بيَّنّا سالِفًا الحسنات والسيئات في الميزان الإسلامي؛ إلا أن هناك أعمالا ثلاثة لا يعلم أجرها إلا الله -عز وجل-.
ونصحبكم في رحلة إيمانيَّةٍ عَطِرَة لنتعرَّف على هذه الأعمال الثلاث.
الصبر
قال -سبحانه- في الآية ١٠ من سورة الزمر (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب).
وهو أمرٌ من الله -تعالى ذِكره- لرسوله محمد ﷺ؛ حيث قال في الآية ٣٥ من سورة الأحقاف (فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل).
وعلى قَدر شِدَّة قسوة الصبر وآلامه، يأتي الأجر والثواب من رَبّ العباد -جل شأنه-.
الصوم
فقد قال رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ (كل عمل ابن آدم يضاعف؛ الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلا الصوم؛ فإنه لي، وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي).
من فضلك؛ تأمَّل هذا المعنى العظيم في تقييم العمل وتوضيح ثوابه ومقدار حسناته! فتخيَّل -ولله المثل الأعلى- أن صاحِب عمل أعطى لكل أجير أجره المُقدَّر، ثُم أتى دورك فقال لك: أنت يا فلان لك أجر خاص..
هنا سوف تُحدِّثك نفسك كثيرًا عن هذا الفضل العظيم والأجر الكبير الذي ينتظرك خصيصًا.
العفو
قال -جل من قائل- في الآية ٤٠ من سورة الشورى (فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب الظالمين).
يا أيها المسلمون؛ العفو صِفَةٌ من صِفات ربنا -جل جلاله-؛ بل من أسمائه -سبحانه- أنه عفو.
في القرآن الكريم، الله -جل جلاله- سمى نفسه عفوا غفورا؛ وسمى نفسه عفوًا رحيما.
وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يطلب من الله العفو في سائر المقامات.
لما سألته أمنا عائشة -رضي الله عنها- قالت: يا رسول الله إذا أدركت ليلة القدر فماذا أقول؟ قال (قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني).
لما صلى على جنازة؛ يقول عوف بن مالك -رضي الله عنه-: رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلى على رجل، فحفظت من دعائه (اللهم اغفر له وارحمه وعافه وأعف عنه.. إلى آخر الدعاء)؛ يقول عوف -رضي الله عنه- حتى تمنيت أني ذلك الميت.
نطلب من الله العفو إذا أصبحنا وإذا أمسينا؛ فيقول الواحد منا: اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي واحفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقى، وأعوذ بعظمتك أن أُغتال من تحتي.
إذا كنا نطلب من الله العفو، فنحن مأمورون بأن نتعافى فيما بيننا؛ بأن يعفو بعضنا عن بعض، وأن يصفح بعضنا عن بعض؛ وأن يكون التسامح حاضِرًا دوما في تعاملاتنا.
هكذا أمر الله -جل في علاه- نبيه عليه الصلاة والسلام في كتابه، في الآية ١٥٩ من سورة آل عمران (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم).
هذه الآية نزلت عقيب غزوة أُحُد التي حصلت فيها الهزيمة بسبب معصيةِ بعض الرماة لأمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
الله -جل جلاله- يأمر نبيه -عليه الصلاة والسلام- بأن يعفو عنهم؛ بل أن الله -جل جلاله- عفى عمَّن فَرَّ يوم أُحُد. فيقول -جَلَّ من قائِل- في الآية ١٥٥ من سورة آل عمران (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم).