تُعد أكزيما الجلد التهاباً شائعاً يُصيب الجلد، ويُصاب به عدة ملايين من البالغين والأطفال حول العالم، كما يُطلق عليها أيضاً مسمى (التهاب الجلد)، وغالباً تظهر خلال فترة الطفولة.
الأكزيما هو مُسمى عام يُطلق على أي التهاب جلدي مناعي غير مُعدي، يظهر على شكل جفاف واحمرار وانتفاخ وتهيج مع حكة مصاحبة له في الوجه وباطن المرفق وخلف الركبة وفي الديدن والقدمين وأماكن أخرى من الجسم، وتختلف الأعراض المصاحبة باختلاف نوع المرض ومن أشهر أنواعها هو “التهاب الجلد الـتأتبي” وهو مرض مزمن يُصيب الجميع بمختلف الأعمار ولكن يكثُر عند الأطفال الرُضع بشكلٍ ملحوظ. السبب الرئيسي لهذا المرض غير معروف، ولكن هناك عدة أسباب تُساهم في تكونه ومنها (العوامل الوراثية) وتحدث بسبب تهيج غير طبيعي لجهاز المناعة، فالمريض المُصاب بالأكزيما يتفاعل جلده مع ما يتعرض له من المواد الخارجية فيتسبب في الحكة والخدوش. العناية بالبشرة جيداً هي العنصر الأساسي في السيطرة على الأكزيما، أما لبعض مرضى الأكزيما المعتدلة فإن تعديل روتين العناية بالبشرة وتعديل نمط الحياة قد يكون كل ما هو مطلوب لعلاج الأكزيما.
ما هو تعريف الأكزيما (أكزيما الجلد) ؟
أوضحت “دكتورة. فاطمة مصطفى” (استشاري الأمراض الجلدية) في حديثها عبر شاشة تليفزيون قناة “الشارقة” أن الأكزيما كلمة لاتينية تعني الغليان أو الفوران، وعندما يُطلق هذا المُسمى على هذا المرض الجلدي فالمقصود منه وصف المرض بأنه وكأن الجلد يغلي نظراً لوجود التهاب شديد ينتج عنه حكة واحمرار وارتشاح مائي وقد يكون هذا الارتشاح مجرد جفاف. ولكن تختلف الحالات عن بعضها البعض في ذلك أي أن هذا هو التعريف العريض لمرض الأكزيما الذي تندرج تحته عدة أنواع أهمها (الأكزيما التأتبية).
هل عرض الغليان الجلدي الذي يُصاحب الأكزيما يشبه أعراض أمراض جلدية أخرى أم أنه خاص بمرض أكزيما الجلد فقط؟
أكدت (د. فاطمة) أن من الوارد وجود تشابه كبير بين أعراض أحد الأمراض الجلدية ومرض آخر، فعلى سبيل المثال في كثير من الأحيان يختلف الأطباء بين ما إذا كان مرض ما هو أكزيما الجلد أم الصدفية خاصةً وإذا كان هناك جفاف وليس ارتشاح، ولكن بشكل عام الحكة التي تكون مصاحبة لمرض الأكزيما تكون أكبر من تلك المصاحبة لمرض الصدفية. وهناك أمراض حساسية أخرى (مثل: الأرتكاريا) قد يختلط الأمر على الأطباء بينها وبين الأكزيما، ولذلك يتم عمل تشخيص إكلينيكي وإن لم يتضح الأمر نلجأ إلى التشخيص المجهري عن طريق أخذ عينة من الجلد وإرسالها إلى المختبر وعندها يُمكن تحديد ما إذا كانت أكزيما (مزمنة أم حادة) أم أرتكاريا (مزمنة أم حادة).
