«الأرقام لا تكذب»، هذا صحيح. ولكنها تقدم خدمة مجانية أخرى حين تكشف لك اتساع الفجوة بيننا وبين الدول المتقدمة أو حتى النامية منها، أما كيف؟ فأنت بالخيار الآن بين أن تبحث عن قوائم ترتيب الدول التي تهتم بالشؤون المعرفية أو الصناعية أو البحثية أو المعلوماتية أو تلك الأخرى التي تعمل على التقليل من أضرار التلوث بكافة أشكاله لتجد أن لا أثر لأي دولة عربية في المقاعد العشرة الأول على الأقل، وبين أن تردد في سرك «لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم»! فالطريقة الوحيدة لإيجاد دولة عربية أو أكثر في تلك القوائم هو قراءتها بطريقة معكوسة!
ما رأيكم بمثال؟ اقرؤوا إذن، وفقا لاستقصاء أجراه باحثون فإن حجم النفايات التي تنتجها مدينة بكين الصينية وحدها يبلغ أربعة ملايين طن في العام الواحد، هذه النفايات تخضع لخطة محكمة تبدأ بالفرز الأولي ثم الفرز النهائي الذي تبدأ من بعده خطوط إنتاج مختلفة لمشاريع إعادة تدوير النفايات التي تهدف إلى التخفيف من الأثر البيئي الضار لها وإلى التخفيف من الآثار السيئة لمدافن النفايات وخلق فرص وظيفية أخرى.
وبعد ذلك كله فإن أرباحها تقدر بمليارات الدولارات! دعونا ننتقل الآن لإحصائية عربية أخرى تذكر أن 2.5 مليون طن هو حجم النفايات لعام 2010 في ثلاث دول عربية كبرى تسير جميعها وفق خطة واحدة لا تحيد عنها ـ إلا من بعض الاجتهادات ـ حين يتم دفنها في الأرض في خطوة وصفها خبراء البيئة بأنها طريقة خاطئة قد تلقي بظلالها على التربة والمنتجات الزراعية فيما وصفها خبراء الاقتصاد بأنها إهدار لمليارات الدولارات التي كان من الممكن تفاديها بمشاريع إعادة تدوير المخلفات! هل قالت لكم الأرقام شيئا؟
في الصين اليوم كل شيء قابل للتدوير مهما كانت الأسباب، فيما لا يوجد تدوير حقيقي للمخلفات هنا دون أي أسباب، مما يجعل اقتراحا بأن يتم تصدير مخلفاتنا إلى هناك لإعادة تدويرها ثم بيعها علينا بسعر باهظ مرة بعد ختمها بـ Made in China أمرا واردا ولو من أجل البيئة فقط!
بقلم: ماجد بن رائف
وهنا أيضًا نقرأ حول: ثروة النفايات.. استثمار مربح، فرص عمل جديدة، حماية للطبيعة وتوفير المواد الخام