ما هو تصلب الشرايين؟
قال”د. أمير ملكاوي” استشاري جراحة الأوعية الدموية التداخلية. من المعلوم للجميع أن الشرايين عبارة عن أنبوب يقوم بنقل الدم من القلب إلى كافة أجزاء الجسم من الدماغ وحتى أطراف الأصابع، وهذا الدم المنقول يحمل معه الأكسجين والمغذيات الضرورية لحياة أعضاء الجسم.
أما تصلب الشرايين فهو مرض يُصيب جدار الوعاء الدموي فينتج عنه حدوث ترسبات دهنية، هذه الترسبات تزيد من سماكة الجدار ومن ثَم يضيق قُطر الشريان، وهو الأمر الذي يتبعه بالضرورة ضعف قدرة الشريان على نقل الدم إلى الأعضاء الواصل إليها، وقد يتطور المرض لدرجات أشد حدة فيحدث إنسداد كامل للشريان، وهذا الإنسداد يؤدي حتماً إلى نقص التروية الدموية للأعضاء والأطراف، ويتبع نقص التروية الدموية شلل كامل في الأطراف المصابة بها، وإن كان الأغلب في الإصابة بنقص التروية هو إصابة الساقين.
ما أبرز أسباب الإصابة بتصلب الشرايين؟
أشار “د. ملكاوي” إلى أن مرض تصلب الشرايين (Peripheral arterial disease) يعد من الأمراض الأكثر شيوعاً وإنتشاراً في المجتمعات العربية، ويرجع هذا الإنتشار الكثيف إلى مجموعة من الأسباب تنقسم في مجملها إلى قسمين هما:
أسباب لا يمكن التحكم فيها، وأهمها:
• التقدم في العمر: حيث تزداد فرص الإصابة بتصلب الشرايين في المراحل العمرية الأكبر من سن الأربعين.
• الجنس: حيث تزيد نسب الإصابة بتصلب الشرايين بين الرجال مقارنة بالنساء.
• الوراثة: حيث أن وجود تاريخ للعائلة مع المرض يسمح بزيادة فرص الإصابة به بين أفرادها.
الإصابة بأمراض المزمنة: حيث تزداد فرص الإصابة بتصلب الشرايين بين مرضى السكري والضغط مقارنةً بغيرهم من الأصحاء.
أسباب يمكن التحكم فيها، وأهمها:
• التدخين: حيث يعتبر عامل رئيسي في الإصابة بتصلب الشرايين.
• نمط الحياة: ويتمثل في الكسل وعدم الحركة وإغفال ممارسة الأنشطة البدنية.
• الإصابة بالسمنة: حيث أن من أسبابها تناول الدهون والغذاء الضار، وهي الأغذية التي تزيد من فرص الإصابة بتصلب الشرايين.
• إهمال علاج أمراض الضغط والسكري وبالتالي عدم التحكم فيهما.
ما هي أهم أعراض تصلب الشرايين؟
نبّه “د. أمير” على أن أغلب مرضى تصلب الشرايين يصابون به بشكل مفاجئ دون ظهور أعراض قبلية، وهذا لا ينفي أن جزء من المرضى تظهر عليهم بعض المؤشرات الدالة على قرب الإصابة بتصلب الشرايين، ومن أمثلة هذه المؤشرات:
• ثقل الحركة.
• الإصابة بتقلصات في باطن القدم، وكذلك الإصابة بشد عضلي في الساقين مع المشي الخفيف.
• وجع عام ودائم.
• ظهور متكرر للتقرحات والإلتهابات بالساقين.
ما أنجع أساليب الوقاية من الإصابة بتصلب الشرايين؟
بالنسبة للأشخاص المتوافر عندهم أسباب الإصابة التي لا يمكن التحكم فيها يتوجب عليهم اللجوء إلى الفحص الدوري بمعرفة الطبيب المتخصص، حيث أنه من خلال بعض الفحوصات المتخصصة مثل فحص الألترا ساوند وفحص التروية يمكن الكشف مبكراً عن المرض ومن ثَم التدخل الفوري لمنع تطوره وإشتداده.