ما أنواع مرض الأكزيما؟
أوضحت “الطبيبة الضيفة” أن هناك أنواع من الأكزيما لا تُصيب سوى أشخاص بعينهم وهم من يكون لديهم استعداد لهذا النوع (مثل: الأكزيما التأتبية) والتي تُصيب الشخص نتيجة الاستعداد الوراثي نظراً لوجود خلل ما في الجهاز المناعي. وكلمة “التأتبية” تُشير إلى الحالة التي تكون في الفرد أو أسرته وقد تُصيب الشخص واحدة أو أكثر من ثلاثة أشياء (أكزيما – ربو شُعبي – حساسية أنف)، وذلك لأن الخلايا التي تُفرز مادة الـ “هيستامين” المُسببة للأكزيما تتواجد في كلٍ من الجلد والأغشية المُخاطية المُبطنة للجهاز التنفسي العلوي والسُفلي. والأكزيما التأتبية تكون مصحوبة بتغير جذري في تكوين طبقة البشرة بالجلد، فعلى سبيل المثال هناك نوع من الحبيبات التي تتواجد في البشرة بشكل طبيعي فنجد أن هذا النوع من الحبيبات في حالات الأكزيما التأتبية يعمل بشكل غير طبيعي فينتج عنه جفاف بالجلد.
وأضافت دكتورة “فاطمة” موضحة أن هناك ثلاثة أنواع من الأكزيما التأتبية: النوع الأول في مرحلة الرُضع، وقد تُصيب الطفل من سن ٣ شهور، وغالباً ما تُصيب منطقة (الخدين – الذراعين – الرقبة – الظهر)، وتكون دائماً مصحوبة بارتشاح من الطفح. والنوع الثاني في مرحلة الطفولة، ودائماً ما تُصيب مناطق (الثنايا في الذراعين والرجلين)، وتكون مصحوبة بحكة شديدة، وفي البداية تكون حادة مصحوبة بارتشاح وبعد ذلك تتحول إلى مزمنة ويختفي الارتشاح ويُصبح الجلد سميك وتتضح الخطوط به. والنوع الثالث في مرحلة البلوغ، وقد يُصيب أي منطقة من الجسم. وهناك نوع آخر من الأكزيما التأتبية الشديدة التي يُصاحبها تقرن شديد بالجلد وتُصيب مناطق معينة بالجسم (مثل: المنطقة التناسلية – منطقة خلف الرقبة – منطقة مقدمة القدم)، وتكون غاية في الصعوبة لدرجة أننا نضطر في هذه الحالة إلى حقن الكورتيزون داخل الجلد.
أوضحت “د. مصطفى” أن الأكزيما التأتبية قد تأخذ مرحلة من العمر ثم تختفي بعدها، ولكن في حال إذا كان العامل الوراثي قوي والتأتب منتشر بين أفراد الأسرة فقد يُصاب الشخص بالأكزيما التأتبية مرة أخرى في مرحلة عمرية أخرى.
استكملت دكتورة “فاطمة” حديثها موضحة أن هناك أنواع من الأكزيما تُصاحب الأكزيما التأتبية .مثل: (أكزيما الجفون) ومن خلالها يُمكن تشخيص الإصابة بالأكزيما التأتبية بينما هي في طور الكمون “غير نشطة” عن طريق النظر إلى العينين ورؤية جفاف الجلد حول العين وخاصة الجفون السُفلية، و(أكزيما مص الشفاه) وتحدث نتيجة أنزيمات اللعاب التي تُسبب مزيد من التهيج للجلد الجاف حول الشفاه، و(النخالة البيضاء) وهي عبارة عن بقع بيضاء في الوجه نتيجة وجود اختلال في طبقة البشرة ينتج عنه عدم الاحتفاظ بالماء الكافي في الجلد فتؤدي إلى الجفاف، و(الأكزيما الشوكية) وتُصيب البنات بعد مرحلة البلوغ حيث يُصبح مكان الشعر متقرن وواضح بشكل مُبالغ فيه مما يشوه من شكل الجلد ويجعل ملمسه خشناً وهنا يجب على المريض استخدام الكريمات المُرطبة بشكل مُكثف، و(الأكزيما الحلقية) حيث تظهر حلقات من الأكزيما في الجلد مصحوبة بارتشاح سوائل وحكة شديدة ويصعب معرفة السبب فيها، و (أكزيما القدمين التأتبية) دائماً ما تُصيب الأطفال من سن 3 سنوات وحتى 12 سنة.
ملحوظة هامة:
• اقطع ورقة الصبار واعصرها كي تستخلص منها المادة الهلامية، تستخدم العصارة الهلامية المستخلصة من نبتة الصبار منذ آلاف السنين كمرطب طبيعي ومضاد للالتهاب، ويشير الكثيرون إلى مدى فاعليته في علاج الأكزيما حيث يُقلل الحكة ويُرطب الجلد ويمنع التشققات.
• احرص دائماً على استخدام كريم واقي من الشمس مع عامل حماية 30 أو أعلى لتجنب حروق الشمس التي تزيد من الحكة والجفاف.
وأوضحت “دكتورة. فاطمة مصطفى” أن هناك نوع آخر من أكزيما الجلد يختلف عن (الأكزيما التأتبية) هو (الأكزيما التلامسية) وهذا النوع يُمكننا معرفة السبب الذي أدى للإصابة به، وهو أن الجسم يكون لديه استعداد وراثي للتفاعل مع مواد معينة. مثل: المواد البترولية التي تُضاف أحياناً للحناء من أجل تثبيتها، والندبات الغليظة التي تُصيب الجلد بعد الوشم، والمواد التي تُضاف إلى حمامات السباحة (مثل: الكلورين) بالإضافة إلى أشعة الشمس قد تسبب أكزيما، وصبغات الشعر. وهناك نوع ثالث من الأكزيما وهو (الأكزيما الدهنية) وتُصيب منطقة خلف الأذن وفروة الرأس وأحياناً منتصف الصدر ومنتصف الظهر وأحياناً أسفل الإبط، وهذا النوع يكون السبب الأساسي فيه هو العامل الوراثي ولكن هناك عوامل تؤدي إلى ازدياد الوضع سوءاً (مثل: التوتر – الشمس – الكحوليات – التدخين – الأطعمة الحارة)، ودائماً تكون مصحوبة بالتهاب واحمرار في العين.
واستكملت “د. فاطمة” استعراض باقي أنواع الأكزيما ومنها: (الأكزيما التحسسية) وهي نوع من الأكزيما المزمنة التي قد يكون السبب فيها الفطريات التي تتواجد بين الأصابع ويكون هذا النوع من الأكزيما على شكل فقاقيع تُسبب سخونة بالجلد وفي هذه الحالة يجب علاج الفطريات، وقد يكون السبب فيها أيضاُ النيكل أو العطور، وهذا النوع من الأكزيما لا يُصيب أي شخص وإنما أشخاص بعينهم ممن لديهم الاستعداد. وهناك (أكزيما ربة المنزل التحسسية) التي تُصيب الأصابع نتيجة قيام ربة المنزل بغسل الصحون، لذلك يُنصح من لديهن استعداد لمثل هذا النوع من الأكزيما بارتداء القفازات أثناء قيامهن بغسل الصحون. وهناك (أكزيما أطراف الأصابع المُتشققة) وهذا النوع مؤلم لدرجة أن المريض لا يستطيع استخدام يده في تناول الطعام خاصة إذا كان الطعام يحتوي على مواد مثل: الليمون والطماطم، ويُنصح المريض في هذه الحالة باستخدام المرطبات.
هل يمكن الشفاء من أكزيما الجلد بشكل نهائي؟
أكدت “الطبيبة الضيفة” أن هناك بعض الحالات التي تُشفى من الأكزيما بشكل تام ولا يعود المرض مرة أخرى ولكن يظل الجلد جاف مدى العمر ولديه استعداد للحكة وخاصة إذا كانت الأكزيما من النوع التأتبي، وتُنصح هذه الحالات باستخدام المرطب مرتين إلى ثلاث مرات يومياً بعد غسل الجلد بالقليل من الماء.
