شر البلية ما يضحك.. عندما عدت من إحدى الرحلات الداخلية لفت نظري شيخ على عتبات الـ 90، تبدو عليه علامات الإرهاق وهو يستجدي أصحاب التاكسي، وبدافع الفضول سألت عن حاله وعن سبب وجوده في هذا اليوم الحار، فأجاب: أوصلت زوجتي للمطار فهي تحب أن تقضي من ثلاثة إلى أربعة أشهر في بلادها كل عام، وأنا لا أستطيع أن أرفض طلبها المعقول، وأوفر كل ما يلزم للرحلة، فكل شيء يرخص من أجلها يكفيني منها كلمة: أمرك يا حاج، بخلاف زوجتي الأولى.
لم أكن أتوقع أن يكون الرد مرافعة تتضمن شرحا مفصلا عن فضائل الزوجة الأجنبية وعيوب بنت البلد.
سألت الشيخ: هل كان سبب زواجه من أجنبية رغبته في سماع كلمة: «أمرك يا حاج»؟
قال: لا، لكن زوجتي الأولى تقدمت في العمر ومرضت، وأنا كرجل لي طلبات وما زلت في كامل قوتي، وهي عاجزة حتى عن تقديم كأس من الماء لي، ولهذا طلبت العون من أحد كبار القوم بتسهيل زواجي من خارج البلد، ففعل.
العجيب أنه لا يبدو عليه شيء من العناية، كما يدعي، وبعدما فرغ من مرافعته مستدلا على عيوب بنت البلد بشواهد، أولها أنها قليلة الخبرة في متطلبات دلال الرجل، ومتهاونة في طاعته وفي الخدمة الشخصية، وهي مهما فعلت تبقى أقل بكثير من الخدمات التي تقدمها الأجنبية، فضلا عن مرضها وعجزها الذي يضع حدا لخدمتها كزوجة.
ويطلب الشيخ من شباب البلد ألا يغامروا ويتزوجوا من بنات البلد حتى لا تضيع عليهم 70 عاما مع زوجة تنجب الكثير من الولد، وتستر الحال، وتعمل في سبع مهن في بيت الزوجية من دون مقابل، وكل ذلك لا يغفر لها، كونها لا تعرف تقول: «أمرك يا حاج» بينما هو يحرمها من العلاج الذي لا يساوي ربع تكاليف رحلة الأجنبية.
بقلم: فاطمة عطيف
وفي سياق متصل؛ أقترح عليكم..