إن الإصابة بمرض حساسية القمح لا يقتصر على فئة عمرية محدّدة، فقد يحدث للأطفال الرُّضّع، وأيضًا للأطفال في عُمر المدرسة، وأيضًا قد تحدث الإصابة للمراهقين، وتكون أعراضها وخِيمة، تسبّب مشاكِل ومُضاعفات للشخص المصاب مهما كان عُمره، كالقيء المستمر، أو آلام في البطن، أو ظهور الأنيميا، لذا كان لابد من توعية الأهل حول مخاطر هذه الحساسية، وإرشادهم إلى التوجه الصحيح في حالة الشك بأن طفلهم مصاب بهذا النوع من المرض.
حساسية القمح عند الأطفال
تجيب الدكتورة (الدكتورة مي أبو حاكمة، أخصائية أطفال وحديثي الولادة) بأن: حساسية القمح، هي مرض (السيلياك)، وهو مرض وراثي وأحد أمراض المناعة الذاتية، وعند إصابة الطفل أو الشخص بهذا المرض، يكون غير قادر على تناول الطعام الذي يحتوي على مادة (الجلوتين)، وهذه المادة هي البروتين الموجود في القمح والشّعير.
فإذا تناول الشخص المصاب هذه المادة، يعتبرها الجسم مادة غريبة، فتتكون أجسام مضادة تهاجم هذه المادة، وتسبب تلف بخلايا الأمعاء الدقيقة، فتصبح الخملات المبطنة للأمعاء الدقيقة مسطحة، وتؤدي بدورها إلى عدم قدرة الأمعاء الدقيقة على امتصاص الفيتامينات والمعادن وامتصاص الطعام الذي يحتاجه الجسم.
وتختلف أعراض هذه الحساسية حسب الفئات العمرية، على النحو الآتي:
- عند الرضع والأطفال: تبدأ الأعراض بالقيء، وانتفاخ بالبطن، والإسهال الذي يكون ذا رائحة كريهة، وذلك يؤثر على نمو الطفل واكتساب الوزن، وتلاحظ الأم عند إدخال القمح في الأكل للطفل بين عمر ٦ و ٩ أشهر، بأن الطفل يبدأ في القيء ويمكن أن يظهر عليه طفح جلدي أو انتفاخ في منطقة البطن، إلى جانب وجود غازات كثيرة. وحساسية القمح عند الأطفال تختلف عن حساسية الحليب، فحساسية الحليب تبدأ أعراضها في الظهور من أول شهر وليس في عُمر ٦ أو ٩ شهور.
- عند الأطفال في عُمر المدرسة: يبدأ عندهم بوجود آلام في البطن، وقد يحدث إسهال أو إمساك، ويؤثر على اكتساب الوزن والطول، فنشعر أن حجم الطفل وطوله أقل من المعتاد، وقد يظهر أنيميا سببها سوء امتصاص الفيتامينات والمعادن.
- عُمر المراهقة: تظهر عندهم كل الأعراض السابقة بالإضافة إلى ضعف النمو وفقدان الوزن، إلى جانب الصداع وآلام المفاصل وآلام العظام، وقد يحدث تأخر في البلوغ.
ولك مِنّا مقالات هامة حول حساسية القمح
التوجّه الصحيح في حالة الإصابة بحساسية القمح
إذا لاحظ الأهل وجود الأعراض السابقة على الطفل، سواء موجود بالوراثة أو غير وراثي، لابد من الرجوع إلى طبيب الأطفال، وبناء على سيرة الطفل المرضية إلى جانب الفحص السريري، يشك الطبيب في وجود الحساسية فيطلب فحص دم، وفي فحص الدم يتم البحث عن الأجسام المضادة، فإذا كانت الأجسام المضادة إيجابية، يتم عمل فحص للجينات؛ هناك جينان مسببان لمرض حساسية القمح، إذا كانا إيجابيين بالفحص.
فذلك لا يدل على أن الطفل مصاب بحساسية القمح بنسبة ١٠٠٪، ولكن إذا استمر الشّك بأن الطفل مُصاب بهذه الحساسية، يكون التشخيص النهائي عن طريق عمل تنظير للطفل، وأخذ عينة من الامعاء الدقيقة، وعندها يتم رؤية الخلايا المضادة، إذا كانت مسطحة، والأهداب الموجودة بالأمعاء الدقيقة المسئولة عن امتصاص الطعام غير موجودة، فهذا يعني أن الطفل مصاب بمرض حساسية القمح.
ولكن قد لا يوافق أهل الطفل على عمل تنظير للطفل، فننصحهم حينها بالتوقف عن جميع مشتقات القمح والشعير لمدة أسبوعين، وملاحظة الأعراض، فإذا زالت وعاد الطفل سليمًا، نطلب من أهل الطفل إدخال القمح إلى الطفل بعد مرور أسبوعين، فإذا عادت الأعراض، فذلك معناه أن الطفل مصاب بحساسية القمح.
خيارات متاحة للأهل إذا تم تشخيص طفلهم بأنه مصاب بحساسية القمح
لابد من المعرفة أن حساسية القمح شيء مزمن لا يُشفى منه الشخص المصاب، لذا لابد من تناول الطعام الخالي من مادة (الجلوتين)، أي يكون خالي من القمح ومن الشعير، مثل: المكرونة، الكيك، والبيتزا. إلى جانب الحذر من استخدام الشوفان، فبرغم أن الشّوفان لا يحتوي على الجلوتين، لكنه يكون مزروعًا إلى جانب القمح، وقد يحدث تداخل فيما بينه وبين القمح عند طحنه بالأجهزة المستخدمة لطحن القمح، فهذا الاختلاط البسيط يمكن أن يؤثر على المصاب.
وأيضًا مستحضرات التجميل قد تحتوي على مادة (الجلوتين)، والشامبو أيضًا يمكن أن يحتوي عليه، لذلك يُمنع الشخص المصاب من استخدامهم.
أما بالنسبة للبدائل الغذائية التي تعوض القمح ومشتقاته، فتكون على النحو الآتي:
- من الممكن الاعتماد على نشا الذرة، ونشا اللوز في صناعة الخبز، وهناك أماكن مخصصة تصنع الأطعمة للأشخاص الذين يعانون من حساسية القمح.
- اللحوم والدجاج والخضار والفواكه من الممكن أن يتناولها الشخص المصاب وليست ممنوعة.
- لابد من الانتباه إلى اللحوم الباردة مثل: النقانق، قد يكون فيها مادة (الجلوتين) لذا يُمنع تناول اللحوم المصنعة.
ويُنصح بتوعية الطفل حول هذه الأطعمة الممنوعة، وتوعية الآخرين بها في المدرسة وغيره حتى يتعاونوا مع الطفل، لأن إدخال القليل من الجلوتين يؤدي إلى تعب الجهاز الهضمي، وحدوث مضاعفات تؤثر على نمو الطفل في المستقبل، لذا يُنصح باتباع نظام غذائي صحيح.
وبالنسبة للأدوية، فهناك أدوية تعالج الأعراض التي تصاحب المرض، ولا تعالج المشكلة أو المرض نفسه، فإذا كان الطفل مصاب بحساسية القمح يمكن إعطاؤه (مضادات الهيستامين) ومن الممكن (الكورتيزون) وإذا كان هناك سوء امتصاص في الأغذية يمكن إعطاؤهم الفيتامينات والمعادن كتعويض.