ماذا نعني بتكيس المبايض؟
الإصابة بتكيس المبايض ليس مرضً بالأساس، لكنه مجموعة من الظواهر والأعراض التي لم ترتقي لدرجة اعتبارها مرض. وتنتج هذه الأعراض والظواهر عن خلل في عمل المبيض، يؤدي إلى خلل هرموني، وهذا الأخير يؤدي بدوره إلى مجموعة من المشكلات والأعراض عند النساء، هذه الأعراض يمكن إجمالها في أربعة نقاط هي:
عدم إنتظام الدورة الشهرية، وغالبًا ما يكون عدم الإنتظام هذا على شكل تأخير في الدورة الشهرية.
زيادة الوزن.
زيادة شعر الجسم، مع زيادة ظهور البثور والحبوب على الجسم.
تأخير في الحمل.
ويُعد الإصابة بتكيس المبايض مشكلة كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، لأنه يُصيب عدد كبير من النساء، حيث أشارت الإحصائيات إلى إصابة 20% من النساء في الشرق الأوسط بتكيس المبايض.
وتجدر الإشارة هنا إلى التفريق بين كيس المبيض وتكيس المبيض، فكيس المبيض هو عبارة عن بويضة زاد حجمها كثيرًا وتحولت إلى فقاعة من الماء داخل المبيض، وأحيانًا قد تحتوي على الدم أو أي سائل آخر. أما تكيس المبيض فهو عبارة عن تضخم حجم المبيض، نتيجة لوجود بويضات كثيرة متوسطة الحجم.
ما هي أسباب الإصابة بتكيس المبايض؟
أكد “د. عدوان البرغوثي” استشاري الجراحة النسائية والتوليد. أنه إلى الآن لم يُعرف السبب المباشر في الإصابة بتكيس المبايض، لكن بعض الدراسات البحثية أثبتت علاقة وجوده بخلل جيني وراثي، لذلك غالبًا ما تنحصر الإصابة به بين أصحاب البشرة القمحية أكثر من أصحاب البشرة البيضاء، وقد يُعد هذا دليل على إنتشاره بكثرة بين النساء في المنطقة العربية.
هل خلل الهرمونات يؤدي إلى الإصابة بتكيس المبايض، أم العكس؟
الإصابة بتكيس المبايض هو عبارة عن خلل هرموني. والمبيض عمليًا عضو له عدة مهام في جسم المرأة، ومهمته الأساسية هي إنتاج البويضة، لذلك من الطبيعي أن ينتج أحد المبيضين بويضة كل شهر، وهذه البويضة من الممكن أن تُلقح ويحدث الحمل، أو أن لا يتم تلقيحها وبالتالي تكون مسئولة عن إنتظام الدورة الشهرية.
وعملية التبويض تلك تُعطي مستوى معين من الهرمونات، وبخاصة هرموني الإستروجين والبروجيسترون في الجسم، وهما من الهرمونات التي تُنظم الدورة الشهرية من ناحية، وقد تؤدي إلى حمل من ناحية أخرى.
وعند الإصابة بتكيس المبايض يحدث اضطراب في عملية التبويض، حيث يتوقف المبيض عن التبويض لكبر حجمه، رغم وجود عدد كبير من البويضات بداخله، لكن كلها بويضات غير ناضجة ومتوسطة الحجم.
حيث يتوقف تطورها ونموها في مرحلة معينة، مما يؤدي إلى تجمدها وبدء إفراز هرمونات ذكورية أكثر من الهرمونات الأنثوية، وهذا السبب في ظهور بعض الأعراض الذكورية عند النساء المُصابات بتكيس المبايض لزيادة نسبة هرمون التيستستيرون.
ومن هذه الأعراض الذكورية:
زيادة نمو الشعر على المناطق الجسمانية المفروض عدم نمو الشعر عليها عند النساء مثل الوجه والظهر والصدر.
الظهور الكثيف للبثور والحبوب على الوجه، وكذلك باقي الأعراض الشبابية، ويكون ذلك بفعل زيادة هرمونات الذكورة الناتج عن اضطراب عملية التبويض.
