أدركت حين كنت أنصت لأحدهم وهو يسخر من خادمة منزلهم أننا شعوب لا تكل ولا تمل من كثرة الاستهزاء بهؤلاء الغرباء، وسألته حينها عن المعيار الذي يحدد به مستوى الذكاء؛ فإن كان بطريقة كلامهم فهم يتحدثون اللغة العربية في وقت قياسي ودون معاهد أو وسائل تعليمية.. وإن كانت تصرفاتهم التي نصفها بالغبية فهم يعملون حين يظل معظمنا عاطلا ويحمل عبئا ثقيلا على مجتمعه وأسرته..
أتذكر أني كنت أتعاطف مع أحد العمالة والذي كان يبدو أنه يعاني الأمرين من وظيفته الروتينية البسيطة.. ولسبب ما اضطر أصحاب العمل لإقالته، فحين علمت بذلك تألمت كثيرا لحال ذلك الرجل الذي سيضطر للعودة لوطنه إلى الأبد.. فهممت بالتخطيط لمساعدته وجمع ما يمكن أن يلزم لسد عوزته إلى أن أخبرني أحدهم قبل أن أرتكب تلك الحماقة أن هذا العامل يملك منزلا ونصيبا في شركة في وطنه وبحوزته مبلغ كبير من المال! بعدها صرت أدرك أنه لا يوجد عامل لدينا يكتفي بوظيفة واحدة بل ستجده يسلك كل السبل لكي يجني المال حتى وإن تطلب ذلك اتباع سبل غير مشروعة خصوصا في بعض الحالات التي نستقبلها من العمالة الوافدة! وإن أخذت جولة حول العالم وجدت أن الهنود مثلا وهم أول من ابتكر الأرقام لا يزال منهم كثيرون يحتلون أولى الرتب في علوم المحاسبة والتجارة.. وأن العمالة البنجلاديشية تدر مليارات الدولارات كل عام لاقتصاد بنجلاديش الذي انتعش في فترة الكساد الاقتصادي عام 2008 حين بلغت المبالغ التي تحولها هذه العمالة لبلادها إلى ما يزيد على تسعة مليارات دولار مع أن رواتبهم لا تتجاوز مئات الريالات، وأن عدد أصحاب المليارات من الإندونيسيين تضاعف ليصبح 21 مليارديرا!
فما رأيك فيمن يسافرون منا في سياحة أو عمل أو ابتعاث وهم لا يتحدثون حتى بعض الإنجليزية؟! الله وحده هو الأعلم بما يخالج نفوس أصحاب البلدان الأخرى التي نلجأ نحن إليها! ربما لا نبعد في نظرهم شبرا واحدا عن ذلك العامل الأجنبي!
بقلم: دينا الصاعدي
واقرأ هنا: الرقم 2000 !