ما الفرق بين النسيان والزهايمر؟
يوجد فرق شاسع بين النسيان والزهايمر، فالنسيان أمر طبيعي جدًا لأي شخص كنتيجة لضغوط الحياة وثقل أعباءها وكثرة المشاغل، وكذلك الضغوط النفسية كالقلق والتوتر، والنسيان هو إزاحة للمعلومات التي ليس لها قيمة في الموقف الراهن والإقتصار على المعلومات المطلوبة فقط، وبمجهود شخصي بسيط لتنشيط الذاكرة يمكن إسترجاع ما تم نسيانه من معلومات، فالمعلومات موجوده بالأساس في الذاكرة، ولكن تحتاج إلى بذل الجهد لتذكرها.
أما الزهايمر فهو مرض كأي مرض عضوي، حيث تموت خلايا الدماغ، فتُفقد المعلومات ولا يمكن إسترجاعها.
كيف تؤثر الضغوط النفسية والحياتية في الإصابة بالنسيان؟
أكدت أ/ سوزان أن الضغوط النفسية والحياتية تؤثر كثيرًا في الإصابة بالنسيان، فبمجرد التعرض للضغوط تتشابك خلايا الدماغ، وبالتالي صعوبة إنتقال المعلومات فيما بينها.
والجدير بالذكر أن الدماغ تحتوي على نوعين من الخلايا، الخلايا العصبية والخلايا الصمغية، فالخلايا العصبية هي أساسية في الدماغ، أما الخلايا الصمغية فتتوالد وتموت، ونستطيع بإجهاد الذاكرة أن نُولد هذه الخلايا الصمغية.
ويمكن أن يكون إجهاد الذاكرة عن طريق التكرار المستمر، أو عن طريق أداء العمل بطريقة غير مألوفة، لأن الأعمال الروتينية لا تبذل فيها الذاكرة أي دور للإعتياد عليها، لكن تغيير طريقة أداء العمل الروتيني مُحفز للذاكرة على العمل والتذكر.
كيف نقوي الذاكرة؟
مبدئيًا يجب العلم أن الدماغ تتكون من ثلاثة أجزاء:
• جذر الدماغ.
• الدماغ الطرفي.
• القشرة الدماغية.
والقشرة الدماغية هي المسئولة عن المعلومات وإصدار الأحكام وعمليات التفكير. أما جذر الدماغ فهو المسئول عن السيطرة على حياتنا، ويعمل جذر الدماغ عند التعرض للإجهاد والضغوط والتعب الشديد، لذلك ننصح دائمًا بالتأقلم مع الظروف الحياتية وعدم التوتر من التعرض للمواقف الصعبة، لأن الضرر يقع على الشخص أولًا ودماغه.
ثانيًا يجب العلم أن عملية التذكر تمر عبر مراحل هي:
مرحلة التشفير: وهي تخير المعلومات المعروضة أمام الإنسان، بمعنى إنتقاء العدد اللازم من المعلومات المهمة واللافتة للإنتباه المطلوب تخزينها من بين كم المعلومات المعروضة على الإنسان جميعًا في الجلسة الواحدة، فتُرسل إشارة للدماغ مع كل معلومة مهمة مفادُها خَزِني هذه المعلومة.
مرحلة التخزين: وتتم بعد عملية إنتقاء المعلومات بهدف تخزينها في الدماغ، ويأتي الإنتقاء على شكل التكرار المستمر للمعلومات المُختارة مما يساعد في تخزينها.
مرحلة الإسترجاع: وهي المرحلة التي تتم عند وجود العامل المُثير للإسترجاع، فمثلًا عند رؤية الشخص الذي قد تفيده هذه المعلومات المُخزنة تبدأ الذاكرة في الإسترجاع لعرضها عليه.
ومن المراحل السابقة يتبين أن النسيان ليس مرض أو ذو خطورة صحية.
وكل ما يَتَعَين فعله هو بذل مجهود ذهني في تكرار المعلومة (مرحلة التخزين)، للمساعدة على ثباتها في الدماغ جيدًا ومحاربة النسيان، لإسترجاعها عند وجود العوامل المحفزة.