زيادة حجم عضلات الجسم، وخاصة عضلات الكتفين، حيث يُلاحظ البنية الذكورية للنساء المُصابات بتكيس المبايض، والمتمثلة في الكتف العريض والحوض الصغير.
ويرجع كل ما سبق إلى توقف عملية التبويض، مع إفراز هرمونات الذكورة من البويضات المتجمدة المُشار إليها. لذلك يتأخر الحمل، ويختل إنتظام الدورة الشهرية.
هل يختلف الإصابة بتكيس المبايض من حيث الشدة؟
أشار “د. البرغوثي” إلى أن الإصابة بتكيس المبايض له ثلاث مستويات من حيث شدة التكيس. والمستوى الخفيف من التكيس هو الغير مُلاحظ للسيدات المُصابات به، لقلة إفراز الهرمونات الذكورية من البويضات المتجمدة.
ويتم إكتشافه بالفحص الهرموني أو بالأشعة التليفزيونية. وهذا المستوى من التكيس لا يؤدي إلى خلل في الدورة الشهرية أو خلل في الحمل، وكذلك لا يؤدي إلى خلل في الناحية الجمالية عند المرأة. أما المستويات الأخرى المتوسطة والشديدة ظاهرة الأعراض جدًا، وبالتالي تلجأ النساء معها فورًا لمتابعة الطبيب.
هل تُشخص حالة الإصابة بتكيس المبايض بناءً على تأخر الدورة الشهرية؟
واقعيًا توجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى عدم إنتظام الدورة الشهرية، لكن عدم الإنتظام الذي يُصاحبه زيادة في الوزن وتباعد الفترة الزمنية في حدوث الدورة الشهرية وكذلك زيادة في أعراض الذكورة، فهذا يعني وجود ملامح للإصابة بتكيس المبايض، تتطلب إجراء الفحوصات الهرمونية، مع عمل الفحص التليفزيوني للتعرف على قياسات ومقاسات المبيض.
لذلك دائمًا ما تُنصح البنات المصابات بخلل في الدورة الشهرية بمتابعة الطبيب فورًا، لأنه قد يكون وراء عدم إنتظام الدورة إما تكيس في المبايض أو كيس على المبيض أو خلل معين في عمل المبيض أو خلل في الغدد المساعدة لعمل الجهاز التناسلي مثل الغدة الدرقية أو الغدة الحليبية أو الغدة النُخامية… إلى آخره.
هل يختلف علاج تكيس المبيض بين البكر والمتزوجات؟
أردف د. عدوان قائلًا: قديمًا كان علاج الإصابة بتكيس المبايض الوحيد هو إجراء عمليات جراحية لإستئصال جزء من المبيض، أو عمليات بالمنظار لتثقيب المبيض وفقع البويضات التي بداخله بإستخدام إبرة كهربائية، وبالتالي التقليل من عدد البويضات الموجودة بداخله، تقليل العدد هذا يؤدي بدوره إلى إنخفاض كميات الهرمونات الذكورية المُفرزة، مما يقضي على المشكلة ولكن بشكل جزئي، لأنه غالبًا ما تعود البويضات مرة أخرة في التجمد والتواجد بكميات كبيرة داخل المبيض بعد ثلاثة أو أربعة أشهر.
وبناءًا على ما سبق جاءت التوصيات الصحية من المنظمات والجمعيات العالمية المتخصصة في أمراض النساء بالإبتعاد عن التدخل الجراحي، والإعتماد على العلاج الدوائي المقرر عالميًا، وهي أدوية لها علاقة بتخفيض مستوى السكر في الدم مثل الأدوية المُعالجة لمرض السكري، نظرًا لإثبات العلاقة بين تكيس المبايض وبين تبادل السكر داخل الجسم، لذلك تعتبر مُصابات تكيس المبايض أكثر عُرضة للإصابة بمرض السكري مستقبلًا.
