قصة قصيرة رائعة
كان يوما مزدحما جدا بالعمل والمهمات، عاد خالد من عمله منهكًا جدًا، لا تقوى ساقاه على حمله، أمسك بهاتفه وراح يتفقده، استوقفته رسالة من اخته تخبره فيها أن أمه مريضة وتريد الاطمئنان عليه، كان الوقت متأخرا فلم يشأ ان يزعج أحدصا بالتصاله.
استلقى على سريره وراحت الأفكار تعبث به، القلق على أمه يذهب به كل مذهب، وفجأة سيطر على كل ذلك شعور رهيب بتأيب الضمير، ثلاث سنوات مضت منذ ترك بلده وجاء إلى السعودية بحثا عن فرصة عمل أفضل، وكم تجعه تلك الحقيقة القاسية انه فعلا مقصر في حق امه، مقل في تواصلها بها، منغمسفي عمله والجري وراء جمع الأموال، وبينما هو غارق في أفكاره إذا بنغمات الهاتف تعلو في في جوف الليل، لينتبه مفزوعا فإذا المتصل أخته.
جاءه صوت أخته مبحوحا من البكاء ومتحشرجا لا يقوى على النطق بالركلمات، وهو فزع يلاحقها بالسؤال: ماذا حدث؟ لماذا تبكين؟ تكلمي.
مكالمة مؤثرة جداً
اخته: أمنا! أمنا ياخالد.
خالد: مالها أمنا؟ ماذا حدث؟
أخته: امنا ماتت!! ماتت ياخالد وتركتنا.
خالد: ماذا تقولين؟ ماذا تقولين؟
اخته: اقول أمك ماتت، ماتت دون أن تراك أو تسمع صوتك، ماتت وبها حسرة على غيابك وفراقك.
خالد: كفى! توقفي عن الكلام! لا أريد أن أسمع صوتك.
الأخت: بل اسمع يا خالد، ماتت أمك وهي تتميز اشتياقا إليك، ماتت بعد أن يأست من عودتك إيها، ماتت بعد توسلت لديك بدموعها أن تعود ولو لشهر واحد.
خالد كفى.
الأخت: لا تعود ابق في مكانك، لسنا بحاجة إليك، من كانت بحاجة إليك رحلت، غدا ستدفن أمك، ولن يصبح هنا ما يربطك بالبلد، أمك ماتت،، لم يعد هناك داع لرجوعك.
خالد: كفى.
ثم أغلق الهاتف وألقاه بملء قوته حتى تهشم.
فتح خزينته واخذ مبلغا كبيرا جدا وبعض الأراق، وخرج مسرعا وأغلق الباب خلفه بقوة.
نزل خالد بأقص سرعة وتوجه إلى مكتب السفريات، وحصل على حجز مستعجل للسفر طيراتن بعد أقل من ساعتين.
مضت الساعتان ثقيلة جدا وبطيئة للغاية وكأن ناراقد شبت في صدره، تلهب روحه وقلبه، حتى حان موعد اقلاع الطائرة، وسمع اسمه فتوجه مسرعا ليستقل مقعده، لم تستغرق الرحلة وقتا طويلًا، أغمض خالد عينيه.
وأخيراً: في عيد الأم نقول لكل أم كل عام وأنتي بخير وصحة وسعادة.