ومن ضمن المجهود الذهني الممبذول لتقوية الذاكرة ومحاربة النسيان وإسترجاع المعلومات، أداء التمارين والألعاب الذهنية اليومية، ولعل حفظ القرآن الكريم من أهم وأبرز الركائز الذهنية التي تحافظ على تنشيط الخلايا داخل الدماغ، فحفظ وتدبر القرآن الكريم يُحافظ على الذاكرة لسنوات مديدة.
ومما سبق ذكره كما هو واضح خاص بتخزين وإسترجاع المعلومات المعروضة على الإنسان، كأن يكون في ندوة علمية مثلًا وعُرض عليه كم هائل من المعلومات، وانتقى منها ما يراه مهمًا.
لكن بالنسبة للأفعال المباشرة بحياة الشخص كنسيان الهاتف أو نسيان موعد أو نسيان المفاتيح أو رقم هاتف لشخص ما، فهذه من الأفعال الدارجة الفعل يوميًا في حياة الإنسان، لذلك كنوع من الروتين لا يُنبه الدماغ لها (مرحلة التشفير)، كأن يعرف الإنسان أن لديه موعد في المستشفى بعد أسبوعين، فعند عرض المعلومة عليه وضعها في الذاكرة الحسية المؤقتة، لكن طوال فترة الأسبوعين لم يبذل مجهودًا في تنبيه الدماغ لها بالتكرار (مرحلة التخزين) لتنقلها إلى الذاكرة بعيدة المدى، وهذا هو السبب المباشر في تكرار نسيان هذ الأفعال الروتينية اليومية بعض الشيء.
وعلى جانب آخر تدخل بعض العوامل في تكرار نسيان المتعلقات الشخصية بجانب عدم تنبيه الدماغ لها، مثل قلة النوم والأرق والضغوط الحياتية والتفكير في شيء شخصي مهم يستحوذ على الدماغ، كذلك كثرة تناول أدوية المسكنات أو أدوية ما بعد العمليات الجراحية وتأثير باقي مفعول المخدر.
ولمقاومة كل أعراض النسيان وأفعاله يتوجب:
الإنتباه لبعض المعلومات والتفاصيل المُشاهدة بالعين في المواقف والإجتماعات اليومية المتكررة.
تمرين الذاكرة بممارسة الألعاب الذهنية، وحل العمليات الحسابية.
ممارسة أكثر من عمل ذهني في آن الواحد، مثل مشاهدة التليفزيون مع الحديث في الهاتف مع حل عملية حسابية، فتوزيع الإنتباه هنا عامل حيوي في إجهاد الدماغ، وبالتالي تنشيط الذاكرة.
أليس القيام بثلاثة أعمال ذهنية في آن واحد مدعاه لتشتييت الإنتباه والتركيز؟
أوضحت “أ/ سوزان” أن الإنتباه ينقسم بدوره إلى ثلاثة أنواع:
• التبادلي.
• المقسم.
• الإنتقائي.
وعادة ما يحدث التشتيت الذهني في النوع الثاني وهو الإنتباه المقسم. لكن يمكن أن يتم الإنتباه لثلاثة أشياء بالتبادل مع إنتقاء ما يهم من كل منها فقط وليس التركيز الكامل عليها فرديًا. وهذه في حد ذاتها مهارة يجب على الإنسان تمرين نفسه عليها لإكتسابها، فهي ذو فاعلية في تنشيط الذاكرة ونشاط الدماغ وعدم التعرض للنسيان.
ولا نغفل أن نذكر أن النسيان رغم كونه وظيفة، وأي خلل ناتج عنه فهو خلل وظيفي وليس عضوي في جسم الإنسان، إلا أن تكراره ذو آثار سلبية جدًا على الفرد وعلى المجتمع.
كيف يستعيد الإنسان ذكرياته المؤلمة لا إراديًا رغم أنه حاول نسيانها بشتى الطرق؟
هذا ما يُعرف بـ (هفوات الذاكرة)، والأصل أن كل هذه الذكريات المُحزنة – والسعيدة كذلك – موجودة فعليًا في الذاكرة ولم تُمحى، ومع مجرد ذكر اسم شخص أو اسم مكان أو رؤية حالات شبيهه تُسترجع كلها تلقائيًا لوجود المُحفز لإسترجاعها دون أن نشعر أو نريد، والعلاج هو أن لا نلتفت إليها مع تغيير إنتباهنا لشيء آخر ومعلومات جديدة لعدم سيطرتها على مشاعرنا وتجديد أحزاننا.