الترويح عن النفس أحد أهم خطواتنا تجاه المُسنّين، فمرحلة كبار السن تُعَد من المراحل المهمة في حياة الإنسان؛ فهي تعد بمثابة اكتمال النضج، وفيها تحدث عدة تغيرات في جميع نواحي الشخصية جمسيًّا، وعقليًّا، ووجدانيًّا، واجتماعيًّا، ويبدو ذلك جليًّا، وبوجهٍ عام، تحدث تلك التغيرات في النمو الإنساني في الاتجاه العكسي، فقد كان في المراحل السابقة يتجه نحو التحسن والتنمية بمعدلات مختلفة إلى أن يتحول ذلك التحسن إلى تدهور تدريجي، ثم يتسارع ليصل إلى أقصاه.
يلعب الترويح لكبار السن دورًا بارزًا في جعل الحياة تسير بشكل أفضل، فهو لا يقل أهمية عن المراحل السابقة، وفيما يلي سوف نذكر أهمية الترويح لكبار السن بشيءٍ من التفصيل.
من هُم كبار السن!
هي تلك المرحلة الممتدة ما بين (٦٠ – ٧٥ عامًا، وتعرف بمرحلة الشيخوخة، والممتدة من ٧٥ وحتى نهاية العمر وهي الهِرم، أو أرذل العمر)، وتلك المرحلة هي مرحلة التحولات الاجتماعية ذات الأثر السيكولوجي على الإنسان، كالتقاعد، وتغير الأدوار، وفقدان الزوج، والأقارب، وبعض الأصدقاء، لذا فالجانب الترويحي له أهمية كبيرة.
أهمية الترويح لكبار السن
يعد الترويح مفتاحًا للتمتع بعقلٍ سليمٍ، كما أنه يساعد كبار السن على إدارة عواطفهم، خاصة أن قدراتهم لم تمكنهم من إجراء أبسط المهام، فالانغماس في ممارسة الأنشطة البدنية يساعد في تحسن قدراتهم العقلية، والصحية.
أهمية الترويح على الجانب الوجداني
يمر كبير السن بتحولات كما ذكرنا سابقًا على سبيل المثال إجراء جراحة، حينها يكون المُسن أكثر عرضة للتدهور وجدانيًّا كالإصابة بالقلق، والاكتئاب، والإحباط، فانغماسه في ممارسة الأنشطة الترفيهية يؤثر عليهم بشكلٍ كبير، حيث تقليل الوقوع في المخاطر بقدر الإمكان، تزيد من تقديرهم للذات، وتعوض إحساسهم بالكفاءة.
كما أنَّ انغماسَهم في نشاط إجتماعي يقلل من شعورهم بالعزلة والوحدة، ويُحسِّنُ حالتهم المزاجية، ويعززُ إيجابيتهم، ويجعلهم يستعيدون الشعور بالأمل والرفقة.
أهمية الترويح على الجانب المعرفي
أكدت الدراسات على ضرورة مشاركة كبير السن في مختلف النشاطات الترفيهية والترويحية، ليس لفوائدها الجسمية فحسب، بل لأنها تعمل على إظهار قوى العقل، وإبعاده عن الإعاقات المعرفية التي تتزامن مع تلك المرحلة من العمر.
ومن أبرز تلك الممارسات هي تعلم العزف على إحدى الآلآت الموسيقية، نظرًا لسهولتها، فهي لا تحتاج إلى حركة جسمية، كذلك ألعاب الطاولة وقدرتها على تنمية القدرات الفكرية، والرسم، والألعاب الورقية، كل ذلك لا يحتاج منه سوى التفكير الاستراتيجي فقط، ومن ثم زيادة أداء الدماغ، وتجنب الإصابة بآلزهايمر، الخرف، والخبل وغيرها من اضطرابات مخية مزمنة، فالانخراط في النشاطات الاجتماعية يجعل كبير السن منشغلاً عقليًّا.
