كم تبلغ نسبة الرضاعة الطبيعية؟
بدأت ” دكتورة/ آمال أبو بكر – استشاري الرضاعة الطبيعية بمؤسسة حمد الطبية” أنه للأسف الشديد انخفضت نسب الإعتماد على الرضاعة الطبيعية في تغذية حديثي الولادة وخاصةً بين النساء القطريات، وقد يكون ذلك نتيجة لتأثير الدعاية التي تبثها شركات إنتاج ألبان الأطفال، أو نتيجة للتغيرات الهرمونية في حاصلات الحليب في جسم الأنثى، بالإضافة إلى خروج المرأة للعمل.
وإن كان لكل ما سبق من أسباب طرق معالجة وضبط تجعل من الرضاعة الطبيعية أمر متاح ولا يمثل عائقًا للأم، فلا أنسب صحيًا ونفسيًا من الرضاعة الطبيعية على الأم والطفل.
ما مدى صحة بعض المفاهيم المتعلقة بالرضاعة الطبيعية فما يخص رشاقة الأم وصحتها الجسمانية؟
كل ما يُشاع عن الرضاعة الطبيعية وتأثيرها على صحة الأم أو قوامها ورشاقتها من مفاهيم المغلوطة والغير مثبتة طبيًا، فالرضاعة الطبيعية بالأساس علاقة حميمة بين الأم والطفل بما لها من تأثير نفسي إيجابي على الإثنين معًا، كما أن جسم الأم يُفرز خلال فترة الرضاعة الطبيعية مجموعة من الهرمونات التي تساعد على إسترخاء الجسم وراحته وسعادته.
كما أضافت “د. أبو بكر” أن الرضاعة الطبيعية المبكرة أي بعد الولادة مباشرةً تزيد من تكور الرحم، بما يسمح بعودته إلى وضعه الطبيعي في أسرع وقت. كما أثبتت كل الدراسات العلمية أن التي تُرضع طفلها طبيعيًا تستعيد رشاقتها كما قبل الحمل وأفضل كثيرًا.
أضف إلى كل ما سبق أن الطفل يحتاج في هذه المرحلة العمرية إلى عاملين رئيسيين هما الغذاء وهو ما يوفره حليب الأم الطبيعي، ويحتاج إلى الشعور بالأمان والحماية والدفء وهو ما يحصل عليه أيضًا خلال قربه من حضن أمه أثناء الرضاعة الطبيعية، فلا سبيل أبدًا لحرمان الطفل الرضيع من كل هذا لأي حجة أو عذر وهمي غير الأعذار الطبية المعتبرة.
ما مدى صحة ضرورة تناول أصناف غذائية معينة كالسكريات أثناء فترة النفاس؟
أردفت ” د. آمال” هذه من المفاهيم الخاطئة أيضًا، فالأم تحتاج إلى تناول الغذاء الصحي والمتوازن والمتنوع والطازج، أما السكريات والحلويات فهي من الأغذية الضارة بالجسم البشري بشكل عام، أما المُرضع فتحتاج إلى تناول ما يكفيها من البروتينات والخضروات والفواكهة، بالإضافة إلى الأغذية الغنية بالكالسيوم كالحليب ومشتقاته، وما يلزم الأم التي تُرضع طفلها طبيعيًا أن يحتوي جسمها على كميات كافية من السوائل لأن حليب الأم يتكون بشكل أساسي من السوائل، وبالتالي فإن الرضاعة تقلل السوائل في جسم الأم الأمر الذي يلزمه بالضرورة التعويض عن طريق شرب كميات وفيرة من الماء والسوائل بشكل عام.
ما التصرف الأمثل للتوفيق بين الرضاعة الطبيعية وحياة الأم العصرية وخروجها للعمل والدراسة؟
كل مظاهر الحياة العصرية المتمثلة في إنشغال المرأة وخروجها للعمل من العوامل المؤثرة على الرضاعة الطبيعية، إلا أنها في النهاية عوامل لها حلول واقعية إذا أرادت الأم التغلب على المشكلة وعدم تجنب الرضاعة الطبيعية.
ومن الحلول الواقعية التي تُعين المرأة على ممارسة الرضاعة الطبيعية حتى أثناء تواجدها في العمل ما يلي:
• إستغلال ما تُتيحه قوانين العمل في الكثير من الدول بأخذ إجازات طويلة المدة بسبب الوضع والرضاعة.
• إستغلال الأوقات التي تنص عليها القوانين والتي تتيح خروج الأم فيها من العمل لإرضاع طفلها ثم العودة مرة أخرى.
• إستغلال ساعات الراحة أثناء العمل في الخروج لإرضاع الطفل ثم العودة.
• شفط الحليب من ثديها ووضعه وتخزينه في مبرادات ليقوم المسئول عن الطفل أثناء غيابها بإرضاعه من هذا الحليب.
وكلها من الحلول التي تساهم في زيادة نشر الوعي بأهمية الرضاعة الطبيعية والحث عليها، فكل القوانين في غالبية دول العالم تشجع دائمًا على إتمام الرضاعة الطبيعية لفترة ستة أشهر كاملة بدون أية أنواع أخرى من المغذيات، ثم الإستمرار فيها حتى بلوغ الطفل العامين بجانب ما يتناوله من غذاء.
ونشير هنا إلى سعي دول العالم إلى مساعدة الأم وتشجيعها على تبني ممارسة الرضاعة الطبيعية سببه الأساسي هو الإستفادة من الآثار الإيجابية للرضاعة الطبيعية على صحة ونمو وذكاء الطفل، وبالتالي إمتداد هذه الآثار الإيجابية إلى صحة وذكاء أفراد المجتمع ككل، فقد أثبتت الأبحاث أن نسبة الذكاء ترتفع بين الأطفال الراضعين من ثدي أمهاتهم مقارنة بالراضعين صناعيًا بألبان مجففة. كذلك تهتم الدول بتشجيع الرضاعة الطبيعية لأنها غير مُكْلِفة ماديًا، ومأمونة العواقب فليس فيها ما يمكن وصفه باللبن الفاسد أو الغير مطابق للمواصفات.
هل توجد وضعية صحيحة لممارسة الرضاعة الطبيعية بالنسبة للطفل أو الأم؟
أثبتت الدراسات أن 50% من الأمهات يحتجن إلى المساعدة والتدريب في بداية ممارسة الرضاعة الطبيعية لأنهن لا يُرضعن أطفالهن بالوضعية الصحيحة، كما أن الحليب نفسه لا يُدر بالكميات التي تُشبع الطفل إلا إذا كان الطفل مرتاحًا في نومته وطريقة إلتقاطه لثدي أمه، فعند جلوس الأم بوضعية غير صحيحة أو إذا كان الطفل معوج وغير مرتاح في نومته بين ذراعي أمه أو لم يستطع إلا إلتقاط الحلمة فقط وغير قادر على إلتقاط الثدي بالكامل فلن يصله الكمية الكافية من الحليب لأن أكياس وقنوات الحليب موجودة حول الهالة كاملةً. لذا تقوم الكثير من المستشفيات والمراكز الخاصة برعاية الأمومة والطفولة بتدريب الأم على وضعيات الجلوس ووضعيات حمل الطفل الصحيحة لتحقيق أكبر إستفادة للطفل من عملية الرضاعة.
هل يستفيد الرضيع صحيًا من مكملات الرضاعة المنتشرة في الأسواق والتي يُروج لها على إمكانية أن يتناولها الطفل من عمر الأربعة أشهر؟
كل الأبحاث العلمية التي تبنتها منظمة الصحة العالمية ومنظمة رعاية الطفولة (اليونيسيف) أكدت على أن الطفل لا يحتاج إلا إلى حليب الأم الطبيعي، كما أكدت على أنه لا مثيل لحليب الأم مقارنةً بكل أنواع حليب الأطفال المنتشرة في الأسواق العالمية والتي تكلفت دراساتها وأبحاثها وتصنيعها أموال طائلة للوصول لما هي عليه.
فحليب الأم يحتوي دائمًا على كل العناصر الغذائية التي يحتاجها جسم الطفل، ويحتوي على الأنزيمات التي تساعد على هضم هذا الحليب وهو الملاحظ في قلة إصابة الرُضع طبيعيًا بالمغص مقارنةً بمن يرضعون صناعيًا. كما تتوافر فيه أجسام مضادة للأمراض وهو ما لا يمكن توافره في أيٍ من أنواع الحليب الصناعية على إشتهارها ودقة تصنيعها.