كثيرون يموتون متأخرين جدا، وقليلون يموتون مبكرين جدا، تبدو التعاليم غريبة: «مُت في الوقت المناسب»!
ربما ستبدو هذه لوحة إرشادية في عام 2100، فهناك احتمال مبني على أنماط الزيادة في المواليد مقارنة بالوفيات بأن العالم في ذاك التاريخ سيبدو مختلفا جوهريا عما هو عليه الآن، حيث سترتفع نسبة المواليد وتنخفض نسبة الوفيات في حال استمرار الطب الحديث في المساهمة برفع نسبة العمر المتوقعة لسنة واحدة فقط كما تشير بذلك الإحصائيات الأمريكية لعام 1990 والمتوقعة لعام 2000.
ناهيك عن حدوث اكتشافات مذهلة في هذه الفترة المتوقعة ساهمت في إحداث قفزة في مجال إطالة الحياة أو زيادة المواليد!
ولعل التفكير باكتشافات طبية من قبيل «الحبوب الزرقاء» قد يجعل الاحتمال وارد التحقق حيث تتميز فترة الشيخوخة بالفترة الهادئة نسبيا، والتي لا يفكر فيها الشيوخ إلا في المزيد من النوم والخلود للراحة دون مشاركة الآخرين! ولعل اكتشاف مثل هذه الحبوب ساهم بشكل واضح في إضفاء الصخب والمراهقة المتأخرة لهؤلاء الشيوخ! وأصبح من النادر أن نرى شيخا كبيرا لا تغازله فكرة «التشبب» ولا يصيبه الهوس برغبة اكتشاف العالم من حوله قبل أن يموت.
وربما سيكتشف إن أسعفه وقته أثناء السفر أن هناك اكتشافا آخر يطيل عمر الإنسان وذلك عن طريق حقنه بخلايا جذعية مأخوذة من أجنة حيوانات حديثة الولادة في أولى مراحلها، وتمتلك هذه الخلايا القدرة الكامنة على التحول إلى أي خلية أو نسيج بالجسم البشري الذي بلي مع مرور الزمن بفعل الشيخوخة فيزيده شبابا ونضارة ليتخطى الـ100 سنة وهو بكامل حيويته، فتراه قادرا على النهوض لوحده والمشي لمسافات دون استخدام أي من الآلات التي ترافق أقرانه.
ولأن الحياة لا تقدر بثمن، فبالتأكيد ستكون مثل هذه الحقن الجذعية باهظة الثمن ويخضع المنتجع الصحي الذي تقدم فيه لشروط خاصة وصارمة لمن يفكر بالانضمام إليه.
وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، يشق علينا نحن الشباب أن نفكر بخوض مراحل الحياة بشكلها الطبيعي دون اللجوء إلى مثل هذه المغامرة والتفكير بإطالة فترة الحياة بأجساد لا تقدر على الاستمرار فيها، وأن نموت في يومنا كما يقول زرادشت.
بقلم: سعود البشر