الحياة الزوجية هي شراكة دائمة، تتم بين كيانين مستقلين يختار كل منهما الآخر بكامل وعيه وإرادته، ليقاسمه تفاصيل حياته الخاصة ويشاركه أسراره وعالمه الذي لا يجوز لمخلوق اقتحامه سوى هذا الشريك، والزواج ميثاق غليظ يقوم على الكثير من المسؤوليات والالتزامات و (التضحيات)، التي لا تخلو منها طبيعة الحياة، والتي تنشأ بديهيا عن تنازل كل طرف عن جزء من حريته المطلقة ورغباته التي لم تعد مجردة كما كانت، بل تخضع لعوامل متعددة وأطراف أخرى تتأثر بتلك الرغبات، الخ.
والزواج الناجح هو المرادف الحقيقي لكلمة استقرار أو الأنس أو الصحبة، هو المشاركة البناءة في رحلة الحياة، هو شعورك أن العمر لم يذهب هباء، الزواج الناجح وسيلة وغاية، وسيلة لتحقيق السعادة وهو في حد ذاته سعادة لا تقدر بثمن، والاختيار الناجح لتلك الشراكة هو عنوان لنجاح الحياة بأسرها، لأجل ذلك وأكثر يعن لنا سؤالا منطقيًا جدًا وهو ما الأسس التي تبنى عليها الحياة الزوجية الناجحة؟ وهذا هو موضوع حديثنا اليوم.
الأسس التي تبنى عليها الحياة الزوجية الناجحة
تختلف رؤية كل شخص للأسس التي تتوقف عليها سعادته أو نجاحه في العلاقة الزوجية، فمنهم من يرهن نجاح حياته بالتكافؤ في المستوى العلمي أو المادي أو الاجتماعي، ومنهم من يرى أن الاختيار المبني على الخلق والدين هو الأقرب للتوفيق، ومنهم من يرى أن أساس التوفيق في هذا الاختيار أن يحقق كل طرف للآخر الإشباع النفسي والعاطفي والجسدي، وغير ذلك الكثير ولكن هناك أسس عامة لا يختلف عليها الكثير من الناس، ومن ثم ينغي وضعها في الاعتبار عند اختيار شريك الحياة ويمكن جمعها في النقاط التالية:
حسن الخلق وتوافق الطباع
الدين وحسن الخلق هو الضمان الأكبر لحياة زوجية طيبة، تراعى فيها حدود الله وحسن العشرة، وتوافق الطباع يعني أن يسير التعامل بين الطرفين بمرونة ودون تعنت.
التقارب الاجتماعي
أما التقارب الاجتماعي والفكري فهو العامل الذي يكفل للحياة الزوجية الحد الأدنى من التوافق ويجعل الصراعات والصدامات أقل، ويضمن وجود رؤى وأراء متقاربة في التعامل مع المواقف والقرارات التي تطرأ على الحياة الزوجية، ويخلق نقطة التقاء تمكن الطرفين من إيجاد منطقة وسطى عند تعارض وجهات النظر.
الاحترام المتبادل
الاحترام المتبادل هو أساس النجاح في كل العلاقات الإنسانية، فكلنا له رأيه واتجاهاته وحكمه على الأمور ولكل منا أهداف قد تتفق أو تختلف مع الآخر، وفي حالة وجود احترام متبادل سوف يستطيع الطرفان التعامل مع الخلافات برقي وتحضر ودون اللجوء إلى أي صورة من صور العنف التي قد تشوه العلاقة أو تحدث شرخًا كبيرًا بها، كلنا نخطئ ولكن يظل التعامل المحترم هو طوق النجاة والأمل في خروج العلاقات من أي أزمات تعتريها، فالاحترام المتبادل مقدم على الحب والإعجاب.
تحمل المسؤولية
مهم أننا حين نشرع في بناء حياتنا الزوجية أن نختار الشريك الذي يعي المسؤولية ويتحملها جيدًا، ولا يترك مركب الحياة الزوجية تغرق مع أول موجة تتعالى أمامها، فالحياة تحمل لنا الكثير من التحديات والصعوبات التي لا يتجاوزها إلا القادرون على تحمل المسؤولية والذين يقدسون رباط الزوجية ولا يفرطون فيه بسهولة.
الخصوصية
الخصوصية في العلاقة الزوجية وعدم السماح لأطراف خارجية بالتدخل في صياغتها أو التأثير على مسارها سر من أسرار النجاح في الحياة الزوجية.
الحب
وتعمدت أن أجعله آخر الأسس لأنه تكملة الحياة الزوجية الناجحة، به تصبح الحياة أسعد وأكثر راحة ولكن لا تقوم الحياة الناجحة عليه وحده، فالحب مع عدم الاحترام لا يصمد طويلًا، والحب مع الأنانية وعدم تحمل المسؤولية لا يلبث أن يعلن تراجعه، أما الحب مع تنافر الأفكار والاتجاهات فيصبح ضعيفًا هشًا عاجزًا عن مواجهة تيارات الخلاف والصدامات.