حيث نبدأ الحديث عن أهم شخصيات حرب أكتوبر ١٩٧٣م، فيجب العلم أن جنودنا الباسلون تألقوا في هذه الحرب وبذلوا الغالي والنفيس وجاهدوا بأنفسهم لتحقيق النصر أو الشهادة، ولقوة إيمانهم بالله ولحبهم لوطنهم نالوا ما أرادوا وانتصروا لمصرنا العزيزة بفضل الله ثم فدائيتهم حتى لقى منهم في الحرب ما لقى، وشاهد الباقون النصر بأم عيونهم، وذلك من أجل عودة الأرض المحتلة سالمة إلينا، وطرد المعتدين الغاصبين من أراضينا.
إن النصر الذي كلّل حرب أكتوبر المجيدة أو كما أُطلق عليها “حرب العاشر من رمضان” ضرب المصريون فيه أروع الأمثلة لتكون نبراسًا للأمم، ولتدرس بعد ذلك في أكبر الجامعات ليتعلموا من الجندي المصري كيف تُبذل الأرواح في سبيل الوطن.
لذا وجب علينا أن نخلّد ذكراهم بالحديث عن بطولاتهم وتضحياتهم العظيمة؛ فهُم صانعوا تاريخ مصر الحديث، وهم أهم شخصيات حرب أكتوبر.
١. الرئيس أنور السادات
هو أهم شخصيات حرب أكتوبر بالطبع، رئيس مصر وحاكمها من ١٩٧٠ حتى ١٩٨١، تسلم مقاليد الحكم بعد النكسة بثلاث سنوات، حيث الغضب العارم الذي يجتاح البلاد والمظاهرات التي يطلقها الشباب في الجامعات مطالبين بالحرب على الأعداء.
حمل الرئيس السادات على عاتقه مهمة تحرير أرض سيناء، فبات يدبر ويخطط ليل نهار، وقرر الحرب ومباغتة العدو الذي اطمئن لعدم إبداء السادات استعدادًا لحرب، بينما هو يحيكها ويرسم خريطتها في الخفاء، وحشد جنوده على الجبهة، وانطلقوا كقذيفة صاروخ في وجه العدو ظهر السادس من أكتوبر مجاهدين بلا هوادة حتى حققوا النصر المبين.
لُقب الرئيس السادات ببطل الحرب والسلام، فكان يدعو دائمًا للسلام والوئام بين الدول، ويسعى إلى النهوض والتنمية، واستطاع بعد مفاوضات عدة الوصول إلى معاهدة سلام نهائي بين مصر والإسرائيليين.
وفي يوم الاحتفال بذكرى نصر أكتوبر المجيد، تم اغتيال السادات، ومات ولم تمت ذكراه حتى اليوم.
٢. الفريق محمد عبد الغني الجمسي
شغل منصب وزير الحربية سابقًا، والقائد العام للقوات المسلحة، وصُنِّف في أشهر الموسوعات العسكرية العالمية ضمن أبرع ٥٠ قائدًا عسكريًا في التاريخ، وهو آخر وزير يحمل لقب وزير حربية في مصر.
وكان الجمسي قائد عمليات الجيش في ٦ أكتوبر ١٩٧٣، وهو الذي حدد يوم الحرب وساعة الصفر التي بدأت فيها المعركة، واختار هذا اليوم وهذا التوقيت بدقة ودهاء، فهو يوم عيد وإجازة عند الإسرائيليين، ويُسمى بعيد كيبور، ومن عاداتهم إغلاق البث التليفزيوني في هذا العيد، لذا وقع الاختيار عليه، فشنت مصر وسوريا هجومها المفاجئ على القوات الإسرائيلية حتى هزمتها.
أسند إليه الرئيس السادات قيادة المفاوضات مع الإسرائيليين بعد حرب السادس من أكتوبر لشراسته وقوة شخصيته حتى أنه كان يلقب بالجنرال النحيف المخيف.
٣. الفريق سعد الدين الشاذلي
رئيس أركان حرب الجيش المصري في حرب أكتوبر، وهو العقل المدبر للهجمة الشرسة التي قام بها جنود مصر على خط بارليف المنيع، خط الدفاع الإسرائيلي، فهو مَن وضع خطة العبور، لكن كاد اسمه أن يختفي من الساحة لاختلافه مع السادات في التصعيد مع إسرائيل ومعارضته بشدة وانتقاده لمعاهدة كامب ديفيد إلى غير ذلك من قرارات الرئيس.
وكان سعد الدين الشاذلي قد اكتسب شعبية كبيرة في الجيش المصري ووسط جنوده لمواقفه التي أظهر فيها من البسالة والجسارة والثبات ما أظهر، فبعد تدمير الطيران وانقطاع الاتصال بالقيادة في حرب ١٩٦٧، ما كان منه إلا أن عبر بجنوده إلى الضفة الغربية من قناة السويس حيث صحراء النقب المحتلة في العراء دون حماية متحفزًا لملاقاة العدو مدة يومين، حتى جاء الأمر بالانسحاب الفوري، وكان آخر قائد منسحب من أرض سيناء.
كما قاد أيضًا معركة شدوان البحرية، وجابه العدو حتى طرده منها، فحُق له أن يكون رئيسًا لأركان حرب الجيش المصري، وواحدًا من عظماء حرب أكتوبر.
سيذكر التاريخ كُل جندي وكل قائد في هذه الحرب، فليس هناك ما يُسمّى بـ: أهم شخصيات حرب أكتوبر، وإنما هناك أسماء بارزة، لكن الجميع هو شخص واحد.