يوجد في المملكة ملايين الوافدين يعملون لدينا، يقدمون خدمة نحتاج إليها مقابل أجر معلوم نهاية كل شهر.. نحن الذين نرسل في طلبهم كي يقدموا خدماتهم هنا ويقوموا بأعمال لا نستطيع القيام بها.. إذن فهم ليسوا عبيدا لدينا أو مملوكين، أو لنا حق في أجزاء من أجسادهم أو أرواحهم.
هيثم.. شاب عربي كان يعمل في مطعم في دبي.. جاءه عرض مادي أفضل بقليل في السعودية فاتخذ قراره بالانتقال.
استقبله «الكفيل» السعودي وذهب به نحو مطعمه مباشرة للعمل.. أهمل حقه في السكن ابتداء، وهو الذي لا يعرف أحدا هنا، وأجابه عن تساؤله حول مكان نومه بجملة عتيقة «دبر عمرك».. لم يستوعبها كثيرا لكنه عرف معناها عندما أتى الليل وهو بلا مأوى و «عمره» غير مدبر!
بعد انقضاء ثلاثة أيام من العمل، سأل هيثم كفيله عن العقد والأجر، فرد عليه أنه سيجربه ثلاثة أشهر بلا عقد، وقدم إليه ورقة مكتوبا فيها أنه قد تسلم رواتبه لهذه الأشهر الثلاثة.. بالطبع رفض هيثم هذه الطريقة وطلب منه عقدا يضمن له هذه الأشهر، لكنه رفض.. عرف هيثم أن هذا الكفيل لن يمنحه أي حق من حقوقه.. ولكنه كان مطمئنا بأن الجهات التنظيمية ستنصفه.
وفعلا ذهب إلى مكتب العمل الذي استدعى الكفيل أكثر من ثلاث مرات ورفض الذهاب.. تمر الشهور على هيثم وهو بلا عمل ولا مأوى والكفيل يرفض حتى الانصياع لاستدعاء الجهات الرسمية. وفي النهاية، طلب هيثم أن يسافر نهائيا لبلده.. لكن الكفيل رفض منحه جواز السفر طالبا مبلغ ألفي ريال، فوافق هيثم.. لكن الكفيل رجع عن قراره!
لم يجد الشاب سوى الترحيل.. لكنه يعرف أن دولته لن تتهاون معه أبدا بسبب فقدان جوازه وستحاسبه وقد تلقي به في السجن.. فتراجع.
ليس هناك من يستطيع أن يجبر الكفيل على تسليم جواز هيثم.. دعونا نتأكد، هل هيثم «ورقة» من أوراق هذا الكفيل الذي لا يستطيع أحد إجباره على تسليم هيثم حقوقه؟
أليست هذه تعاملات مرفوضة لا يقبلها التاريخ ولا الضمير الإنساني؟
بقلم: ثامر المحيميد