أهمية الترويح على الجانب الجسمي
لا يقوم كثيرٌ من كبار السن بممارسة الأنشطة الخاصة باللياقة البدنية، فهم لا يعوا مدى أهميتها على الصحة الجسدية، فهي تحميهم من الإصابة بالأمراض، والأمر لا يستدعي ممارسة نشاطات مليئة بالتحدي، فأغلبهم يفضل الخروج للتنزه في الهواء الطلق، أو يمكثون بالمنزل المريح بالنسبة إليهم.
ولكن المقصود من الأنشطة الجسدية هي محاولة التناسق ما بين الأيدي، والعين، والمهارات الحركية، والمرونة، والقوة، مما يعمل على تنمية الصحة البدنية، وبالتالي طول العمر، كذلك يمكنهم الاحتفاظ بمجموعة من الرفاق ومشاركة الجوانب الواجدانية والضحك والحزن معهم.
أهمية الترويح على الجانب الاجتماعي
تُعد ممارسة الأنشطة الاجتماعية ضروريّةً، فانغماس كبار السن فيها، يساعدهم في المحافظة على الروابط والعلاقات الاجتماعية، وإشباع دوافع الانتماء، وذلك من خلال قضاء فترات كبيرة مع الأسرة، فهي المنبع الرئيسي الذي يمنحهم الحب الذي يحتاجون إليه، كذلك قضاء أوقات مع الأحفاد يشعرهم بطفولتهم، فضلاً عن تحسين وظائفهم، حيث تجعل كبار السن في حالةٍ من النشاط الدائم، وقضاء أوقات ممتعة كالاجتماع في تناول وجبات الغذاء، والعشاء.
يمكن أيضًا لكبار السن الانضمام لإحدى الأندية الاجتماعية، والتمشية يوميًّا في الصباح الباكر، ويكون ذلك أفضل مع الأقران، أو الأقارب، حيث الشعور بأنهم جزءٌ لا يتجزأ من المجتمع، كذلك تشجيعم على الدردشة مع بعضهم وتكوين الصداقات، وتعويد أنفسهم على الضحك للزيادة في هرمونات السعادة، والتي من شأنها تقوية صحة الجسد والعقل.
أهمية الترويح والاستجمام العلاجي
يؤكد الأطباء على ضرورة الاستجمام العلاجي لكبار السن ممن يتعرضون لإجراءات جراحية، ويظلون وقتًا كبيرًا في الرعاية الصحية، فعلى الرغم من أهمية اطمئنان المسن على صحته بتكرار زيارة الأطباء والممرضين، والأخصائيين، إلى أن ذلك يجهده كثيرًا، فالترويح يعد غاية في الأهمية.
وكذلك ممارسة النشاطات الترفيهية، حيث إنَّهم معرضون لتحديات جسمية، ووجدانية وعقلية جراء إصابتهم، فهو يحسن عمل وظائف الجسم.
يمكن لكبير السن أن يمارس الاستجمام العلاجي بشكل فردي، أو بشكل اجتماعي، مثل السباحة، والمشي، كذلك تمرينات الكرسي، كلها تمرينات بسيطة ولكنها تحسن من مرونة المفاصل، وحركة الجسم وتوازنه، والتمرين على الحركة بخفة، فأشارت الدراسات إلى أهمية الترويح لكبار السن في المجال العلاجي في تحسين معدلات ضغط الدم، وهشاشة العظام، والتأثير الإيجابي على مرضى السكر، ومختلف الأمراض العقلية، وانتظام عمل القلب.
خاتِمة
يمكن من خلال ما سبق أن يتم وضع برامج خاصة يتم من خلالها ممارسة مجموعة من الأنشطة، والتي سوف تعود بالفائدة عليهم، سواء بطرق فردية، أو اجتماعية، فقد أكد المتخصصون على أنَّ الانخراط في ممارسة الأنشطة يأتي بنتائج مثمرة، كالزيادة في يقظة الذهن، وزيادة قدراتهم على حل المشكلات، والقدرة على التنظيم وتقدير الذات، وشعورهم الدائم بالثقة بالنفس، وإمكانية الاستفادة من حكمتهم، والتي تعمل على ضبط أوتار الاستدلال.
المراجِع: Anvayaa – Beaconpace – Stenbergcollege