هذا إنذار لكل امرأة حبلى. إذ يجب أن تحتفظ في مكان ما بصورة من بطاقة العائلة حتى لا تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه كما جرى لامرأة في الأحساء.
هذه المرأة فاجأها المخاض وهي إلى جذع إحدى نخيل الأحساء، وحين تأكدت أن الوقت قد حان، اتصلت بزوجها الذي سارع إلى نقلها لمستشفى النساء والولادة. وطبعا كان من المفترض أن تكتمل القصة كالتالي «عند باب المستشفى فوجئ الزوج بطبيب مختص وممرضة متمرسة وموظف إداري في استقباله وإلى جوارهم عربة نقل مخصصة للحالات الطارئة. تلقفوا المرأة وهرعوا بها إلى كشك الولادة. بعد دقائق تعالت صرخات المولود الجديد، فيما كانت الممرضة تجري باتجاه الزوج لتزف له البشرى: مبروك بابا. انتا فيه ولد. ومدام صحة كويس. وبعد ذلك عاش الثلاثة في تبات ونبات وخلفوا مزيدا من الصبيان والبنات».
لكن لحظة. القصة لم تجر هكذا. احذفوا رجاء ما بين القوسين. وسأبدأ من جديد: عند باب المستشفى.. لا بد أنكم تعرفون ماذا يحدث عند باب المستشفى، المهم أن الزوج المسكين والزوجة التي كانت تغالب آلاما كطعن السكاكين تم وضعهم على «الهولد». انتظري. لا تلدي الآن. أين بطاقة العائلة يا شطار؟ اعطوهم بطاقة العائلة. لكن ولأن أحدهم موظف لا يقوم بمهامه كما يجب، فقد اكتشفوا فجأة أن آلة التصوير خارج الخدمة مؤقتا. ولأن موظفا آخر يريد أن يقوم بمهامه كما يجب فقد «ركب رأسه»: على جثتي. لن تدخل هذه المرأة إلى كشك الولادة إلا بعد إحضار الصورة. وهنا أسقط في يد الزوج الذي صار يجري في الشوارع يبحث عن محل لتصوير المستندات في أنصاف الليالي.
طيب وبعدين؟ هل ماتت المرأة أم تمت الولادة؟ الحقيقة أنني لا أعرف ولست مهتما. لكنني أود الحديث عن حالة البرود التي تكتشفها في معظم موظفي المستشفيات. الأدهى هم الأطباء. ليسوا بالغي البرود فقط بل قوالب ثلج متحركة. تصحب مريضا أو مصابا فتمضي ساعات تستجدي أن يساعدك أحد. لكن لا أحد يعبأ أبدا. الموظفون لا يردون عليك والأطباء يمرون بك وهم يتضاحكون وكأن هذا المصاب الذي يكاد يموت قطعة أثاث لا قيمة لها.
تخرج عن طورك فتصرخ «يا هوه. يا عالم. الحقونا». مع ذلك فكأنك تصرخ في مجموعة من الصم والبكم. لا أحد يرد أيضا. وإذا ما تفضل أحدهم عليك بالتفاتة خاطفة فسيقول لك التالي «مو شغلي». حسنا. ما هو شغل الأطباء والممرضين في المستشفيات إذن؟ أن يسلوا الممرضات؟ أن يطقوا الحنك مع موظفات الاستقبال؟ أن يتمشوا في الأسياب مثلا؟ ما هو شغلهم يا ترى إن لم يكن إنقاذ المصابين وعلاج المرضى.
ويبدو والعلم عند الله أنك لست مضطرا فقط إلى إحضار صور طبق الأصل عن هويتك وبطاقة العائلة وجواز السفر ورخصة القيادة حين حضورك إلى المستشفى. كلا. هذه أشياء مهمة، لكن الأهم هو أن تحضر معك طبيبا وممرضة. فغالبا لن تعثر هناك على طبيب يتصدق ويتبرع بالكشف عليك.
بقلم: أحمد ضيف