هل يستقيم مصطلح إدمان الغذاء علميًا؟ وما الفرق بين الإدمان والإشتهاء؟
عن إدمان السكريات والدهون قالت “د. ربى مشربش” أخصائية التغذية. مصطلح إدمان من المصطلحات العلمية الدقيقة جدًا، وذات الخصائص التحليلية الواسعة، ولا يمكن أبدًا وصف الإشتهاء المستمر لصنف غذائي معين بالإدمان المطلق، دون الرجوع لنتائج فحوصات نفسية وعلاجية دقيقة.
لماذا يتسبب الغذاء الغني بالمواد التي تحتوي على السكريات والدهون في الإشتهاء المستمر له؟
يجب التفريق بين الأغذية الطبيعية الغنية بالسكر والدهون كالفاكهة أو الفستق والجوز والزيوت العادية وبين الأغذية المصنعة.
لأن الأغذية الطبيعية لا يحدث فيها أبدًا الدمج بين السكريات والدهون، فإما أن تكون غنية بالسكر وإما أن تكون غنية بالدهون.
أما الأغذية المصنعة بيد الإنسان أصبحت تجمع بين العنصرين، وبصور مبالغ فيها جدًا.
وأبرز الأمثلة على ذلك حبوب الكاكاو، حيث كانت تُطحن وتُحمص لإستخدامها كمشروب، ثم أُضيفت لها كميات من السكريات والدهون، فأصبحت تؤثر على مناطق من الدماغ بالشكل الذي أصبحت معه حبوب الكاكاو المصنعة باعث على اللذة ونشوة السعادة التي يشعر بها الإنسان عند تناولها بطرقها التصنيعية المختلفة.
ومن هذه النقطة تحديدًا يتأكد لدينا وجود حالات من الإدمان الغذائي، وأنه ليس نوع من المبالغة اللفظية، كما أصبح من السهل تشخيصه طبيًا وغذائيًا وسلوكيًا كغيره من أنواع الإدمان على المخدرات والكحول… إلخ.
وكما أن أنواع الإدمان المذكورة تؤثر على مناطق الدماغ المسئولة عن إعطاء شعور اللذة والفرح والرغبة، فإن إدمان الأغذية ناتج عن تأثير هذه الأغذية على نفس المناطق الدماغية المسئولة. وأثبتت الدراسات أن الأغذية المصنعة المرتفعة السكريات والدهون والغنية بالكربوهيدرات المُصنع ذات تأثير مساوٍ على المناطق الدماغية المسئولة عن شعور اللذة والشهوة، مثلها مثل أنواع الإدمان الأخرى.
وعلميًا تُحفز الأغذية الغنية بالسكريات والدهون إفراز مادة الدوبامين في وسط الدماغ، وهذه المادة مسئولة عن إعطاء الشعور بالسعادة، ثم يتحول هذا الشعور تدريجيًا إلى حالة من الإدمان وعدم القدرة على الإستغناء، وهذا ما يؤكده ويُثبته مجموعة من التصرفات والأعراض الظاهرة نذكر منها:
تبدل المزاج الشخصي إلى العصبية عند التأخر في الحصول على الصنف الغذائي الباعث للسعادة.
تأثر التعاملات الإجتماعية والعلاقات حال الرغبة في تناول الصنف الغذائي.
إلتهام كميات كبيرة من الصنف الغذائي، مع عدم القدرة على السيطرة على شهوة الأكل.
تأثر الأنشطة الحياتية اليومية حال الرغبة في تناول الصنف الغذائي.
وهذه التصرفات الحياتية المذكورة خط فارق بين إدمان الصنف الغذائي وبين إشتهاءه فقط. والدليل العلمي والعملي يشير إلى الوصول إلى هذه المرحلة من الإدمان الغذائي مع السكريات والدهون المضافة في الأغذية المصنعة، وليس السكريات والدهون الطبيعية.
وتجدر الإشارة إلى أن الإدمان الغذائي يتولد من:
تكرار تناول الصنف الغذائي مع عدم القدرة على التوقف.
كمية المتناول منه.
وقد يكون الإدمان لصنف واحد معين كالشيكولاتة، وقد يكون لمجموعة من الأغذية السكرية الدهنية التي تشكل مجتمعة حالة من الإدمان الغذائي.
كيف نتعامل مع الأطفال إذا ما عانوا من الإدمان الغذائي؟
أردفت “د. رُبى” تتشابه طرق التعامل في مجملها بين مدمني الغذاء من الكبار والصغار، وأبرزها ما يلي:
الأجدر صحيًا عدم تعويد الأطفال في الأعمار الصغيرة على تناول الأغذية الغنية بالسكريات والدهون، فهو لا يحتاج إليها من الأساس في عمليات النمو، بل على العكس هي أضر به ودون نفع.
عدم تعزيز إدمان الأطفال – والكبار – للأغذية السكرية الدهنية بتكرار تناولهم لهذه الأغذية، والأولى اللجوء إلى البدائل الطبيعية المفيدة والتي لا تجتمع فيها أبدًا السكريات والدهون.
تلمس المساعدة من المختصين كالطبيب أو أخصائي التغذية (والنصيحة للكبار أيضًا).
التيقن من وجود أعراض إنسحابية للإدمان الغذائي كأشباهه من أنواع الإدمان الأخرى، حيث تتبدل الحالة المزاجية ويُصاب المدمن الغذائي بنوبات من العصبية وقلة التركيز.
تختلف طريقة التعامل من حيث التوقف التدريجي أو التوقف النهائي عن تناول الصنف الغذائي من حالة إلى أخرى، وبشكل عام يعتبر التقليل التدريجي من كميات الطعام ومرات التناول أسلم طرق العلاج.