كذلك من أبرز الإجراءات العلاجية لتكيس المبايض هو إنقاص الوزن حال الإصابة به بمشورة أخصائي التغذية، لأنه من الضروري تغيير النمط الحياتي والغذائي لمريضة تكيس المبايض، هذا التغيير يكون بممارسة الرياضة وإتباع نظام غذائي صحي ومتوازن، للخروج من الحلقة المُفرغة بأن زيادة الوزن يؤدي إلى الإصابة بتكيس المبايض، وتكيس المبايض يؤدي إلى زيادة الوزن وهكذا.
والخلاصة أن نجاح علاج الإصابة بتكيس المبايض يتوقف على تنفيذ المثلث العلاجي المشترك بين الأدوية العلاجية للتكيس والنظام الرياضي والنظام الغذائي. ونُشير إلى أنه برنامج علاجي بطيء ظهور النتائج نوعًا ما، حيث يحتاج من ثلاثة إلى ستة أشهر لبدء ظهور النتائج، لكن مع الإلتزام به وعدم التهاون في تنفيذ تفاصيله يُعطي نتائج رائعة.
ونادرًا ما نواجه حالات لا تُعطي أية إستجابة لهذا البرنامج العلاجي، وحينها نضطر للتدخل الجراحي بالكيفية التي تم ذكرها والتي كانت مُستخدمة بكثرة في الماضي.
هل يمكن الإصابة بتكيس المبايض دون ظهور أعراض؟
يوجد نوع من تكيس المبايض لا تظهر معه أيًا من العلامات والأعراض المُشار إليها، فلا تظهر أعراض ذكورية ولا خلل في الدورة الشهرية ولا زيادة في الوزن. وباعتبار أن تكيس المبايض لا يُصنف باعتباره مرض.
فإذا لم يُحدث الأعراض المذكورة فلا داعي لعلاجه. أما إذا تسبب التكيس في ظهور واحد أو أكثر من الأعراض المذكورة فمن الضرورة علاجه للتخلص من الأعراض الظاهرة، وبخاصة عند الراغبات في الحمل والولادة.
هل توجد علاقة بين الإصابة بتكيس المبايض والإصابة بالعقم عند السيدات مستقبلًا؟
أوضح د. عدوان أنه بكل تأكيد توجد علاقة مباشرة وقوية بين تكيس المبايض وعدم القدرة على الحمل والإنجاب، والمُشاهَد واقعيًا في العيادات الطبية لجوء النساء والفتيات لعلاج تكيس المبايض للرغبة في الحمل لدى المتزوجات أو للخوف من عدم القدرة على الحمل مستقبلًا مع الفتيات.
لذلك يُفضل حال ظهور أعراض الإصابة بتكيس المبايض عند الفتيات في مرحلة ما قبل الزواج أن يبدأن العلاج مبكرًا، لأن العلاج المبكر يساهم في حل معظم المشكلة قبل الزواج بفترة كافية، وبالتالي إمكانية حدوث الحمل بعد الزواج بقليل. في حين أن إهمال العلاج لما بعد الزواج قد يتطلب فترات زمنية طويلة، وبالضرورة عدم القدرة على الحمل والإنجاب خلال كل تلك الفترة.
ما أسباب نزيف الدم من الثديين؟
تتعدد أسباب حدوث نزيف للدم من الثديين، لذلك يُفضل الفحص بالموجات فوق الصوتية (الألترا ساوند) في عيادة طبيب النساء والتوليد للوقوف على السبب المباشر والفعلي للنزيف.
هل يتسبب تكيس المبايض في ظهور مضاعفات صحية أخرى؟
عمليًا تعتبر المشكلة الجمالية والصحة الإنجابية من أبرز المشكلات المزعجة للمصابات بتكيس المبايض من السيدات. كذلك وكما ذكرنا قد يكون تكيس المبايض سبب رئيسي في الإصابة بمرض السكري.
من هنا يمكننا القول أن إهمال علاج تكيس المبايض سيؤدي حتمًا إلى مضاعفات صحية أكبر، لكن لا توجد مضاعفات لعلاج وأدوية تكيس المبايض نفسها.
هل يعتبر إنجاب الطفل الأول مؤشر على الشفاء التام من تكيس المبايض؟
شدد د. البرغوثي على أنه وللأسف الشديد لا يوجد علاج نهائي لتكيس المبايض، تبعًا لأن له أصل جيني ووراثي، وبالتالي كل الحديث الدائر عن العلاج هو حديث عن علاج الظواهر والأعراض التي تنتج مع التكيس.
