في ناصية طريق مزدحم، التقت أعينهما لوقت طويل، على الرغم من أن كليهما كان متعجلا. كان الحب حاضرا في هذا اللقاء البسيط، الذي انتهى بابتسامة واصل بعدها كل منهما طريقه إلى عمله. كانت تشغل تفكيره طوال الوقت! وعلى غير العادة يقطع شخص آخر انتباهه، شخص لا يعرفه، ويراه للمرة الأولى! هو كذلك كان يشغل تفكيرها، ولأول مرة بدأت بنسج أحلامها بناء على شخص عابر، التقت به صدفة في دقائق صامتة.
في اليوم التالي، التقيا في المكان نفسه والصدفة نفسها، كان اللقاء يحمل ضجيجا عاليا بالقدر نفسه الذي يحمله من الصمت. لم يستغرق الأمر كثيرا، ومضى كل منهما في سبيله.
في المساء أخرج ورقة بيضاء، وتناول قلمه وبدأ بالكتابة «إذا أردت شيئا بقوة، فأطلق سراحه، فإن عاد إليك فهو ملكك للأبد، وإن لم يعد فهو لم يكن لك من البداية!». وعلقها في منتصف لوح ملاحظاته، وراح يغط في نوم عميق.
وفي المساء ذاته، تناولت هي ورقة ذات ألوان باهتة، وأخرجت قلما وبدأت بالكتابة «إذا أردت شيئا بقوة، فأطلق سراحه، فإن عاد إليك فهو ملكك للأبد، وإن لم يعد فهو لم يكن لك من البداية!». ثبتتها على شباك غرفتها الذي تحب المكوث أمامه طويلا، وذهبت إلى سريرها.
في الغد كان لقاؤهما الثالث، الزحام نفسه، والضجيج نفسه، وكذلك الصمت نفسه. التقت أعينهما، وتذكر كلاهما ملاحظة الأمس، فأشاحا بأبصارهما في وقت واحد فجأة، ومضيا كما يفعلان دائما. وكان لقاؤهما الأخير! ما تريده ستكون أحمق إذا أطلقت سراحه، فالأشياء التي نطلقها تمتلك كرامة تمنعها من أن تعود مجددا! إذا أردت شيئا بقوة وأطلقته فأنت لا تستحقه حتى لو كان لك!
يجب أن تغير القانون، وتكتب في داخل صدرك من جديد: «إذا أردت شيئا بقوة فاذهب إليه، إن قطعت طريقك بكامل إرادتك سيكون لك».
تعلم ألا تترك الأشياء، هي لك إن دفعت ثمنها الذي تستحقه، وإن لم تفعل، فأنت لا تريدها في قرارة نفسك. ولى زمن مارد علاء الدين منذ وقت طويل، فكن مارد نفسك.
بقلم: أيمن الجعفري