من الشائع بين الناس الاعتقاد بأن الشخص الذي يتناول الطعام بكميات كبيرة ولا يزداد وزنه هو شخص يمتلك قوى خارقة أو يتمتع بميزة غير طبيعية، لكن الحقيقة العلمية تقول عكس ذلك. وهي أن زيادة الوزن أو فقدانه يعتمد بشكل أساسي على معادلة التوازن بين الطاقة المكتسبة من الغذاء والطاقة المفقودة التي يستهلكها الجسم.
فعندما تكون الطاقة التي نحصل عليها من الطعام أقل من تلك التي يفقدها الجسم خلال الأنشطة اليومية، يبدأ الوزن بالتناقص تدريجيًا. والعكس صحيح؛ فإذا كانت الطاقة المكتسبة أكبر من الطاقة المفقودة، سيزداد الوزن.
ما هي النحافة؟ وهل هي أمر إيجابي أم سلبي؟
النحافة هي حالة تنتج عن اضطراب في مسار الطاقة داخل الجسم، سواء كان هذا الاضطراب بسبب نظام غذائي غير صحي، أو بسبب مشكلات داخلية تمنع الجسم من الاستفادة بشكل كامل من العناصر الغذائية الموجودة في الطعام. وعلى الرغم من أن البعض قد يراها ميزة، إلا أن النحافة ليست دائمًا أمرًا جيدًا، فهي قد تكون ضارة للصحة مثلها مثل السمنة.
الفرق الأساسي هنا هو أن الرشاقة شيء جميل وصحي يمنح الجسم مظهرًا متناسقًا ومريحًا، بينما النحافة المفرطة غالبًا ما تكون مصحوبة بمشاكل صحية قد تستدعي التدخل الطبي.
كيف نعرف إذا كنا نعاني من النحافة؟
لتحديد ما إذا كان الشخص يعاني من النحافة أم لا، يُستخدم مؤشر كتلة الجسم (BMI) وهو عبارة عن عملية حسابية بسيطة تساعدنا على تقييم ما إذا كان وزننا مناسبًا لطولنا. يمكن الحصول على هذا المؤشر من خلال تطبيقات الهاتف الذكية عن طريق إدخال الوزن والطول مع مراعاة استخدام وحدات القياس المتري (الكيلوغرام للطول والسنتيمتر للطول).
النتيجة تكون كالتالي:
- إذا كان المؤشر بين 18.5 و24.9 فهذا يعني أن الوزن طبيعي وصحي.
- إذا كان المؤشر أقل من 18.5 فهذا يعني أن الشخص يعاني من النحافة.
- إذا كان المؤشر بين 25 و29.9 فهذا يعني أن الشخص يعاني من زيادة في الوزن.
- إذا كان المؤشر 30 أو أكثر فهذا يشير إلى السمنة.
أسباب النحافة: نفسية وجسدية
يمكن تصنيف أسباب النحافة إلى قسمين رئيسيين:
الأسباب النفسية
تلعب العوامل النفسية دورًا كبيرًا في تحديد وزن الجسم، ومن أبرز هذه العوامل:
- الاكتئاب: عادة ما يرتبط بنقصان الشهية وبالتالي فقدان الوزن.
- القلق والتوتر الشديد: يؤديان إلى حرق سعرات حرارية بمعدل أعلى أو فقدان الشهية.
- فقدان الشهية العصابي (Anorexia Nervosa): وهو اضطراب نفسي يتمثل في الخوف الشديد من زيادة الوزن، مما يدفع الشخص إلى تقليل الطعام بشكل مفرط حتى لو كان وزنه أقل من الطبيعي بكثير. وهذا المرض من أخطر الاضطرابات النفسية المتعلقة بالوزن وقد يتطلب علاجًا نفسيًا وطبيًا متخصصًا.
هذه أيضًا ⇐ معلومات هامة عن السمنة والنحافة وأسباب كل منهما
الأسباب الجسدية
أما عن الأسباب الجسدية فهي متعددة، من بينها:
- زيادة معدل الأيض (التمثيل الغذائي):
- يُعرف الأيض بأنه العملية التي يتم فيها تحويل الطعام إلى طاقة. وعندما يكون معدل الأيض مرتفعًا، يحرق الجسم السعرات الحرارية بشكل سريع جدًا بحيث لا يتبقى شيء يُخزن كدهون، مما يؤدي إلى النحافة.
- من الأسباب الشائعة لزيادة الأيض هو فرط نشاط الغدة الدرقية، حيث تفرز الغدة هرمونات (مثل هرمون الثيروكسين T4 وهرمون ثلاثي يود الثيرونين T3) التي تنظم عملية الأيض. وعندما تُفرز هذه الهرمونات بكميات كبيرة يحدث اضطراب في عمليات الحرق وارتفاع معدل ضربات القلب ودرجة حرارة الجسم، مما يؤدي إلى فقدان الوزن بشكل مستمر حتى مع تناول كميات كبيرة من الطعام.
- الجنس والعمر وحجم الجسم:
- بشكل عام، يكون معدل الأيض عند الذكور أعلى منه عند الإناث، مما يجعلهم يحتاجون إلى سعرات حرارية أكثر يوميًا.
- كما يتأثر معدل الأيض أيضًا بالتقدم في السن وحجم الجسم، حيث يكون أسرع لدى الأفراد الأكبر حجمًا وأقل لدى من لديهم بنية أصغر.
- الأمراض المزمنة:
- هناك أمراض معينة تؤدي إلى النحافة بشكل دائم، مثل السكري في بعض الحالات خصوصًا عندما يُعاني المريض من مقاومة الأنسولين.
- أيضًا، يعتبر مرض السل من الأمراض المزمنة التي يتسبب فقدان الوزن أحد أبرز أعراضها.
- نقص الإنزيمات الهاضمة:
- يؤدي نقص هذه الإنزيمات إلى عدم هضم الطعام وامتصاصه بشكل صحيح، مما يُسبب انخفاضًا ملحوظًا في الوزن نتيجة ضعف استفادة الجسم من العناصر الغذائية الموجودة في الطعام.
هل كل حالة نحافة تستدعي القلق؟
من المهم التأكد من أن النحافة ليست دائمًا أمرًا سلبيًا. ففي بعض الأحيان تكون نتيجة عوامل وراثية أو نمط حياة نشط، ولكن عندما تكون مصحوبة بأعراض أخرى مثل التعب المستمر أو مشاكل في الهضم أو اضطرابات هرمونية، يجب استشارة الطبيب لتحديد السبب الحقيقي وتلقي العلاج المناسب.
الخلاصة
تُعد النحافة مشكلة صحية تستحق الاهتمام مثلها مثل السمنة. ومن الضروري التعامل معها بشكل علمي ودقيق من خلال التعرف على الأسباب الكامنة وراءها سواء كانت نفسية أو جسدية. الحلول متاحة دائمًا، لكن يتطلب الأمر تشخيصًا صحيحًا وإرادة في معالجة المشكلة بطريقة صحية.