يُعد الخوف من كلام الناس ظاهرة اجتماعية متفشية في مجتمعاتنا، تربى عليها الصغير، وشاب عليها الكبير، وأصبحت هاجساً لدى كثير من الناس يحسب لها ألف حساب. فما حدودها الطبيعية؟ وما مدى تأثيرها سلباً أو إيجاباً على حياتنا؟
ما مدى تأثر الأشخاص بكلام من حولهم في المجتمع
يقول الدكتور “محمد الدندل” الاستشاري في الطب النفسي: أن الإنسان بشكل عام هو كائن اجتماعي، يحتاج إلى الناس في حياته، ويحتاج إلى درجة من التكيف مع متطلبات المجتمع.
وللأسف في مجتمعنا العربي، يكون لدينا الحرص المبالغ فيه على إظهار صورة مثالية أمام الآخرين؛ مما يولد الكثير من المشاكل النفسية التي نجدها في عيادات الأطباء النفسيين مثل القلق، قلة الثقة بالنفس، الوسواس القهري، وغيرها؛ وسبب ذلك أن الثقافة الاجتماعية ضاغطة جداً على الفرد ومعقدة، فيضطر الشخص إلى عمل تخطيط، وحسابات أكثر من اللازم حتى يظهر بصورة ترضي الأخرين حوله.
وللأسف أيضاً لا يتكلم الأشخاص عن غيرهم بشكل إيجابي أبداً مما يزيد من حجم تلك المشاكل.
والكائن البشري بشكل عام يحتاج إلى ١٨ عام حتى يكتمل نضجه الجسدي والنفسي، ويظل الشخص خلال تلك السنوات متأثراً بآراء من حوله، كما يجعل الأمر يتكون لديه بشكل غير واعٍ، فيتكون لدى الشخص شعوراً بأنه يُحب ممن حوله حب مشروط، ولن يكون آمن أو محبوب إلا في حالة أن يطابق صور اجتماعية قد لا تكون مناسبة له تماماً.
واقرأ: ما هي فوبيا الحيوانات الأليفة وطرق علاجها
والمشكلة بالدرجة الأولى تعتبر مسألة تربوية؛ فإذا صار الشخص شاباً ولديه مشاكل مثل الرهاب الاجتماعي، وقلق، كما سيظل طوال حياته بشكل غير واعٍ خائف من حكم الأخرين، مما يجعله محتاج إلى الخضوع إلى علاج نفسي مكلف وطويل الأمد، لذلك فبدلاً من ذلك يجب أن ينتبه الأهل منذ البداية، في أن يشعرونه بأنه محبوب حب غير مشروط، وبأن يشعر بالأمان المطلق؛ مما يتيح له الفرصة بأن يتماهى مع المجتمع بشكل آمن، ويتكون لديه شعور بالمسؤولية تجاه الآخر، ولكن بدون قلق أو خوف، كما يجعله يتبنى قيم المجتمع مع شعوره بالحرية الداخلية، والإقبال على الحياة، مع وجود قدرة على الحياة والإبداع والتعامل مع مشاكل حياته في المستقبل.
ومما لا شك فيه أن الخوف هو أساس كل الشعور؛ فهو معيق للإنسان بكل المقاييس، والمحاولة الدائمة للمجتمع لتنميط الأشخاص وجعلهم جميعاً صورة واحدة سبباً رئيسياً في توليد الخوف لدى الأشخاص؛ ولذلك تأثيراً مدمراً على العديد من الأسر بأكملها؛ فقد تظل الأسرة لفترة كبيرة محافظة على شكلها الخارجي خوفاً من فكرة الانفصال أو الطلاق، مع وجود أطفال في تدمير مستمر في تلك البيئة القلقة والموترة.
ومن الجدير بالذكر، فإن هناك بعض الكلام الذي يقال من قبل بعض الأشخاص يكون عبارة عن إسقاط؛ فإن الشخص حين يؤذي غيره بكلامه، وبأن يوصف الأخرين بأشياء سيئة يكون ناتج عن كونه كذلك؛ حيث يشعره ذلك بأنه شخص أفضل منهم.