الأسر الفقيرة تحصل على إعانات من الجمعيات الخيرية كما هو معلوم، لكن هذه الإعانات قد لا تكون كافية، والسبب أن الإقبال كبير على هذه الجمعيات، لكن الحقيقة خلاف ذلك! فالقليل الذي تحصل عليه الأسر الفقيرة ليس مرتبطا بكثرة الفقراء بقدر ما هو عائد إلى غياب التدقيق حول من يستحق الإعانة، فالجمعيات الخيرية تشترط شهادات من إمام المسجد أو من جهات أخرى بأن المتقدم فقير ويستحق الإعانة، والمشكلة أن هذه الاشتراطات سهلة التوفر؛ ما يجعل فئات ليست فقيرة تحصل على مساعدات بغير وجه حق.
هناك أشخاص لا يمكن تصنيفهم ضمن الطبقة المتوسطة لأنهم أغنياء أو في حكم الأغنياء يزاحمون الفقراء في هذه الجمعيات، وهؤلاء ينظرون إلى إعانات الجمعيات الخيرية على أن «البلاش ربحه بين»، والمشكلة أن هذا «البلاش» هو في حقيقته حقوق مخصصة للفقراء، هناك من يأخذها ليبيعها ويستفيد منها، والمعادلة بسيطة نتيجتها تضييع لجهود خيرية، وذهاب أموال إلى جيوب غير المحتاجين، وتعقد في أوضاع المحتاجين.
الحلول سهلة وليست بصعبة، فهناك منظومة إلكترونية في البلاد مدون فيها كل المعلومات عن المواطنين والمقيمين، ويمكن الربط مع أجهزة الدولة المختلفة مثل وزارة العمل والتجارة والتأمينات والشؤون البلدية والبنوك لمعرفة ثروات الذين يأخذون أموال الجمعيات الخيرية دون أن يكونوا مستحقين لها.
الجمعيات الخيرية بحاجة إلى تقنين أمورها وتحديد من يستحق الإعانة، وأن تضع الأمور في نصابها، وألا تدع الفوضى تتغلب على جهودها، وألا تقف عند شهادات شخصية من إمام مسجد حول مستحق الإعانة، بل الواجب أن تبادر إلى تدقيق بيانات الأشخاص، فالتبرعات التي تصل إلى الجمعيات هي أمانة، وحفظ حقوق الفقراء أمانة، والهدف المنشود من إقامة مثل هذه الجمعيات أمانة.
بقلم: منيف الصفوقي