لابد من التعرف على أسباب الفشل الكلوي وسبل الوقاية، لأن عدم علاج أمراض الكلى بشكل صحيح يسبب عواقب كارثية.
الكلى عضو مميز حيث لا يشعر المرء بالألم عندما تصاب كليته، فما السبب؟
أوضح “د. أندرياس كال” (أخصائي أمراض الكلى) أن ألياف الألم في الكُلية توجد في منطقة الكبسولة وليس في داخل الكُلية، ولأن أغلب أمراض الكلى تحدث داخل الكلى فلا يشعر المريض بالألم، وهذا ما يشكل عائقاً في التشخيص بسبب عدم وجود أعراض ألم لذا يكون تشخيص المرض متأخر جدا.
والأعراض الأخرى هي ارتفاع ضغط الدم بشكلٍ خاص، فيجب فحص إمكانية الإصابة بالفشل الكلوي عند تشخيص ارتفاع ضغط الدم، وفي حالات نادرة من مراحل مبكرة وغالبا في مراحل متأخرة يحدث احتباس السوائل في الذراعين أوالساقين أو في الجفن العلوي أيضا، كما أن بعض المرضى يعانون من الخمول الشديد والإرهاق والغثيان وفي مراحل متقدمة تشتم رائحة بول خاصة وهذه مجرد بعض الأعراض.
ما هي أكثر أمراض الكلى؟
يتابع”د. أندرياس” أنه أصبح أكثر أمراض الكلى شيوعاً هو الفشل الكلوي بسبب السكري، لقد أصبح السكري يلعب دوراً رئيسياً في العقود الأخيرة فضلاً عن أمراض القلب والأوعية الدموية، هذان المرضان هما السبب بنسبة ٥٠-٦٠٪ من أمراض الكلى مما يُحتم الغسيل لعلاج الكلى أو علاج الكلى الاصطناعي.
وهذا هو الحال على الأقل بالنسبة للمرضين المذكورين، بحيث يكون المرض نتيجة العواقب أو الأضرار الناجمة عن أمراض أخرى.
غسيل الكلى
أوضح “د. أندرياس كال” أن الشرط الأساسي للقيام بعملية غسيل الكلى هو توفر إمكانية الوصول إلى الأوعية الدموية وذلك من خلال تفاعل صدمي بين الشريان والوريد ومن خلال تدفق الدم بسبب هذه الصدمة سيتسع الوريد بعض الشيء، فمعظم التحويلات أو الفجوات تحدث بهذا الحجم ويتم استخراج الدم عبر الإبرة المركزة على التحويلة بنسبة ٣٠٠ مللي متر في الدقيقة باتجاه الفلتر المخصص لعملية غسيل الكلى.
يتكون فلتر الغسيل من أكثر من ألف من الشعيرات الدموية التي يبلغ قطرها ما بين ١٠٠ إلى ٢٠٠ ميكرومتر، حيث أن الدم يتدفق من خلال هذه الشعيرات، ومن الجهة الأخرى للفلتر يتم غسلها بما يسمي سائل غسيل الكلى وهذا السائل عبارة عن مياة نقية جداً يتم تحضيرها بعناية وقد أضيف إليها العناصر المعدنية.
وهذا الماء يتدفق بالاتجاه المعاكس بمحاذاة الشعيرات، وعبر هذه العملية يتم سحب المواد السامة من الكلى والتي لم يكن بإمكان المريض التخلص منها عبر الكلى المصابة، فهي الآن تتدفق عبر الشعيرات الدموية بفضل مياه غسيل الكلى لتتحقق بذلك عملية تنقية الدم.
وعما إذا كان هذا يعني أن ما يُسحب من الدم ينتهي إلى الفلتر، أجاب “د. أندرياس” بنعم معظمه، ثم يتم التخلص منه ليخرج نهائياً من جسم المريض كما يحدث في الحالات الطبيعية من خلال الكُلية.
هل هذا يعني أن الجهاز يقوم بعمل الكلية؟
أكد “د. أندرياس كال” أنه على الأقل فإن الجهاز يعمل كالكُلية وهو فعال مثلها، نستخدمه ثلاث مرات بالأسبوع لمدة ٤-٥ ساعات لغسيل الكلى أي أثناء خمس عشرة ساعة فقط نريد بواسطته إنجاز ما تنجزه الكُلية في أسبوعٍ كامل وهذا غير واقعي.
ففاعلية غسيل الكلى عبر الجهاز توازي ١٠٪ من عمل الكلية خلال أسبوع، وهذا يعني أننا نحافظ على حياة المريض بفضل عملية الغسيل لكنه سيبقى يعاني من مرض الكلى.
المريض سيقضي فترة طويلة على هذا الجهاز بالمستشفى وهذا يعني إضاعة الكثير من الوقت خلال الأسبوع، فهل يمكن استخدام الجهاز أثناء النوم أيضاً؟
أجاب “د. أندرياس” بنعم، يمكن القيام بغسيل الكلى في الليل أيضاً، إنها عملية مثيرة وتستغرق ٨ ساعات بشرط أن يكون المريض بحالة جسدية ولديه تحويلات سليمة أو قسطرة لغسيل الكلى. هؤلاء المرضى يأتون ليلاً ويحصلون على الاستشارات الطبية اللازمة وإذا كانوا ممن يستمتعون بالنوم فسينامون حتى صباح اليوم التالي، وهكذا يتم غسيل الكلى ثم يمكنهم قضاء النهار بشكل اعتيادي.
و أوضح “د. أندرياس كال” أنه يوصى المرضى بتقديم طلب زرع كُلية بشرط أن يكونوا بحالة صحية جيدة، في هذه الحالة لا يؤخذ العمر بعين الاعتبار بل الحالة المرضية وصاحبها المهيأ جسدياً لإجراء عملية الزرع.
الواجب مراعاته للوقاية من أمراض الكلى
أكد “د. أندرياس كال” أن الأهم هو التعرف المبكر على المرض، لذا يُنصح بالكشف السنوي لعمل الكلى ونسبة إفراز البروتين بالبول، وإذا ما تبين وجود نسبة عالية يجب استشارة الطبيب المختص بأمراض الكلى لمراقبة الحالة.
ومن المفيد جداً للمريض عندما يكون قصور عمل الكلى في بدايته أن يتم مكافحة مرض السكري أو ارتفاع ضغط الدم بطريقة جذرية، لأن العلاج الجذري في بداية الحالة سيؤخر ضعف عمل الكلى أو يحد من تفاقمه لسنواتٍ وربما لعشرات السنين.
طرق الوقاية من الفشل الكلوي
عضوان بالغان الأهمية لأجسادنا على الرغم من أن طول كلاً منهما لا يتجاوز ١٠ سنتيمترات عند البالغين، عضوان صغيران إذاً ويأخذان شكل حبة فاصولياء متوضعتين بجوار الخاصرتين ومحميتين بطبقة دهنية، إنهما (الكُليتان).
العضوان المسئولان عن تصفية الدم في أجسادنا واللتان تعملان كالفلتر المسئول عن تحويل الفضلات السامة لعمليات الاستقلاب والأجسام الغريبة إلى بول يطرحه الجسد للتخلص منه.
بالإضافة إلى هذه الوظيفة الهامة تقوم الكُليتان بتنظيم السوائل بالجسم وتنظيم ضغط الدم وإنتاج هرمونات تُحرض العظام على إنتاج الكُريات الدموية.
لذا فإن إصابة الكُلية بأذى يؤثر على كامل الجسم، وخاصةً إذا تحول الأذى إلى ما يُسمى “القصور الكلوي”.
أمور تؤثر بشكل سلبي على الكلى وتؤدّي إلى الفشل الكلوي
أوضح “د. رأفت أبو ضاهر” (أخصائي علاج أمراض الكلى ومشرف على مركز لغسيل الدم في برلين) في حديثه عبر شاشة قناة “DW عربية” أن هناك الكثير من الأمراض التي قد تسبب قصور في وظائف الكُلية، هناك مرضان وهما: (مرض السكري – مرض ارتفاع ضغط الدم) قد يؤديان إلى الفشل الكلوي لما لهما من تأثير سلبي على وظائف الكلى، لذا من الضروري جداً معالجة هذين المرضين بشكل صحيح ومن قبل متخصصين.
وهناك أيضاً أمراض وراثية (مثل: مرض تكيس الكُلية وهو عبارة عن تحول أنسجة الكُلية إلى أكياس مائية) يؤدي أيضاً بالنهاية إلى الفشل الكلوي، والأدوية وخاصة مسكنات الألم قد تؤدي أيضاً إلى حدوث قصور في وظائف الكلى ومن ثم إلى الفشل الكلوي.