أما أفضل طرق الوقاية لكافة الناس فتتمثل في الإقلاع عن التدخين وإتباع النظام الغذائي الصحي والمتوازن وممارسة الأنشطة الرياضية ولو لثلاثة مرات أسبوعياً.
كيف يُعالَج تصلب الشرايين؟
أردف “د. أمير” قائلاً: لابد من التنبيه أولاً على أن بعض الأشخاص يحتاجون إلى الأدوية المميعة للدم أو أدوية علاج الكوليسترول حتى وإن لم تظهر عليهم أعراض تصلب الشرايين، ويكون الهدف هنا هو المحافظة على صحتهم وتفادي المرض مستقبلاً، وبالطبع لا توصف مثل هذه الأدوية بدون الإلتزام بالفحص الدوري.
أما إذا وقعت الإصابة بالفعل وبدأ المريض يعاني من إنسداد بالشريان فهنا يتوجب العلاج، وعلاج تصلب الشرايين يأخذ واحدة من الطريقتين الآتيتين:
الجراحة: والجراحة هي الطريقة القديمة لعلاج تصلب الشرايين، وتهدف العمليات الجراحية هنا إلى تحويل مسار الدم من نقطة قبل الإنسداد إلى نقطة بعد نهاية الإنسداد، أي يتم خلق مسار جديد للدم يلتف حول الجزء الذي تم إنسداده داخل الشريان، وبذلك يستمر الدم في التدفق إلى العضو، وبالتالي يتم علاج نقص التروية الدموية.
القسطرة: أشار “د. أمير” إلى أن السنوات الخمسة عشر الأخيرة شهدت تطوراً تكنولوجياً هائلاً في علاج تصلب الشرايين، وتمثل هذا التطور في ظهور القسطرة، والقسطرة عبارة عن الدخول إلى الشريان بأنبوب رفيع من خلال فتحة صغيرة وبدون جراحة وتحت التخدير الموضوعي، ثم من خلال هذا الأنبوب الرفيع يتم إدخال بالون غير معبأ بالهواء حتى الوصول إلى موضع الإنسداد، وبعد الوصول يتم نفخ البالون مما يؤدي إلى تكسير الترسبات التي ضيقت الشريان وبالتالي يتسع وينفتح كما هو حاله الأول قبل المرض.
والجدير بالذكر أن علاج الكثير من الحالات المرضية بالقسطرة يحتاج أيضاً إلى تركيب دعامات معدنية إسطوانية الشكل وذات مرونة كبيرة داخل الشريان، مع الإبقاء على هذه الدعامات داخل الشريان لفترة زمنية ما بعد العملية، ويرجع ذلك إلى تفادي عودة الإنسداد مرة أخرى.
وتابع “د. أمير” قائلاً: وهذه الطريقة في العلاج تعتبر من أحدث التطورات العلاجية التي لم تكن موجودة في السابق، ويتميز العلاج بالقسطرة بتجنيب المريض أوجاع الجراحات التقليدية، كما أن القسطرة تساعد على علاج عدد أكبر من المرضى في اليوم الواحد.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه من التطورات العلاجية الأخرى إمكانية إستخدام الليزر في تكسير الإنسدادات داخل الشرايين، ومن ثَم سحب هذه الترسبات إلى خارج الجسم.
واختتم “د. أمير” حديثه بالتأكيد على أن تحديد طريقة علاج تصلب الشرايين يتحكم فيه طبيعة الحالة المرضية، فلا أفضلية لطريقة علاجية على أخرى، ولكن المحدد الرئيسي للطريقة العلاجية المستخدمة سواءً كانت الجراحة أو القسطرة أو الليزر هو تشخيص الطبيب وتحديده الدقيق لسوء الحالة المرضية.