هل الوحم (الوحم) وهم؟
قالت “هناء مدني” مدير مستشفى النساء والولادة بمدينة الملك سعود الطبية. الوحم – أو كما هو دارج بين الناس باسم الوحم – ليس وهماً على الإطلاق، أما من حيث تعريفه فقد اختلف فيه لصياغات عدة، فقد وصفه البعض بأنه جميع التغيرات التي تطرأ على الحامل أثناء أشهر الحمل الأولى وحتى الشهر الرابع منه، ومن ضمنها أعراض التقيؤ والغثيان وكره أصناف من الطعام واشتهاء أصناف أخرى، أما البعض الآخر فقد قصر الوحم على مجرد اشتهاء المرأة الحامل لنوع معين من الطعام أو الشراب.
بينما الوحم من الناحية العلمية البحتة وطبقاً للدراسات المعتبرة في توصيفه فيُعرف باسم “البيكا”، وهو مصطلح يُطلق على رغبة المرأة الحامل وميلها إلى الاستهلاك العمدي للمواد الغير غذائية مثل التربة والفخار والنشا والصابون والفحم والثلج… إلى غير ذلك من المواد الغريبة التي لا تصلح للتناول المباشر.
وأضافت “د. هناء” قائلة: والجدير بالذكر أنه لا توجد أسباب محددة ومثبتة تفسر لجوء الحامل إلى هذا التصرف، وفي هذا الصدد وضعت عدة نظريات تفسيرية أكثرها ترجيحاً أن هذا الاشتهاء ناتج عن ردة فعل لا إرادية لجسم الحامل لتعويض النقص الحاصل في المعادن وبقية العناصر الغذائية الأساسية.
وأياً كان السبب المُرجح، فالأولى إن كان الوحم بهذا الشكل فإنه يعتبر خطر داهم على الصحة العامة للمرأة الحامل، بل وقد يلجأ بعضهن لتناول مواد تحتوي على مركبات سامة، وهذا نذير خطر على حياتها وحياة الجنين، وبذلك يصبح خضوع الحامل للتقييم والفحص الطبي أمر غاية في الأهمية تفادياً للتبعات الصحية الخطيرة لمثل هذه الرغبات الغير معقولة، كما ينبغي على طبيب النساء عدم إغفال أو إهمال سؤال الحامل في أشهرها الأولى عن وحامها حتى يستطيع التدخل في اللحظة المناسبة.
ماذا عن وحام الحامل المرتبط بالروائح سواءً بالبغض أو الرغبة؟
أشارت “د. هناء” إلى أنه إذا ما عدنا إلى نطاق التعريف الطبي للوحام سنجد أنه واسع ويندرج تحته العديد من الظواهر والممارسات الغريبة، فهو لا ينحصر أو يقتصر عن المأكول والمشروب فقط، بل يتسع ليشمل تصرفات وسلوكيات غير عقلانية بتاتاً، وهذا هو السر في اختلاف التعريف العلمي للوحام عن باقي التوصيفات العادية الأخرى، فأولئك الذين قالوا أنه يشمل التغيرات التي تطرأ على الحامل جانبهم الصواب، تبعاً لكون هذه التغيرات من أمثال الغثيان والقئ والإعياء العام والحموضة… إلخ ذات أسباب فسيولوجية معروفة، وكذلك الحال مع التغيرات النفسية الناتجة عن الخلل في إفرازات الهرمونات، وبشكل عام ترتبط التغيرات الطارئة على الحامل بمحيطها وصحتها العامة قبل الحمل وترتيب الحمل من حيث كونه الأول أو ما بعده.
لكن التعريف الموثق للوحام وسَّع هذا النطاق لتدخل في دائرة الضوء كل ما هو غريب وعجيب وغير مستساغ، لذا بغض روائح محببة أو عشق روائح كريهة أو الرغبة في شم روائح لا يعقلها الإنسان الطب يعي كلها من الأمور الغير مسببة والغير مقبولة عقلاً ونقلاً، لذلك هي أعراض وحام.
