نبدأ في طرح أفكار خلال العشر الأواخر من رمضان المبارك، من أفضل الأدعية والذكر والطاعة. فها هو رمضان يسير والرحمة معه تسير، وشعابيب نوره تشرق في جنبات بيوتكم وفي صدوركم، وهذه العيون التي قامت لله جل وعلا في صلاة التراويح ها هي تنتظر كنز من كنوز رمضان، وأفضل العشر كلها.
العشر التي كان الحبيب ﷺ يبحث عنها؛ يريد أن يعتكفها، فكان يعتكف ويبحث عن ليلة هي خير من ألف شهر.
ونُبِّأ أنها في العشر القادمات؛ اللهم لك الحمد أن سلمتنا لرمضان وسلمت رمضان لنا؛ وها نحن بمنتك وكرمك نصل العشر الأواخر.
وبدأت العشر الأواخر من رمضان
العشر الأواخر معناها أن العد التنازلي لرحيل رمضان ابتدأ، العد التنازلي لخروجك من النار ابتدأ، العَدّ التنازلي لرحيل الشقاء -بإذن الله- من قلبك ابتدأ.
النبي ﷺ ويقول إن الله يقول “أنا عند ظن عبدي بي”؛ ماذا تظنون فيمن بلغكم العشر الأواخر، هذه العشر التي ما غربت شمس يوم في العام كله على خير من هذه العشر (العشر الأواخر من رمضان).
كان الرسول ﷺ ينادي نداء إذا دخلت هذه العشر، ينادي صواحب الحجرات، أمهات المؤمنين، ويناديهن بأن يقُمن الليل؛ بل ويأمر أهل بيته، قوموا..
ثم يهتف به في آذانهم مذكرًا بعِظم هذه الأيام، ويقول لنسائه “كَمْ مِن كَاسِيَةٍ في الدُّنْيَا عَارِيَةٍ يَومَ القِيَامَةِ“.
ولذلك؛ هنا نهتف في أذن كل مؤمنة أيضًا؛ لا تنشغلي بالعيد، فالعيد ليس بالثوب الجديد.
نقول للجميع البسوا الجميل وكلوا من أفخر ما يؤكل واطلبوا حلوى العيد؛ لكن في هذه العشر القادمات اجعلوها لله وحده، لأنها ليالٍ فارِقه وفارهة في العمل الصالح، ليالي يحب الله من عباده أن ينكسروا بين يديه وأن يَأُوبُوا إليه وأن يرقعوا ما نقص من العشرين الأول من رمضان؛ ويعطيكم ما يدهش عقولكم لأنه الكريم.
الله إذا رأى العبد عاد إليه، الماضي لا يغفره، بل يبدله حسنات من كرمه جل وعلا.
فِعل النبي ﷺ في العشر الأواخر
تقول أُم المؤمنين عائشة رضي الله عنها “كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله“.
كان الحبيب ﷺ يفعل ذلك؛ فالإنسان يتمنى أن الأسرة كلها تدخل وترافقه الجنة.
لذلك يجب على الجميع ي أن يستعدوا لدخول هذا المضمار الجميل، مضمار المسابقين إلى جنات رب العالمين، العاشقين لرضا ربهم، المنكسرين بين يديه، المتبتلين الذين في قلوبهم لوعة فراق رمضان، وفي عيونهم دمعة عندما يتذكرون الذنوب الماضيات، ويصطفون مع المؤمنين ويقولون “يا رب“؛ فتنزل الرحمات على أولئك الذين كانوا رُكَّعًا سجدا يبتغون من رضوان الله جل وعلا ورحمته.
أفضل الأدعية في العشر الأواخر من رمضان
جددوا العزم وانطلقوا من هذه الليلة وتخففوا من الأعمال، وقُولوا:
- يا رب اعنا على ذكرك، يا رب اجعلنا ممن قام رمضان إيمانا واحتسابا فغفرت ما تقدَّم من ذنبه؛ وتحرَّى ليلة القدر فقامها إيمانا واحتسابا واحتسابا فغفرت ما تقدَّم من ذنبه.
- اللهم ارحم أبي في العشر الأواخر، واجعله من أهل الجنة وساكنيها بلا سابقة حِساب ولا عذاب يا أرحم الرَّاحمين.
- يا حليمُ يا ذا الجلال والإكرام ارزقنا فضل قيام ليلة القدر، واجعلنا من أسعد أهلها وأوفرهم حظًا.
- يا رب ارزقني الفرار من نفسي إليك، وصلاح حالي بالتودد إليك، والنجاة من أحزاني بالتوكل عليك.
- اللهم اجعلها ليلة تنفرج فيها الهموم وتُنفّس فيها الكروب وتمحى فيها الأحزان وتجبر فيها القلوب.
اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عني
نبعُ العشر الأواخر لا يمكن أن تتذوق رحيقا أغلى وألذ منه، إنها العشر التي كان الحبيب ينتظرها و يتحراها، خير ليالي العام على الإطلاق.
إنها العشر التي تفرق في عمرك، من أدركها وتحرى ليلة القدر فيها فقامها، لا نقول ثلاثة وثمانين سنة قد قامها، بل هي خيرٌ من ألف شهر.
خفف تواصلك مع الخلق واتصل بالخالق، انكسر بين يدي الله وانقطع عن الأعمال، قُل “يا رب”، وأُبشرك أنه سميع وأنه قريب وأنه مجيب؛ وردد في كل حالٍ وحين “اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عني”؛ وإذا قلت ذلك موقِنًا من قلبك عفا عنك.
وتقول عائشة أم المؤمنين -رضي الله عنها- قلتُ : يا رسولَ اللهِ أرأيتَ إن علمتُ أيَّ ليلةِ القدرِ ما أقولُ فيها ؟ قال: قولي: اللهمَّ إنك عفوٌّ تُحبُّ العفوَ فاعفُ عنِّي.
يا عبد الله، هو هو الموسم بقى فيه إلا القليل، فاختم بخيرٍ ختم الله حياتك بالسعادة.