الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على النبي الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد فسوف نتناول وصية من وصايا الحبيب الشفيع للأمة متمثلة في شخص أبي هريرة رضي الله عنه والتي جاء فيها (عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه قال: أوصاني خليلي بثلاث بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وركعتي الضحى وأن أوتر قبل أن أنام)، في هذه الوصية يرشد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم سيدنا أبو هريرة ويحثه على ثلاثة من السنن والتي يقصر فيها كثير من الناس أو يغفلون عنها وهي سنن جليلة القدر عظيمة في الأجر.
ولقد عبر سيدنا أبو هريرة ووصف رسول الله بالخليل إشارة إلى حبه العميق لرسول الله وقربه منه ولا يتنافى هذا مع قوله صلى الله عليه وسلم: (لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر، غير أني خليل الله) ومن هذا الحديث استدل العلماء على جواز الإفتخار والإعتزاز بصحبة الوجهاء وأهل الفضل لا سيما العلماء والصالحون.
الوصية الأولى: صيام ثلاثة أيام من كل شهر
إن الصوم مدرسة التقوى ومدرسة الصبر وهو ميدان لتربية النفوس على مراقبة الله عز وجل حيث أنها العبادة الوحيدة التي نسبها الله لذاته خاصة والله وحده يثيب عليها (كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به).
ولا ينبغي للمسلم أن يقتصر على صيام الفريضة بل عليه أن يتزود من مدرسة التقوى والصبر في كل شهور العام (وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون ياأولى الألباب) ولأن الله تبارك وتعالى بمنه وكرمه يضاعف الحسنة بعشر أمثالها فإن من يحافظ على صيام ثلاثة أيام من كل شهر كان كصيام الدهر.
وفي الصوم عافية للأبدان ودحر للشيطان وإرضاء للرحيم المنان فياحبذا لو تمسكنا بسنة الحبيب وهديه في الصيام.
الوصية الثانية: صلاة ركعتي الضحى
هذه الصلاة جاء في فضلها أنها صلاة الأوابين لأنها بين صلاتين متباعدتين وهما صلاة الصبح وصلاة الظهر وهي صدقة على بدن الإنسان وعافيته كما جاء في الحيث (يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تكبيرة صدقة وأمر باالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) ويبدأ وقت صلاة الضحى من بعد شروق الشمس وارتفاعها في السماء بمقدار رمح، والرمح قدره الفقهاء بثلث الساعة ويمتد وقتها الى ما قبل وقت الظهر بنصف الساعة وتصلى ركعتين أو أربع ركعات أو ست ركعات أو ثمانية وتصل إلى اثنتي عشر ركعة وهي من النوافل عظيمة الأجر ولذا حرص عليها النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء من حديث ام هانئ رضي الله عنها (أنه لما كان عام الفتح ،أتت الرسول صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى غسله، فسترت عليه فاطمة، ثم أخذ ثوبه والتحف به، ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى، أي صلاة الضحى).
وكيفية آداء صلاة الضحي كما تأدى أي صلاة ثنائية أو صلاة سنة، ركعتين متصلتين بتشهد وسلام، ثم يصلي ماشاء مثنى مثنى إلى اثنتي عشرة ركعة، ونافلة الضحى هي صدقة على بدن الإنسان وقربى الى الله، وهي مع صلاة الفجر والجلوس لذكر الله يعدل ذلك أجر حجة وعمرة تامة تامة فعن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى الفجر في جماعة ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كتب له أجر حجة وعمرة تامة تامة).
الوصية الثالثة: صلاة الوتر
إن صلاة الوتر من آكد السنن التي لم يتركها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لا في حل ولا في سفر ومما يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (الوتر حق على كل مسلم، من أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل )، ويصلى الوتر بعد صلاة العشاء إلى وقت طلوع الفجر.
وعلى المسلم أن يصليها ويحافظ عليها لإن الصلاة بشكل عام تمحو الذنوب والأثام وكلما تقرب العبد إلى الله بصلاة النافلة أحبه الله، هذا والله تعالى أعلى وأعلم ..سبحانك اللهم وبحمدك أشهد ألا إله إلا أنت أستغفرك ،وأتوب إليك.