أرسل إلي أحد الأصدقاء قبل مدة صورة لإعلان طلب وظائف عمره يعود إلى ما يزيد عن ثلاثين عاما، هذا الإعلان تضمن طلب موظفين حاصلين على الشهادة المتوسطة، كما أن الراسبين في الشهادة المتوسطة أيضا مرحب بهم، وهناك عرض لمزايا أخرى، مثل الراتب الذي يزيد عن ثلاثة آلاف ريال، كما أن هناك سكنا مجانيا، إلى جانب التشديد على أن فرص الترقي الوظيفي واعدة بشكل كبير.
الإعلان القديم يبدو اليوم إعلانا متخيلا لكثير من الشباب، فالمزايا التي حفل بها غير موجودة في طلبات التوظيف الحالية، على الرغم أن طلبات التوظيف فيها نظر؛ لأن الطلب في العادة يكون بهدف تحقيق نسب السعودة.
وقرب الإعلان في تلك الفترة إلى الخيال منه إلى الحقيقة راجع إلى عدة أمور، فحملة الشهادة المتوسطة والراسبون فيها أي حملة الشهادة الابتدائية محل ترحيب، بينما اليوم حملة الشهادات الجامعية لا يجدون فرصا ملائمة، أحيانا حتى الفرص غير الملائمة غير موجودة، إضافة إلى أن الراتب الذي يزيد عن ثلاثة آلاف ريال أصبح بعيدا، فرواتب القطاع الخاص تدور حول 1500 ريال، وبالطبع لا تكفي لشيء، لهذا السكن يحتاج وحده إلى مرتب.
الإعلان على الرغم من أنه قديم إلا أنه يشكل شهادة على أن آلية التوظيف لم تواكب المجتمع، وكأن المسألة حاجة إلى موظفين في فترة ما، وبعد أن انتهت توقف كل شيء، فالتوظيف تقلص، والمرتبات تراجعت من حيث الكم، كما تراجعت من حيث القيمة الشرائية، عدم المواكبة تكشف أن هناك خللا، فعدد المواطنين زاد، وكثير منهم في أفضل حال بالنسبة لسوق العمل، وهناك تأهيل جيد من حيث التعليم، ومع كل ذلك لا تتوافر الفرص الوظيفية.
أحيانا قد يحتاج المعني بشؤون العمل والتوظيف إلى أن يراجع الأعداد القديمة من الصحف، وأن يتنقل بين الإعلانات المنشورة حول التوظيف ليلاحظ الفرق بين الماضي والحاضر لعله يجد أعذارا غير أن ذلك زمن مختلف عن الزمن الحالي.
بقلم: منيف الصفوقي