ما هو الشلل النصفي؟
قال “د. حسان خير الدين” طبيب العلاج الفيزيائي وتأهيل أمراض الدماغ والأعصاب. الشلل النصفي يحدث بسبب أن الجهاز العصبي يتألف من المخ حيث يعتبر الجهاز العصبي المركزي، وكذلك الأعصاب الخارجة منه والتي تتحكم بالأطراف وتُعرف باسم الجهاز العصبي اللامركزي.
وحال الإصابة بالجلطات الدماغية بأنواعها أو النزيف الدماغي تؤدي إلى الإصابة بالشلل الدماغي، والشلل الدماغي هو فقدان السيطرة على الأطراف وجزء من الوجه، كنتيجة مباشرة للخلل الوظيفي في التحكم في الإشارات العصبية الخارجة من المخ إلى الطرف المصاب عبر الأعصاب، بما يلغي التحكم الإرادي فيه.
ووصف الشلل الحاصل في الجسم بالنصفي لإصابة الجلطة لفَص دماغي واحد مُعاكس للأطراف المشلولة، فالجلطة في فص الدماغ الأيسر تؤدي إلى شلل أطراف الجسم اليمنى، والعكس صحيح، ويُستثنى من ذلك شلل الوجه، فهو يتماشي مع الفص الدماغي المصاب بالجلطة، الأيمن بنصف الوجه الأيمن، والأيسر بالأيسر. وهذا هو التوصيف الطبي البسيط لمعنى كلمة شلل نصفي.
ما أبرز أسباب الإصابة بالشلل النصفي؟
أكد “د. حسان” على تعدد أسباب الإصابة بالجلطات الدماغية التي ينتج عنها بالتبعية الإصابة بالشلل النصفي، وأهمها:
النمط الغذائي الغير صحي الذي يؤدي إلى إرتفاع معدلات الكوليسترول بالدم، سواء عانى مريض الشلل من البدانة أم لا.
الإصابة بإرتفاع ضغط الدم، حيث أن الإرتفاع المفاجيء لضغط الدم قد يؤدي إلى أنواع معينة من النزيف الدماغي.
التعرض لصدمة قوية بالرأس، مثل حوادث السيارات، حيث يحدث نزيف داخلي في الدماغ يضغط على مناطق تحكمية دماغية معينة. ونشير هنا إلى أن الدماغ مقسمة إلى مناطق تحكم متعددة، تختص كل منطقة بالتحكم في وظيفة جسدية ما، كمناطق التحكم في الفهم أو النظر أو اللغة أو الحركة. وحسب قرب مكان النزيف من منطقة تحكم ما، تظهر الأعراض على الوظائف التي تتحكم فيها هذه المنطقة الدماغية.
الإصابة بالأورام الدماغية، فهي من أسباب الشلل الدماغي ومنه إلى الشلل النصفي.
هل خلل نمو الدماغ عند الأجنة والأطفال من أسباب الإصابة بالشلل النصفي؟
مشكلات نقص الأكسجين في الدماغ عند الأجنة أثناء الولادة لا تؤدي إلى الشلل النصفي في العادة، لكنها تؤدي إلى فقدان السيطرة وشلل في الأطراف الأربعة جميعًا أو الأطراف السفلية فقط.
يُعول كثيرًا على معدلات الدهون في الدم في توقع حدوث الجلطات، وسواء ارتفعت نسبة الكوليسترول في الدم أم لم ترتفع من الأولى المحافظة على الوزن المثالي للجسم بإتباع أنظمة غذائية متوازنة.
هل يمكن إستبدال الخلايا التالفة بالدماغ بفعل الجلطات بأخرى سليمة بالعلاج؟
أشار “د. حسان” إلى أن الخلايا الدماغية التالفة بفعل الجلطات والنزيف لا يمكن إستعادة صحتها أو تبديلها مرة أخرى، حيث خلق الله تعالى الدماغ وجعل فيها ألف مليار خلية، وعند تلف أو إصابة أيًا منها لا يمكن إستعادتها مرة أخرى.
ما أهم الأعراض الدالة على الإصابة بالشلل النصفي؟
تختلف أعراض الجلطة الدماغية باختلاف مكان حدوث الجلطة في الدماغ، ويمكن إجمال بعض الأعراض التي تشير في مجموعها لإصابة منطقة ما في الدماغ بالجلطة في الآتي:
الشعور بفقدان أحد الأطراف، فلا يشعر المريض بوجود الطرف المصاب بالشلل ولا يستطيع تحريكه.
ظهور أعراض إنخفاض وميل أحد نصفي الوجه مع الفم إلى أسفل.
ظهور مشكلات بالنطق أو الفهم أو النظر عند حدوث الجلطة الدماغية في أماكن قريبة من مراكز التحكم في أداء هذه الوظائف الحيوية.
تتشابه أعراض الشلل النصفي مع أعراض أمراض أخرى، حيث أن نقص معدلات سكر الدم يؤدي إلى ظهور أعراض على الوجه والأطراف شبيهه بأعراض الشلل النصفي.
لماذا يُصاب بعض الأفراد بالشلل النصفي أثناء النوم رغم حالتهم النفسية الجيدة قبله؟
يُعرف مرض ضغط الدم باسم القاتل الصامت، حيث يتطور إلى نزيف بالدماغ دون أدنى شعور من مريضه. كذلك بعض الحالات التي أُجريت لها تدخلات جراحية يُطلب منها الإلتزام بأدوية لتسييل الدم لمنع تكون الجلطات بعد الجراحة، إلا أنهم يهملون هذا الصنف الدوائي، فتتكون جلطة معينة بأحد الأطراف ومنها إلى الدماغ أثناء النوم، ليستيقظ على إصابة كاملة بشلل نصفي.
