حث الدين الإسلامي على ضرورة السعي وراء طلب الرزق الحلال، وبالتالي فقد شجع على العمل النافع الذي لا يضر الفرد أو المجتمع بشكل عام، فقد أباح الإسلام العمل المشروع، والذي يعود بالخير على الناس ويحقق المصالح العامة لهم، فالعمل عبارة عن بذل مجهود شخصي في أحد المجالات الخاصة بهدف إنتاج أشياء نافعة للناس مما يساعد على تحقيق مطالب الفرد الشخصية، وتطور وتقدم المجتمع بأكمله، وقضاء حوائجه، ولكن يُشترط أن يكون مصدر العمل حلالًا.
أهمية العمل في الإسلام
لا تنحصر أهمية العمل في كسب المال فقط، وإنما هناك مجموعة من الأهداف التي تجعل للعمل أهمية كبيرة كغيره من العبادات، فالعمل عبادة ووسيلة يُمكن من خلالها التقرب إلى الله، وتُكمن أهمية العمل في الإسلام كالآتي:
إن العمل الصالح المقرون بالنية الحسنة، كأن يقوم الفرد بالعمل للحصول على قوت عياله، والإنفاق عليهم، وتأمين معيشتهم، وسد إحتياجاتهم، فذلك العمل يعتبر أحد العبادات الحسنة التي تقرب العبد من ربه.
العمل في الإسلام يُحقق الأمن الإجتماعي لجميع الناس مما يساعد على تحقيق التوازن النفسي للأفراد والجماعات.
العمل في الإسلام يُستخدم كمعيار لتقييم الفرد بشكل خاص والمجتمع بشكل عام، فإذا كان الفرد منتجاً، فذلك يدل على ثقافته. أما إذا كان عاطلًا، فذلك يدل على جهله، والدليل على ذلك أن سيدنا عمر ابن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا رأى غلاماً فأعجبه سأل: هل له حرفة؟ فإن قيل: لا، قال: سقط من عيني.
تأمين الرزق بالطرق المشروعة، فقد شجع الإسلام على العمل، وما يشير إلى أهمية العمل قول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ، فإذا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ).
العمل له دور بالغ الأهمية في حياة الفرد والمجتمع؛ لأنه يهدف إلى السعي وراء الرزق، لتأمين الحياة الكريمة للعامل وأبناؤه، حيث أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم قال: (ما أكل أحدٌ طعاماً قطُّ خيراً من أن يأكلَ من عمل يده، وأنَّ نبيّ الله داوود عليه السّلام كان يأكلُ من عمل يده).
أساس الدنيا قائم على الكدح والعمل، وتعمير الأرض، وزيادة خيراتها، حيث قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ).
حكم العمل في الإسلام
يرى بعض علماء الدين أن العمل الذي يهدف إلى طلب الكسب فهو واجب مفروض، وأن العمل واجب على كل مسلم قادر على العمل، وإنقسم حكم العمل في الإسلام إلى قسمين:
أولاً الكسب المفروض: هو العمل الذي يسعى إلى الكسب الحلال بهدف تأمين قوت العامل وقوت عياله، وتحصيل ما يستطيع به سداد دينه وإشباع إحتياجاته اليومية بقدر كافي، ولكن يجب الإبتعاد عن الأعمال المُحرمة التي حذر منها الله سبحانه وتعالى كأعمال السرقة والقتل وأي تجارة غير مشروعة.
ثانياً الكسب المُستحب: هو العمل الذي يهدف إلى الكسب الزائد عن حاجة الفرد لإعطاءه إلى شخص فقير أو قريب كنوع من أنواع المحبة والمودة، وهذا النوع من أفضل العبادات كما يرى أهل العلم.
أخلاقيات العمل في الإسلام
حذر الله سبحانه وتعالى من التقاعس والكسل والتكاسل والإتكالية على الآخرين، وإعتبر ذلك مذلة للإنسان، وأكد على أهمية العمل لتأمين المعيشة وخاصةً إذا كان الإنسان قادراً على العمل، فعن أنس رضي الله عنه، عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن إستطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها)، ووضع الإسلام بعض الأخلاقيات التي يجب إتباعها في العمل، وهذه الأخلاقيات هي:
• إعطاء العمال حقوقهم كاملةً، والإهتمام بمصالحهم.
• دفع أجر العامل فور الإنتهاء من العمل، وإعطائه أجره كاملًا دون نقصان، حيث قال تعالى: (وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ).
• توفير عمل يتناسب مع المجهود الذي يستطيع العامل بذله.
• عدم المماطلة في دفع أجور العاملين، والحرص على إعطاء العامل أجراً أكثر من حقه، حيث قال تعالى: (وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ).
• الصدق والإخلاص في العمل، وإتقانه.
• الأمانة في العمل، وعدم تأجيله، والخوف من الله عز وجل أثناء العمل.