أيها الأحبة الكرام، كل عام أنتم بخير بمناسبة حلول شهر ذي الحجة، أعاده الله علينا وعليكم باليُمن والخير والبركات. هناك أعمال إذا فعلها الإنسان في هذه الأيام كان من السعداء، لأن هذه الأيام كلها بركة بل هي أشد بركة وأعظمها عند الله أجرا.
تلك الأيام الأول من شهر ذي الحجة -العشر الأول من ذي الحجة- التي أثنى عليها سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومدح العمل فيها فقال، كما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- (ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من الأيام العشر) قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال (ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يعد من ذلك بشيء).
قال العلماء، ليس معنى ذلك أنه أفضل، بل أنه يساوي من عمل صالحًا في الأيام العشر الأول من شهر ذي الحجة؛ إنه يساويه وليس معنى ذلك أنه أفضل.
أفضل أعمال العشر الأوائل من ذي الحجة
هناك أعمالٌ يجب على الإنسان ألا يتركها في هذه الأيام.
التوبة
أن يستقبل الإنسان هذه الأيام بالتوبة الصادقة. فالمسلم دائما يستقبل مواسم الطاعات عامة بالتوبة الصادقة مع الله -عز وجل-.
والتوبة هي فتح صفحة جديدة والندم على ما فات. فالله -تعالى- يعلم أننا ضُعفاء، لذلك فتح لنا باب التوبة.
وانظروا إلى رسول الله ﷺ الذي غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كان يستغفر ربه في المجلس الواحد ١٠٠ مرَّة. فعن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- أنه قال: كنا نعد يا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في المجلس الواحد مائة مرة (رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الرحيم).
إحياء ليالي العشر
ثاني هذه الأعمال وهي أعظمها في هذه الأيام العشر، هي إحياء ليالي العشر. فقد استحب العلماء إحياءُ ليالي العشر الأُوَل من شهر ذي الحجة.
وذلك؛ لِما جاء في تخريج مشكاة المصابيح؛ أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر) ~ حديث حسن.
الإكثار من ذكر الله
ثالث الأعمال الإكثار من ذكر الله -عز وجل- من التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل والتمجيد لله- عز وجل- والصلاة على الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وخاصة بعد صلاة الصبح.
فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال (ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه الأيام العشر؛ فأكثروا فيهن من التهليل، والتكبير، والتحميد).
وقال الإمام النووي -رضي الله تعالى عنه-: وأشرف أوقات الذكر في النهار بعد صلاة الصبح. وفُضِّل هذا الذِّكر لكونه تشهده الملائكة؛ قال الله تعالى (وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا).
وهناك ثواب العظيم أخبرنا به الحبيب المصطفى -صلى الله عليه وسلم- لمن لا يستطيع أن يذهب للحج؛ ونحن في هذا العام لا يستطيع أحد سواء كان غنيا أو فقيرا الذهاب إلى الحج لما تمر به البلاد من جائحة كورونا؛ نسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يرفع هذا البلاء وأن يجعل بلادنا آمِنة مطمئنة سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين.
أخبرنا النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (من صلى الفجر في جماعة، ثم جلس يذكر الله حتى تطلع الشمس، ثم صلى ركعتين، كانت له كأجر حجة وعمرة تامة، تامة، تامة).
الصيام
رابع الأعمال هو الصيام؛ الصيام في الأيام التِسع من شهر ذي الحجة، لِما روى الإمام أبو داود عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه عليه الصلاة والسلام كان يصوم عاشوراء وتسعًا من ذي الحجة وثلاثة أيام من كل شهر.
وخَصّ النبي -صلى الله عليه وسلم- يوم عرفة بمزيد عناية، لأنه يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده. كما قال عليه الصلاة والسلام (صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده).
الصدقة
خامس الأعمال هي الصدقة. فقد قال الإمام النووي -رضي الله عنه-: الصدقة مستحبة وفي شهر رمضان آكد، وكذا عند الأمور المهمة، وعند الكسوف، والمرض، والسفر، وبمكة، والمدينة، وفي الغزو، والحج، والأوقات الفاضلة، كعشر ذي الحجة، وأيام العيد.
فلابد على الإنسان في هذه الأوقات الفاضلة أن يتصدق ولو بالقليل. على الإنسان أن ينتهز هذه الفرصة العظيمة ويتزود منها لآخرته، ليوم يشيب فيه الولدان، يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون.
وأخيرًا وليس آخِرًا، لا تنسى أخي الكريم أن:
- تختم المصحف في هذه الأيام المباركة.
- تُكثر من الدعاء والتضرُّع إلى الله -تبارك وتعالى-
- السعي لأي عملٍ صالح، حتى وإن خُيّل لك أنه بسيط.
أسأل الله- سبحانه وتعالى- أن يوفقني وإياكم وأن يتقبل مني ومنكم وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.