، فمنا من يقضي ليله ساهرًا لأنه يعوض السهر بالنوم طوال النهار لدرجة قد تفوت عليه صلاة الجمعة، والبعض يثأر لنفسه من اسبوع مليء بالتعب والعمل فيختار قضاء جمعته في غرفة مكيفة لا يعرف فيها إلا النوم والسكون.
تخصيص يوم الجمعة للأعمال المنزلية المتأخرة
بعض الآفات التي أصابت الوقت والتي يمارسها النساء بصفة خاصة، سواء السيدات العاملات أو ربات البيوت، وتلك الافة هي تخصيص يوم الجمعة للترتيب والتنظيف وإعداد العام والوجبات، وغسيل الملابس وكيها وغير ذلك من الأعمال، فالسيدة العاملة لا يوجد لديها متسع من الوقت لإنجاز تلك الأعمال إلا يوم العطلة، وربات البيوت أيضا دائمًا لديهن من الأعمال المؤجلة ما ينتظر يوم الجمعة، فترى الواحدة منهن في آخر يومها لا تقوى على الوقوف على قدميها فضلا عن الصلاة والذكر والدعاء وغيره، لأن قوتها كلها موجهة لأعمالها المتراكمة.
تخصيص يوم الجمعة للفسح والخروج
الطلبة المشغولون طوال الوقت بالمذاكرة والدروس، يجعلون يوم الجمعة يوم الفسح والخروج والترفيه واللهو، وبالطبع ليس ثمة اعتراض على الخروج أو الترويح عن النفس ولكن الاعتراض أن يكون الترفيه فيه تضييع لفضائل عظيمة وهبات غالية، فكل يوم جمعة يمر بنا قد يكون الجمعة الأخيرة لنا، فكيف نضيعه بلا تحصيل لأجر ولا تحري دعوة نرجو اجابتها، ولا قراءة آيات تكفر ذنوبنا وتضيئ الدرب أمامنا.
قضاء يوم الجمعة مع مواقع التواصل الاجتماعي
أصبحت علاقتنا بمواقع التواصل الاجتماعي أقوى من علاقتنا بأهالينا واخواننا في البيوت، فمنا من يهمل واجباته أو التزاماته أو حتى عبادته في سبيل اشباع رغبته في متابعة مواقع التواصل الاجتماعي، وبعضنا الأفضل حالا ينكبون على أعمالهم أو دراستهم أو ما عليهم من واجبات، انتظارا ليوم الجمعة حيث التفرغ للعالم الافتراضي ومتابعة مستجداته وما يقال ويجري فيه، فتسرق تلك المواقع ساعاته ساعة تلو الأخرى، فيسهوا عن قراءة القرآن وينسي ذكر الرحمن.
وفي الختام
هذا تذكير للشباب والبنات الذين يعقون يومًا يمر بهم كل أسبوع فيجعلونه حجة عليهم بدلًا من أن يجعلوه حجة لهم، فإليهم وإلى أنفسنا من قبل نوجه دعوة صادقة من القلب أن نجعل أيام الجمعة عيدًا حقيقيًا، فنحسن اغتنام فرصه الغالية ندعو ونقرأ القرآن ونكثر من ذكر الله ونحرص على الصلاة صلاة الأرحام، نجدد نوايانا ونجعل لآخرتنا من يومنا نصيبًا، فكما هو رائع أن تحرص على إسعاد نفسك وارضاء رغباتك وتحقيق أهدافك الدنيوية أن ترتقي بإيمانياتك تكون أقرب إلى الله مع كل يوم يمر بك.