كيف نُفرق بين الصداع العادي والآلام المؤشرة للإصابة بأورام الرأس؟
قال “د. حسن متولي” أستاذ علاج الأورام. عادةً ما تستمر آلام الأورام السرطانية في أي جزء من أجزاء الجسم لفترات زمنية طويلة، ويعتبر ذلك هو أساس في التفريق بين الصداع وبين الألم المُعبِر عن احتمالية الإصابة بورم خبيث في الرأس، فالصداع العادي يظهر ويختفي بوسائل علاجية منزلية أو أدوية بسيطة، لكن الألم الناتج عن ورم بالرأس يدوم ويشتد ولا تنفعه الأدوية العادية، مع عدم وجود تفسير طبي واضح لسبب هذا الألم.
كما أن معظم أسباب الصداع بعيدة كل البعد عن مسببات الأورام السرطانية، فالصداع عادةً ما ينشأ تبعاً لخلل في النظر أو ارتفاع الضغط أو الإجهاد، كما أنه يكون في صورة نوبات، بينما ألم السرطان يستمر متواصلاً لفترات تتراوح بين ثلاثة أسابيع لشهر كامل، ومع الفحص لا يُعرف له سبب مرضي، فههنا يشك الطبيب في إحتمالية الإصابة بسرطان الرأس، ومن ثَم يقوم بتحويل الحالة المرضية لطبيب أورام متخصص لتأكيد الشك أو نفيه.
ما الفارق بين الأورام السرطانية في الرأس والأورام السرطانية في المخ؟
أكد “د. متولي” على أن الفارق شاسع بينهما، فأورام المخ بالعموم تتبع الجهاز العصبي، حيث إن التقسيم العلمي للأورام السرطانية يتم بناءً على تواجدها في الأعضاء، فالمخ يتبع الجهاز العصبي، وبالتالي أورامه السرطانية لا تمت بصلة لأورام الرأس والرقبة التي تتركز واقعياً في المنطقة ما بين أسفل العين إلى الطرف السفلي للرقبة، وعليه تُصيب أورام الرأس والرقبة أجزاء بعينها مثل اللثة واللسان والحنجرة والجيوب الأنفية والأذن، فأي ورم سرطاني في هذه المناطق يُصنف على أنه ورم بالرأس والرقبة، حيث تتشابه تلك الأورام – نوعاً ما – في كينونتها وطرق علاجها.
هل تتشابه كيفية استئصال الأورام من الرأس والرقبة مع استئصالها من باقي الجسم؟
بشكل عام لا تعتبر الجراحة الحل الأوحد لعلاج الأورام السرطانية أياً كان مكان تواجدها بالجسم، فجراحات استئصال الأورام السرطانية إما أن تكون جزء من الحل، وإما أن يكون لا حاجة لها ويتحقق الشفاء التام بدونها ومن خلال العلاج الكيماوي والإشعاعي.
وأضاف “د. حسن” قائلاً: وبالنسبة لأورام الرأس والرقبة تحديداً فإن الجراحة تلعب دوراً متأخراً في العلاج، نظراً لحساسية أماكن تواجد الأورام السرطانية، ولذلك يلجأ الأطباء إلى استئصال الأورام بالجراحة كحل أخير جداً، حيث يبدأ البرنامج العلاجي في العادة بالعلاج الكيميائي والإشعاعي لأنهما الأهم للتعافي من الأورام السرطانية بالرأس والرقبة، بينما تستخدم الجراحة في حالات بعينها، كما أن التطور الحالي للعلاج الإشعاعي للأورام السرطانية في الرأس والرقبة أتاح مزيد من الدقة، وهو ما تبعه قلة الآثار الجانبية وارتفاع معدلات الشفاء، ويُضاف إلى ذلك تطور العلاجات الكيميائية والبيولوجية، وبالتالي هذه المنظومة أصبحت تعطي نتائج علاجية مذهلة مما أدى إلى تراجع دور الجراحة بشكل كبير.
هل تتضاعف سرعة انتشار أورام الرأس والرقبة مقارنة بالأورام الأخرى؟
تكمن مشكلة الأورام السرطانية في الرأس والرقبة في حساسية المناطق المصابة بغض النظر عن سرعة انتشارها، فعلمياً لا فرق في معدلات الانتشار، لكن الخطورة تزيد مع أورام الرأس والرقبة بالمقارنة مع أنواع السرطانات الأخرى، وينتج ذلك من كون مناطق الرأس والرقبة صغيرة الحجم من ناحية، وقريبة من المخ من ناحية أخرى، وأبرز الأمثلة على ذلك الجيوب الأنفية القريبة جداً من المخ، وعليه تعد سرعة اكتشاف الورم في تلك المناطق وسرعة علاجه ذو ضرورة قصوى لتعزيز النتائج الإيجابية وتقليل الآثار الجانبية.
