فضل يوم عرفة
في اليوم التاسع يأتي الحجاج الى عرفة، والأصل والسنة أن الغدو الى عرفة بعد طلوع شمس اليوم التاسع، لكن الناس اليوم لا يملكون أمرهم في غالب الأحوال، لارتباطهم بما يعرف في زماننا بحملات الحج، والإنسان إذا كان تبعا لا يكلف مالا يطيق، فإن أتى عرفة من مساء اليوم الثامن أو من قبل فجر اليوم التاسع، أو من بعد طلوع الشمس كل ذلك لا تسريب فيه ولا حرج.
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول “الضعيف أمير الركب”، فيبنى على الضعيف لا يبنى على القوي القادر”، ثم إن الوقوف بعرفة إنما يبدأ يشرع بعد الزوال.
الوقوف بعرفة
فينصح الحجاج ألا يجهدوا أنفسهم أول ما يصلون عرفة، فيعض الحجاج وفقنا الله وإياهم لكل خير حينما يصلون الى عرفات يبدأون بالدعاء والوقوف، والأكمل أن يأخذوا قسطا من الراحة، حتى يأتي زوال الشمس فيصلون الظهر والعصر جمع تقديم سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ثم بعد يذلك يشرعون في الوقوف والدعاء.
أفضل أعمال يوم عرفة
وفي الحديث قال عليه الصلاة والسلام “خير الدعاء دعاء يوم عرفة وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير”.
فإن من المنن العظام أن يمن الله على العبد بالوقوف على صعيد عرفة، وهذه منة عظمى لأن الإنسان فيها يكون قريب من الله، لأن هذا الموقف خلده القرآن وخلدته السنة،
وقال عليه الصلاة والسلام “الحج عرفة” أي أن ركن الحج الأعظم الوقوف بعرفة، وأن من فاته الوقوف يفوته الحج كله من عامه ذاك، فوقف صلى الله عليه وسلم لكنها كانت وقفة تضرع لله رافعا يديه، كاستطعام المسكين مع الفارق العظيم، وكلما دنت الشمس من المغيب يكون شعور المرء أعظم، خوفا من أن تغيب عليه الشمس، ولم يقبل الله عز وجل حجته.
لكن حسن الظن بالله من دلائل العلم الحق بالله، ولا يتأكد حسن الظن بالله في موقف أعظم من تأكده في يوم عرفة، فإن الله عز وجل يباهي بأهل الموقف ملائكته، فقد دل الحديث الصحيح على أن الله يباهي بأهل الموقف ملائكته، فإن ذلك يدل على أن المرء ينبغي عليه في ذلك الموقف أن يعظم حسن ظنه بربه وأن يجتهد في الدعاء.
فيسأل الله من خيري الدنيا والآخرة، يعظم الله ويثني عليه ويحمده جل وعلا بما هو أهله، ويكثر من الصلاة والسلام على نبينا عليه الصلاة والسلام، ثم يسأل الله حاجته، مع أن الإنسان يزاوج في الأمر فحينا يقرأ قرآنا وحينا يدعو وحينا يهلل وحينا يسبح وحينا يكبر.
وأكثر صنيعه الدعاء حتى إذا طلب منهم أن يبقوا على الرواحل، حتى وهو في السيارات قبل أن تغيب الشمس يبقى على دعائه ولا ينشغل بما قد كان من أحداث في نهار عرفة، وإنما يبقى على حاله رافعا يديه يدعوا ربه ويستغيث به ويجأر إليه وينكسر قلبه على تلك الحال، رجاء مغفرة ورحمة الكبير المتعال.