ما هي الشريحة العمرية الأكثر عُرضة للإصابة بالشلل النصفي؟
أشارت آخر الإحصائيات العالمية (عام 2015م) إلى أن عدد المصابين بالشلل النصفي في العالم يقدر بـ 42.3 مليون حالة، من ضمنهم 6.3 مليون حالة أدى بها الشلل النصفي إلى الوفاة مباشرة، من هنا اعتُبرت الجلطة الدماغية ثاني أكبر سبب للوفاة بعد الجلطات القلبية. وطبقًا لهذه الإحصائية العالمية فإن ثلثي المصابين بالشلل النصفي هم في عمر الستين وما فوقه.
هل تتشابه أمراض الجلطة الدماغية والتصلب اللويحي من الناحية الطبية؟
أردف “د. حسان” الجلطة الدماغية تُصيب منطقة معينة من الدماغ، أما مرض التصلب اللويحي فيُصيب كامل مناطق الدماغ، حيث يقاتل الجسم بالخطأ خلايا الدماغ الخاصة، فتنفجر المادة المغلفة للأعصاب وتنتشر في الدماغ محدثة ثقوب في المنطقة البيضاء بالدماغ.
مما يؤدي إلى فقدان السيطرة على كل الأطراف، بل وفقدان السيطرة على كل وظائف الجسم كالتنفس وحركة الجسم والنطق والتبول والإحساس، تبعًا لأن الدماغ تتحكم في كل وظائف الجسم، وخللها بالكامل يؤدي إلى الخلل الوظيفي في أعضاء الجسم كله.
ومرض التصلب اللويحي لا تعرف أسبابه المباشرة، وإن أرجعته بعض الدراسات إلى التلوث الكيميائي والإشعاعي والهرموني المحيط بالإنسان في الماء والهواء والأغذية، مثله في ذلك مثل العديد من الأورام السرطانية، وهذا التلوث هو الذي يزيد من تسارع تقسيم الخلايا.
ما أهم الأساليب الوقائية لتفادي حدوث الجلطات؟
الباعث على الأمل أن نسبة كبيرة من مصابي الشلل النصفي لا يؤدي بهم المرض إلى الموت.
وتتجمع دائمًا الأساليب الوقائية مع الأساليب العلاجية لتفادي حدوث الجلطات الدماغية من ناحية، ولتقليل أخطارها وأعراضها على الجسم، ويمكن إجمال الطرق العلاجية المشتملة على الطرق الوقائية أيضًا في الآتي:
تناول الأسبرين بوصفة طبية وتحت إشراف الطبيب، لتسييل الدم ومنع تكون الجلطات.
إتباع حميات غذائية بعيدة عن الأطعمة الغنية بالدهون مع ممارسة التمارين الرياضية لتقليل معدلات الدهون في الدم.
تجنب أو التخفيف من الضغط العصبي والنفسي، بتقليل عدد ساعات العمل مثلًا واللجوء إلى الراحة والإسترخاء.
عدم التهاون في إتمام الفحوصات المخبرية الضرورية بعد الإصابة بالجلطات.
تنظيم الجرعات الدوائية وعدم إهمال تناولها.
توجد الآن بعض العلاجات الحديثة التي تساعد في إذابة الجلطة – حال إكتشافها مبكرًا – لإستعادة تدفق الدم في المنطقة التي تكونت فيها الجلطة وقامت بقطع إمدادات الدم إليها، بما يساهم في إنعاش الخلايا وعدم موتها.
الإهتمام بالبدء في العلاج الفيزيائي بعد الإصابة بالجلطة مباشرة، حيث أنه إجراء يقي من إلتصاق الطرف العلوي بالجسم وتصلبه، وكذلك يقي من تصلب الأطراف السفلية بالوضعية التي قد لا تسمح بالحركة والمشي مستقبلًا. كما أن توقف الطرف عن الحركة كليًا يؤدي بالضرورة إلى ضعفه وتكلسه، وهنا يأتي الدور المهم للتمرينات الرياضية العلاجية للمحافظة على ليونة المفصل وقوة الأربطة المحيطة بالعضلات.
الإهتمام بمتابعة جلسات التنبيه الكهربائي لمداخل الأعصاب الرئيسية في الأجزاء المصابة بالشلل في الوجه، لأنها تفيد في إستعادة الحركة الطبيعية للعضلات التعبيرية في الوجه، بجانب التمارين الحركية التي يمارسها المريض بنفسه أمام المرآة.
إلى أي مدى تساعد الحالة النفسية للمريض في العلاج من الشلل النصفي ؟
الحالة النفسية الجيدة للمريض وذويه تنعكس إيجابيًا على رغبته في العلاج والتعاون مع الفريق الطبي المعالج، فكثير من حالات الجلطات الدماغية البسيطة تفاقمت وتعقدت أعراضها لعدم تعاون المريض في العلاج لسوء حالته النفسية. من هنا يتضح تأثير الحالة النفسية للمريض في إستعادة القدرة الحركية للجزء المصاب من الجسم.
ومع بعض الحالات النفسية المتأزمة لمرضى الشلل قد يلجأ الطبيب المعالج إلى ضم طبيب نفسي إلى فريق العمل لفحص مريض الشلل نفسيًا وعلاجه قبل البدء في العلاجات الفيزيائية والدوائية، لتسريع تقبله للعلاج، وتعاونه مع المعالجين، والذي ينعكس حتمًا على إحراز النتائج المرجوة بإستعادة أجزاء من الحركة والتخفيف من حدة أعراض الشلل.