جميعنا يشاهد الكثير من اللقطات التمثيلية عن الشغف الذي يصيب الأمهات عند استقبال أطفالهن بعد فترة حمل شاقة إن كان في الدعايات المتلفزة أو الوسائل الإعلامية، لكن هناك عكس هذه الصورة النمطية وهو اكتئاب ما بعد الولادة الذي قد يأتي بعدة أشكال أحدها هو الخوف الزائد على المولود والشعور بالحيرة والضياع والارتباك ومجموعة أخرى من الأعراض.
متى يبدأ اكتئاب ما بعد الولادة؟
تقول المعالجة النفسية “سماح جبر” رئيسة وحدة الصحة النفسية في وزارة الصحة الفلسطينية، يعتبر اكتئاب ما بعد الولادة مهم جداً للسيدات والرجال أيضاً على نحو سواء لأنه يعتبر مؤثر بدرجة كبيرة على الحياة العائلية وعلى تربية الطفل.
نلحظ دوماً أن هناك عدة أنواع من الاكتئاب ما بعد الولادة وبشكل عام تبدأ أعراضه في الشهر الأول من ميلاد الطفل ولكنه غير منفصل تماماً عن بعض أعراض القلق والاكتئاب التي يمكن أن تبدأ في الحمل أحياناً كما يمكن أن تستمر بعد الشهر الأول من ميلاد الطفل.
وتابعت الدكتورة ” سماح جبر “: يصيب النوع الأول من اكتئاب ما بعد الولادة أكثر من 80% من النساء وهو نوع عابر يبدأ بعد يومين من ولادة الطفل وفيه يتغير مزاج الأم حيث يمكن أن تكتئب وتفرح كثيراً في نفس الوقت كما ينتابها شعور بالخوف الزائد على الطفل وقد لا تنام بشكل جيد ولديها قلق من كونها أم ولا تثير هذه الأعراض للقلق على الأم فيما بعد لأنها تتنحى وحدها بعد عشرة أيام أو أسبوعين من ولادة الطفل.
على الجانب الآخر، يعتبر النوع المقلق من أنواع اكتئاب ما بعد الولادة هو الاكتئاب الذي يستمر لفترة أطول من أسبوعين وتزيد فيه كثافة الأعراض سالفة الذكر مع مشاعر عدم القدرة على تحمل تربية هذا الطفل أو مشاعر القلق الزائد على الطفل ويمكن أن تستمر هذه المشاعر لمدة 6 أشهر.
واقرأ أيضاً: إكتئاب ما بعد الولادة تفصيلاً
ما هي مسببات اكتئاب ما بعد الولادة؟
تعتبر مسببات اكتئاب ما بعد الولادة متشعبة وكثيرة لأنه حدث يمكن أن يتسبب في اختلاف هرموني كبير وفي وقت قصير جداً لدى النساء حيث يهبط لدى هؤلاء الناس هرموني الاستروجين والبروجيسترون ويمكن أن يؤدي إلى اختلاف المزاج عند هؤلاء الناسء مثلما نرى في الدورة الشهرية.
أما السبب الثاني لهذا الاكتئاب هو المسئوليات الجديدة على هذه الأم حيث ترى هذه الصبية الصغيرة نفسها أنها عروس جديدة أو ابنة ولكن عند ميلاد أول طفل لها تدرك أنها لديها مسئوليات ويختلف نمط حياتها ويمكن لبعض النساء ينشغل بالهم على التغيرات التي طرأت على جسدهم مما يتسبب في قلقهم بدرجة كبيرة دون أن يتكيفوا عليه بصورة سهلة.
إلى جانب ذلك، يمكن لقلة النوم للنساء بعد الولادة أن تتسبب في اكتئاب ما بعد الولادة إلى جانب ضرورة السهر على الطفل خاصة بعد ولادته مباشرةً في الأيام الأولى بعد الولادة.
من هن النساء الأكثر عُرضة لاكتئاب ما بعد الولادة؟
يعتبر السيدات اللاتي لديهم مشاكل نفسية أو ميل للقلق النفسي هن السيدات الأكثر عُرضة لاكتئاب ما بعد الولادة بجانب السيدات اللاتي تصيبهم اختلافات مزاجية طيلة فترة الحيض بالإضافة إلى السيدات اللاتي لديهم تاريخ عائلي للاضطرابات النفسية بجانب السيدات اللاتي لديهم أزواج غير متعاونين.
وأردفت ” جبر “: أما عن الرجال فيمكننا القول أن هناك ما يسمى باضطراب ما بعد الولادة للرجال أيضاً لأنهم يجدون صعوبة في التأقلم مع هذا الدور الجديد كما يمكن للرجل كذلك أن يتأثر نومه ويُشغل باله على زوجته، ويمكننا الحد من هذه العواقب من خلال تثقيف الزوجين ومحاولة مساعدتهم لتخطي هذه المرحلة والتوازن والتكيف الجيد مع هذا الوضع الجديد الذي يطرأ عليه.
كيف ينعكس اكتئاب الأم على الطفل؟
يتغذى الطفل ليس فقط بالرضاعة ولكنه يتغذى كذلك بالرعاية والاهتمام والحب من جانب الأم، لذلك فإننا نرى العديد من الأمهات اللاتي يفضلن العلاج بطريقة ما دون أن تتأثر رضاعة الطفل.
وأخيراً، لابد من الاستعجال في علاج الأم التي تعاني من اكتئاب ما بعد الولادة حتى لا يؤثر ذلك سلباً على صحة الطفلة ونموه والتكوين النفسي عنده، كما يجدر الإشارة إلى أن اكتئاب الولادة ليس حكراً على الولادة الأولى فحسب ولكنه قد يصيب الأم في أي من الولادات الأخرى.