كم أتمنى فعلا لو أن هناك اهتماما بتخصيص أماكن للمشاة، كما هو الحال بتخصيص أماكن للنساء!
فمدينة مثل الرياض مثلا، هي مدينة مخصصة للسيارات، فالإنسان الراجل لا يستطيع التفكير بزيارة أي مكان قريب منه سيرا على الأقدام دون أن يعود ليركب سيارته، فلن تتوقف له السيارات التي تسير في الشارع الصغير أو الكبير، فالجميع يبدو مستعجلا وكأن لديه حالة طارئة، والكل يريد أن يتجاوز الآخر فيما يبدو الآخر مشغولا عنه! وإذا حاولت مجرد محاولة أن تعبر الطريق فستصيح الأبواق في وجهك، وستسمع من يقول لك «يا أخي اعبر من الطريق المخصص للمشاة!» وكأن طريق المشاة يبدو مألوفا لهم، أو يبدو مستخدما من قبلهم!
ولهذا فإن السبيل الأمثل للنجاة هو التفكير دائما حين تهم بالخروج لساحة الطريق ولكي تعود سالما لبيتك وعائلتك هو الإيمان بمبدأ السلامة الأكثر نجاحا وهو: أن تفترض أن كل الآخرين هم في الحقيقة ليسوا سوى مجانين يحاولون اعتراض طريقك، وأنت الوحيد العاقل من بينهم.
فلا تحاول أن تلتزم بأنظمة السير المرورية، ولا تجهد عقلك بتحليل الأمور من منطلق «هو الغلطان»؛ لأنك لو حاولت فبالتأكيد ستعرض حياتك وحياة الآخرين للخطر، والموت في سبيل إثبات هذه النظرية لا يستحق كل هذه الخسائر، فلو وقع حادث دهس، ستُقرر نسبة الخطأ على المدهوس؛ لأنه لم يعبر من الطريق المخصص للمشاة، بغض النظر عن وجود مسار مخصص للمشاة أصلا في الطريق من عدمه!
وستبدو عبارة «لا تعبر إلا من الطريق المخصص للمشاة» عبارة مألوفة لدينا فقط في اللوحات المرورية الإرشادية، أو عبارة تستخدم فقط في المواضيع الإنشائية بمادة التعبير حين يأتي أسبوع المرور، لكن على أرض الواقع من النادر أن نشاهد مسارا مخصصا للمشاة، ومن النادر أيضا أن نتوقف نحن كي يعبر المشاة.
بقلم: سعود البشر