ما هي أحدث علاجات أورام الرأس والرقبة؟
أشار “د. حسن” إلى أن أحدث العلاجات لا تتمثل في ظهور علاجات جديدة، ولكنها تتمحور حول هو التطور المذهل الحاصل حالياً في كل علاجات الأورام السرطانية المعروفة سواءً العلاج الإشعاعي أو الكيماوي أو البيولوجي، فقديماً كان العلاج الإشعاعي – مثلاً – ثنائي الأبعاد ويُنفذ من خلال صندوق يدخل إليه المريض، ثم أخذ شكل حزمة الأشعة في التطور لتصبح ثلاثية الأبعاد لتأخذ نفس شكل الورم، هذا إلى جانب توفر إمكانية تغيير قوة الإشعاع الداخل إلى جسم المريض، وكل ذلك عزز من دقة توجيه الأشعة على العضو المصاب بالورم دون إصابة الأعضاء المحيطة.
كما أنه في السابق كان يستخدم العلاج الكيميائي كمساعد بجانب العلاج الإشعاعي، وهو الأمر الذي كانت تظهر معه مجموعة من الأعراض الجانبية التي تسبب معاناة للمريض، لكن الأحدث في هذا الجانب هو بدء استعمال العلاجات البيولوجية المنوط بها تقليل الأعراض الجانبية للعلاج الكيماوي وزيادة فاعلية العلاج الإشعاعي، ومن هنا ارتفعت نسب الشفاء من أورام الرأس والرقبة لتصبح من أعلى المعدلات مقارنة بأنواع أخرى من السرطانات.
ما مدى التشابه بين أعراض البرد وأعراض الإصابة بورم في الرأس أو الرقبة؟
الإصابة بالبرد من الأمور الشائعة بين كافة الناس، لكن لا يمكن أن تطول الإصابة به عن أسبوعين متواصلين، لكن عند زيادة الفترة الزمنية عن هذا المعدل، أو عند وجود بحّة مستمرة في الصوت، أو عند تحول نمط الصوت إلى الخشن الجهور مع الاستمرار؛ فههنا يُثار الشك في وجود خلل ما لا يتصل بالبرد وأعراضه، وهنا يأتي الدور على الطبيب المُعالِج ذو الكفاءة والضمير، لأن المطلوب منه حينها عدم التهاون أو الاستسهال في تدقيق وشمولية الفحص لمعرفة أغوار الحالة المرضية، حتى وإن استدعى الأمر فحص المريض بالمنظار أو الأشعات المتخصصة، لأن الفحص الجيد يحدد أصل المشكلة وهو ما يساهم في سرعة توجيه المريض إلى طبيب الأورام، أو نفي الشكوك واستبعاد فكرة الإصابة بالسرطان، فهذا مما يساعد في الكشف المبكر عن المرض ومن ثَم سهولة العلاج وسرعته.
ما مدى تأثير العلاج الإشعاعي على فقدان الصوت أو إتلاف الحنجرة؟
وأردف “د. حسن” العلاج الإشعاعي في أسابيع استخدامه الأولى لا يصحبه تأثيرات ملحوظة على الصوت أو قد يؤثر ولكن بدرجات طفيفة جداً، لكن في الأسابيع الأخيرة من البرنامج العلاجي فقد تظهر تأثيرات أكبر شدة على الصوت والبلع.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التأثيرات مع أنواع العلاجات الجديدة المتوفرة حالياً ما هي إلا تأثيرات مؤقتة ما تلبث أن تختفي بعد انتهاء البرنامج العلاجي بأسبوع أو أسبوعين على الأكثر ليعود المريض إلى طبيعته الأولى.
هل تطول مدة علاج أورام الرأس والرقبة عن مدة علاج الأورام الأخرى؟
على العكس تماماً، ففي العادة تحتاج أورام الرأس والرقبة لفترة زمنية أقصر للشفاء مقارنة بأنواع الأورام السرطانية الأخرى الت تُصيب أجزاء أخرى من الجسم، فمع أورام الرأس والرقبة يطول البرنامج العلاجي بالإشعاع لستة أو سبعة أسابيع بصفة يومية، أما الكيماوي فيؤخذ كمرة واحدة أسبوعياً أو كل أسبوعين، وهكذا الحال مع العلاج البيولوجي.
واختتم “د. حسن” والخلاصة أن المدة الزمنية للعلاج من أورام الرأس والرقبة تنحصر في سبعة أسابيع أو ما يزيد عنها قليلاً بما لا يتجاوز ثلاثة شهور، وهو معدل زمني منخفض مقارنة بأنواع أخرى من السرطان.