متى يتوجب على الحامل فحص معدلات العناصر الغذائية في الجسم؟
حقيقةً من يردن من النساء حمل آمن وبعيد عن المخاطر والمضاعفات فعليها بدء التجهيز للحمل منذ فترة ما قبل الحمل، فعقلية الحمل المفاجئ لابد وأن تتغير، أو على الأقل يُسيطر عليها قدر الإمكان، حيث من الأسلم للأم والجنين أن يتم التحضير للحمل قبله بثلاث شهور على الأقل، وهذا من أهم مباحث التوعية الصحية للمرأة، فقد وضعت العديد من البرامج التي تهدف إلى توعية المرأة بأنها وقت أن تقرر الحمل فعليها فوراً استشارة الطبيب وعمل الفحوصات والتحاليل الواجبة، بل إن برامج التوعية بالولادة الآمنة تتطرق إلى ما يتوجب على المرأة فعله قبل الزواج أصلاً، متضمنة بذلك فحوصات فترة المراهقة، فحوصات ما قبل الزواج، فحوصات الأشهر الأولى للزواج، وهكذا دواليك حتى الوصول إلى الولادة الآمنة.
وأردفت “د. هناء” قائلة: والخلاصة أننا جميعاً نؤمن بقدرة الله تعالى وقدره، لكنها إجراءات مهمة من باب الأخذ بالأسباب، فقد تحمل المرأة دون تخطيط، وقد تُخطط وتجري الفحوصات ولا يكتمل الحمل، لكن هذا لا ينفي أهمية الإلتزام بإجراءات الطب الوقائي لصحة الحامل وصحة الجنين.
لماذا يمتد الوحم مع بعض الحوامل لآخر الحمل؟
الوحم وأعراضه وكيفيته المذكورة آنفاً يُفترض أنه يبدأ وينتهي في خلال الأشهر الأربعة الأولى على أقصى تقدير، أما الاستمرارية على الممارسات المذكورة فقد تكون من باب الاستحسان النفسي، فكلما تقدم الحمل كلما زاد شعور الحامل بالحموضة مثلاً، وهنا قد نجدها تلجأ إلى جرش الثلج لأنه يخفف من حدة الحموضة، وفي هذه الحالة لا يعتبر وحاماً، إنما تحول إلى علاج منزلي بحسب الفهم القاصر للحامل، مع إن الأولى لها في تخفيف شدة أعراض تغيرات الحمل هو الإلتزام بالطعام الصحي، توزيع الوجبات، تجنب الأطعمة الدسمة والحارة، التركيز على الأطعمة الغنية بالألياف، تناول الأغذية الغنية بالحديد والكالسيوم.
هل من الصحيح عدم تنفيذ رغبات الوحم يترك في جسم الطفل علامة؟
هذا من باب التندر في الموروثات الشعبية الطريفة، إذ تجد من تخبرك بأنها توحمت على فراولة فلم تأكلها وحكت جلدها في منطقة معينة فظهرت الفراولة في نفس مكان الحكة عند الطفل، إن هذا من باب طرائف الموروثات الشعبية في الثقافات المختلفة، بل ويمكن اعتبارها من نوادر الحمقى والمغفلين، لكنه طبياً وعلمياً لا أساس معتبر لذلك على الإطلاق، وكل ما هنالك أنه خلل جلدي عند الجنين يعرفه أطباء الجلدية.
هل الوحم أمر حتميّ الحدوث مع كل الحوامل؟
أكدت “د. هناء” على أن الرغبة في تناول أصناف معينة مع التمادي في ذلك فهو من قبيل المزاح وشعور الحامل بأهميتها عند المحيطين، فلا مانع من قليل من الدلع والتغنج المباح، أما الوحم بظواهره وممارساته الغريبة فلا يمكن اعتباره عام أو محتوم، بل إنه يختلف في أساسه وفي شدته من امرأة لأخرى بحسب طبيعتها وصحتها النفسية والجسدية ومعدلات التغيرات الهرمونية والفسيولوجية الحاصلة.
هل يصح علمياً ما يُعرف بوحام كره الزوج؟
اختتمت “د. هناء” حديثها مؤكدة على أنه لم تُثبت أية دراسات علمية ما يُسمى وحام كره الزوج، فمن الممكن أنه أحد أعراض التغيرات النفسية التي تحدث للحامل، كما أنه ليس كرهاً بالمعنى الحرفي للكلمة، فما هو إلا أثر سيكولوجي لكون المرأة وإفرازات الهرمونات بجسمها في حالة غير طبيعية، وهنا يجب على الزوج والأهل تقدير هذه الحالة الجسمانية للحامل ومراعاتها عند التعامل معها، فالحامل تحتاج إلى رعاية شديدة وعناية بالغة.