لا عن علاج تكيس المبايض نفسه. لأنه سيظل موجودًا داخل جسم الأنثى، والعلاج هدفه تقليل حدة الأعراض التي يُسببها التكيس الموجود في جسمها.
وقد يتسبب الحمل والإنجاب الأول في تسهيل عمليات الحمل والإنجاب التالية لتعديل معدلات ومستويات إفراز الهرمونات في جسم المرأة بفعل الحمل والوضع والرضاعة، ولكن لا يُعد ذلك شرطًا ملزمًا، لإمكانية عودة ظهور المشكلة مرة أخرى.
كذلك مع حالات الإصابة بتكيس المبايض المتوسط والشديد من الممكن اللجوء لتنفيذ بعض الإجراءات المساعدة على الحمل مثل الحقن المجهري وأطفال الأنابيب، فجزء كبير من الحالات التي تمت معها إستخدام تقنية أطفال الأنابيب هو إصابة الأم بتكيس المبيض في درجته المتوسطة أو الشديدة. مع العلم بوجود بروتوكول علاجي خاص بحالات تكيس المبايض الشديد عند تنفيذ تقنية أطفال الأنابيب.
لتجنب الأثر المضاعف لحقن تنشيط المبايض، حيث قد ينتج عن زيادة نشاط المبايض بفعل هذه الحقن إنتاج عدد كبير من البويضات، مع تجمع للسوائل وإنتفاخ البطن، وهو ما يُشكل خطورة على حياة الأم.
هل يتطلب علاج الإصابة بتكيس المبايض المتابعة المستمرة مع طبيب النساء مدى الحياة؟
هذا هو المفروض، فعلاج التكيس بعيد المدى الزمني، والمتابعة المستمرة مع الطبيب المتخصص تضمن السيطرة على الأعراض الناتجة وعدم تفاقمها.
كما تضمن التخلص من الأعراض الذكورية المزعجة للنساء والتي تقضي على الناحية الجمالية والأنثوية لديها، كما تضمن درء المشكلات الصحية في مراحل الحمل والإنجاب والرضاعة مستقبلًا، كما أن المتابعة المستمرة وقاية هامة من الإصابة من مرض السكري مستقبلًا.
وفي النهاية يجب الوعي بأن علاج الإصابة بتكيس المبايض طويل الفترة الزمنية، وقد يكون ممل أحيانًا، إلا أنه منخفض التكاليف المادية بدرجة كبيرة.
هل إستخدام حبوب منع الحمل لتنظيم الدورة الشهرية مفيد في علاج التكيس؟
لا ننصح أبدًا بإستخدام هذه الطريقة لتنظيم الدورة الشهرية، لأن الدورة الشهرية هنا عبارة عن دورة مُصطنعة بفعل حبوب منع الحمل، وليست دورة شهرية طبيعية، وفور التوقف عن تناول حبوب منع الحمل سيُكتشف الخلل الحقيقي لأنه موجود بالفعل ولم يتم معالجته، وبالتالي هو نوع من التنظيم المزيف للدورة الشهرية، لكن تكيس المبايض لم يُعالج أساسًا.
ما أبرز النصائح الطبية بخصوص حالة تكيس المبايض؟
الرسالة الأهم موجهه إلى الفتيات في عمر ما قبل الزواج، بضرورة ملاحظة أية زيادة غير طبيعية في الوزن، أو أية زيادة في كميات الشعر النابتة في مناطق جسمانية لا يصح نمو الشعر بكثافة فيها.
وكذلك ملاحظة أي خلل في إنتظام الدورة الشهرية، لأنها الأعراض التي تُمثل جرس الإنذار يستوجب متابعة الطبيب لإجراء الفحص الهرموني والفحص التليفزيوني للتأكد من الإصابة بتكيس المبايض من عدمه، لأن علاج الفتاة وهي بكر أبسط وأسهل، أما بعد الزواج ستدخل أطراف أخرى على الخط بما يمثل ضغط إجتماعي ونفسي عليها.