أهمية البحث العلمي في مجتمعاتنا
لا يوجد إنتاج معرفي بدون بحث علمي في الحياة، فمنذ تقريباً القرن الثامن عشر تم حسم أهمية البحث العلمي؛ حيث أصبح من الضروري اختبار أي معرفة جديدة باستخدام البحث العلمي.
كما أن عدد الأبحاث العلمية التي يتم إنتاجها يعتبر مقياساً حقيقياً لمدى تقدم أي مجتمع؛ حيث كمية الموازنة المخصصة للبحث العلمي تعتبر مؤشر حقيقي أيضاً على تقدم الدول. لذلك فهناك فرق كبير بين الاستثمار الخاص بالبحث العلمي في المجتمع العربي، وبين ذلك الذي يحدث في العالم ككل.
ويؤكد الدكتور “فؤاد فؤاد” الطبيب والباحث في العلوم الصحية، أن الفكرة لا تقتصر فقط على الأموال التي يتم دفعها وتخصيصها للبحث العلمي؛ فإلى جانب هذه الأموال يجب أن يكون هناك مؤسسات خاصة بالبحث العلمي، ومن هنا فللجامعات دور هام في ذلك، فالجامعات هي المكان الأساسي للإنتاج المعرفي. فيجب ألا يكون دور الجامعة مقتصراً فقط على إنتاج طلاب وطالبات لمواجهة سوق العمل، بل يجب أن تكون الجامعة مكان مخصص لإنتاج المعرفة.
العلاقة بين البحث العلمي وصناع القرار
لا يخضع البحث العلمي فقط للقرار السياسي، بل أيضاً يخضع للقرار الصحي، والاجتماعي، والاقتصادي. فيجب أن يتم تسخير كل هذه القرارات لصالح البحث العلمي.
كما يضيف الدكتور “فؤاد” قائلاً أن هناك عدة مستويات يمكن التحدث عنها في هذا الموضوع، فالبحث العلمي يتم إنتاجه فقط للجانب الأكاديمي بغض النظر عن الواقع أو عما يحدث في المجتمعات، فمثلاً قد يكون هنا مشكلة تراكم النفايات، وفي نفس الوقت لا يكون حينئذ هناك بحث علمي خاص بهذا الموضوع.
وعلى الجانب الآخر، فهناك أبحاث علمية مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالواقع، ولكن هناك عائق أمام تطبيق هذا البحث العلمي خاص بصانع القرار نفسه، سواء كان قراراً سياسياً أو اقتصادياً أو غير ذلك.
لذلك فلابد أن يكون البحث العلمي في خدمة المجتمع، وكذلك يجب أن يكون القرار المتخذ لحل المشكلة مستنداً إلى بحث علمي.
وبسؤاله، في لبنان بشكل خاص، هل تم حل مشكلة النفايات استناداً إلى العلم، فقال أن التخلص من النفايات في أي منطقة عامة وفي لبنان خاصة تعتبر مشكلة كبرى خاصة الخطرة منها، فيجب أن يتم معالجة النفايات بطريقة صحيحة حتى لا تتحول إلى مشكلة حقيقية، فهناك بعض المواد لا تتلف حتى بعد مرور فترات طويلة جداً.
ففي مثل هذه المشكلات الخطيرة، يجب اتخاذ القرار السليم حتى يتم حل المشكلة قبل أن تتفاقم، فمثلاً في مشكلة النفايات في لبنان، قد تم اتخاذ قراراً سياسياً للتخلص منها باستخدام المحارق، بالرغم من إثبات علمياً طرق أخرى أفضل كثيراً. فهذا دليلاً واضحاً على أهمية القرار السياسي في حل مشكلات المجتمع.
معوقات البحث العلمي في مجتمعاتنا
بالرغم من أهمية القرار السياسي في تطوير البحث العلمي في مجتمعنا، ولكن لا يجب أن ننسى أهمية المدارس والجامعات والمؤسسات العلمية المرتبطة بالجامعات، وكذلك المؤسسات التعليمية الخاصة التي تعمل على ترجمة هذه الأبحاث إلى سلوك وتطبيقها على أرض الواقع.
الدول العربية الأكثر تألقاً في البحث العلمي
يؤكد الدكتور “فؤاد” أن التقدم بالبحث العلمي مرتبط بمستوى الجامعات، فلذلك فأهم الجامعات الموجودة حالياً الجامعة الأمريكية ببيروت، والتي تعتمد على عملية تكامل بين التعليم والبحث العلمي. وكذلك عدة جامعات أخرى في تونس، والمغرب، وتركيا وماليزيا، وكذلك فنلندا؛ التي تعتبر من أهم الدول في إنتاج المعرفة بالرغم من فقرها لكثير من الموارد المهمة.