هي السيدة أسماء (رضي الله عنها) ابنة الصحابي الجليل أبي بكر (رضي الله عنه)، وهي من بيت كله من السباقين إلى دخول الإسلام؛ فأبوها هو الصديق (رضي الله عنه) أول من آمن بالرسول ﷺ من الرجال، وخليفته، وأما جدها فقد أسلم بين يدي رسول الله ﷺ، وأما أختها فأم المؤمنين السيدة عائشة (رضي الله عنها) المبرأة حبيبة رسول الله ﷺ، وأما زوجها فهو الزبير بن العوام (رضي الله عنه) حواري رسول الله ﷺ، وأما ابنها فعبد الله بن الزبير (رضي الله عنه)، وكانت أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنه) أكبر سنا من السيدة عائشة أم المؤمنين (رضي الله عنها)، وهي أختها لأبيها.
ذات النطاقين
لقبت أسماء (رضي الله عنها) بذات النطاقين بعد حادثة الهجرة النبوية من مكة إلى المدينة، وكان سبب ذلك اللقب أنها أعدت الطعام للنبي ﷺ ولوالدها (رضي الله عنه) رفيقه في طريق الهجرة أثناء هجرتهما، ولما لم تجد حينها ما تشد الطعام به عمدت إلى نطاقها فشقته نصفين، فشدت السفرة بنصفه وتطوّقت بالنصف الآخر؛ لذلك أطلق النبي ﷺ عليها ذات النطاقين، ودعا لها النبي ﷺ أن يبدلها الله منهما نطاقين في الجنة.
كانت أسماء (رضي الله عنها) خير مثال للزوجة الصالحة فقد كان زوجها الزبير بن العوام شابا فقيراً ليس له غير فرس اقتناها، فليس له خادم يخدمه، أو مال يوسع به على عياله، فكانت أسماء (رضي الله عنها) تخدمه وتسوس فرسه وترعاه وتطحن النوى لعلفه، حتى فتح الله تعالى له فغدا من أغنى الصحابة.
ولما أتيح لها (رضي الله عنها) أن تهاجر إلى المدينة فرارا بدينها إلى الله ورسوله كانت قد أتمت حملها بابنها عبد الله بن الزبير، فلم يمنعها ذلك من تحمل مشاق الرحلة الطويلة، فما إن بلغت قباء) حتى وضعت وليدها، فكبر المسلمون وهللوا؛ لأن وليدها كان أول مولود يولد للمهاجرين في المدينة.
أم الشهيد العائذ بالبيت
بعد وفاة الخليفة يزيد بن معاوية تعرضت الدولة الأموية للفوضى والاضطراب، ولم تجد الأمة خيراً من عبد الله بن الزبير لتولي الخلافة لعلمه وفضله وكفاءته لأنه نشأ في حجر النبوة؛ فدانت له الحجاز ومصر والعراق وخراسان وأكثر بلاد الشام لكن بني أمية ما لبثوا أن سيروا لحربه جيشا كبيرا، ففر معظم رجاله وحوصر مع نفر قليل بقوا معه فحاولوا الاحتماء بالكعبة بيت الله الحرام.
وعندما اشتد القتال نال الشهادة، وماتت أسماء (رضي الله عنها) بعده بأيام قليلة حزنا عليه، ولكنها احتسبته عند ربها شهيدًا، وكان عمرها يناهز المائة عام.