وأكد “الطبيب الضيف” على أنه في حالة إصابة أحد أفراد العائلة بهذا المرض لابد من أن يخضع جميع أفراد العائلة للفحص الدوري للتأكد من عدم إصابتهم بالمرض أو لاكتشافه مُبكراً في حالة إن كانوا مُصابين به.
أعراض تعتبر مؤشراً لوجود مشاكل بالكلى
أوضح دكتور “أبو ضاهر” أن في المراحل الأولى للمرض ليس هناك أعراض ظاهرية ملموسة أو محسوسة، ولذلك تم تقسيم القصور في وظائف الكلى إلى خمسة أقسام.
القسم الأول والثاني يتم فيهما فحص ما يُسمى بـ (معدل الترشيح الكلوي GFR) بحيث يمكن من خلال هذا الفحص تحديد ما إذا كان هناك قصور في وظائف الكلى حيث أن في هذه المرحلة قد يكون الإنسان مُصاب ولكنه لا يشعر بأية أعراض.
ولكن مع تقدم المرض إلى مراحل تالية قد يشعر الإنسان بأعراض مثل: (الغثيان – تجمع الماء في الرئتين أو القدمين).
أما القسم الخامس والأخير فهو الذي يكون فيه المريض قد وصل إلى مرحلة متقدمة جداً من المرض مما يستلزم إجراء جلسات الغسيل الكلوي.
حالات يُمكن أن تُعالج الكُلية لتعاود ممارسة وظائفها بشكلٍ طبيعي
أوضح “الطبيب الضيف” أن هناك فرق بين الفشل الكلوي الحاد وبين القصور الكلوي المزمن. في حالات الفشل الكلوي الحاد على سبيل المثال في حالات الإصابة بالحصوات فالحصوة تؤدي إلى انسداد الحالب وبالتالي لا تسمح بخروج البول والفضلات، ففي هذه الحالة يتم التدخل لإزالة هذه الحصوة عن طريق عملية جراحية أو عن طريق تفتيتها بواسطة الإشعاع.
وأما في حالات القصور الكلوي المزمن الناتجة عن مرض السكري على سبيل المثال فيكون الهدف من العلاج هو إيقاف تطور القصور إلى مراحل أكثر تعقيداً.
ولكن أن تعود الكلى لتقوم بوظائفها على الوجه الأكمل بشكل طبيعي فهذا من الأمور التي يصعُب تحقيقها.
أضاف “د. رأفت” موضحاً أن القصور الكلوي المزمن عادةً ما يُصيب الكُليتين خاصةً إذا كان السبب من وراءه مرض (مثل: السكري – ارتفاع ضغط الدم)، وهناك أمراض (مثل: انسداد الشريان المُغذي للكُلى) تؤدي إلى قصور في طرف واحد من الكُلية.
في حالة إصابة أحد طرفي الكلى فقط يمكن للمريض أن يمارس حياته بشكل طبيعي أما إذا أُصيب كلا الطرفين ففي هذه الحالة فسيحتاج المريض أن يخضع إلى جلسات غسيل الكلى.
أكد دكتور “أبو ضاهر” أن الإصابة بالفشل الكلوي الحاد قد تُعتبر مؤشراً لاحتمالية الإصابة بالقصور الكلوي المُزمن مستقبلاً، حيث أن الفشل الكلوي الحاد قد يتحول إلى قصور كُلوي مزمن وذلك في حال إذا ما أهملنا علاجه وظل البول في الكُلية لفترة زمنية طويلة مما يخلق جو مناسب لنمو البكتيريا والإصابة بالالتهابات.
العلاج الأمثل لحالات القصور الكلوي المُزمن
أوضح “الطبيب الضيف” أن العلاج يعتمد على المرحلة التي قد وصل إليها المرض، وأن أهم شيء هو أن يحرص مريض السكري على الحفاظ على نسبة السكر في المعدل الطبيعي المنضبط، وكذلك الحال بالنسبة لمرضى ارتفاع ضغط الدم.
أما في حال إذا وصل المرض إلى مراحله الأخيرة فليس هناك سوى جلسات غسيل الكلى. ولكن يبقى الحل الأمثل لكل مريض كُلى هو زرع الكُلية إذا كان متاحاً.