ما هي الأسباب وراء الإصابة بالأكزيما بعيداً عن العامل الوراثي؟
أوضحت (دكتورة. فاطمة) أن هناك أنواع من الأكزيما تُصيب الجلد لأسباب أخرى مختلفة .مثل: (أكزيما النعل) تُصيب مقدمة القدم نتيجة حساسية الجلد اتجاه المواد التي يُصنع منها النعل (مثل: البلاستيك – المطاط) وكذلك مادة الجوارب (مثل: البولي أستر) ففي هذه الحالة يفضل ارتداء نعال من الجلد الطبيعي وجوارب قطنية، (أكزيما النيكل والمجوهرات) لذا يُنصح بارتداء المجوهرات من عيار ٢٤ لأنها خالية من مواد النيكل والكوبلت والكروم، (أكزيما التحسس الضوئي) في حال إذا تعرض الجلد للضوء وكان على الجلد مادة ما كالكريمات أو العطور فعندها نجد أن الجلد يمتص الضوء بشكل مبالغ فيه.
ملحوظة هامة:
• تجنب الأطعمة المعالجة قدر الإمكان، اتجه إلى الطعام الطبيعي والأطعمة العضوية، اختر الفاكهة والخضراوات الطازجة، واطه طعامك بنفسك وتخير الأطعمة المفيدة. مثل: (البقوليات – المكسرات – التوت – الفاكهة – الخضراوات)، وقلل اللحوم الحمراء في نظامك الغذائي قدر المستطاع.
• يُعد البابونج علاجاً شائعاً للأكزيما، حيث أنه يُعالج الحكة ويُهدئ الالتهابات، يُمكنك الحصول على منقوع البابونج بنثر أوراق زهرة البابونج المُجففة في الماء المغلي لمدة ١٥ دقيقة، قلب الأوراق لمدة ١٥ دقيقة ثم اتركها لتبرد، اغمر قطعة جافة من القماش في المنقوع، ضعها على الجلد المُصاب لمدة ١٠ – ١٥ دقيقة.
ماذا عن طرق العلاج من أكزيما الجلد ؟
من الممكن أن يُصاب الشخص بالأكزيما بشكل دائم، وفي هذه الحالة قد يحتاج لفترات طويلة من العلاج، فتطور الطب ساعد الكثير من الأشخاص على التخلص من مثل هذه الأمراض.
أوضح (دكتور. بهاء الدين الناشي – أخصائي أمراض جلدية) أن في حالة الأكزيما التلامسية أو الأكزيما التخريشية فإن العلاج يعتمد على كريمات أو مراهم ستيرويدات مع المرطبات بالإضافة إلى بعض أنواع الغسولات الخاصة بالجلد، أما إذا كانت الأكزيما دهنية فيعتمد العلاج على كريمات ستيرويد مع بعض أنواع الشامبو الخاصة، أما إذا كانت الأكزيما التأتبية فبالإضافة إلى كريمات ومراهم الاستيرويدات والمرطبات نلجأ إلى ما يُعرف بـجهاز ( Narrow Band UVB ) وهي أحدى أنواع العلاجات الحديثة التي تعتمد على الأجهزة الصُنعية التي تستخدم نوع من الأشعة الخاصة بحيث يستطيع الجهاز أن يُغطي مساحة الجسم بأكمله بينما يرتدي المريض النظارات الشمسية، وهناك جهاز آخر يستخدم لليدين والقدمين بحيث تبدأ الجلسة بجرعة بسيطة حوالي ٠٫٦ جول/سم٢ ثم تزداد الجرعة تدريجياً مع كل جلسة حوالي ٣ جلسات أسبوعياً لمدة شهرين أو أكثر بحسب حالة المريض، كما أن هناك بعض أنواع المُعالجات البيولوجية الحديثة تُستخدم لبعض أنواع الأكزيما.
فالوصفات المنزلية ليست الحل الأمثل وإنما الوصفات العلاجية من قبل الطبيب المختص هي التي تساعد على الوصول لأفضل النتائج.
وأضافت (د. فاطمة مصطفى) موضحة أن العلاج هو نظام حياة، حيث أن مريض أكزيما الجلد يحتاج إلى رعاية ووعي، حيث يحتاج إلى الترطيب بشكل منتظم على الأقل مرتين إلى ثلاث مرات يومياً بعد غسل الجسم بالماء.